إلى أبي…
ذلك الرجل الأبي صاحب القلب النقي والحضن الدافئ
أعلم أن كل قول لا يساوي نظرة عطف واحتواء غمرتنا بها ولكن ماذا أفعل؟
على الأقل سأبوح ببعض ما يكمن في مكامن أحشائي الجريحة التى جرحتها وقطعتها لحظات البعد عنك يا أبي..
هل تعلم يا أبي أنني بالكاد أتذكر أوقاتي معك لكن تلك الصور الخافتة التي أحاول استرجاعها تستهلك كل لحظاتي….
أحاول أن أستعيد تلك الثواني… أحاول أن أحسن دقة تلك الصور والمشاهد التي تحتويك.
أحاول عبثا” لكن بلا جدوى…
فأضطر إلى انتاج مقاطع تؤلفها عنك أمي أحيانا” وأصدقائك أحيانا” أخرى، أحرك تلك الصورة الخافتة التي أذكرك بها ..
أحركها في خيالاتي وأشاهدك فيها وكأنها واقع ماثل أمامي.
لكن ما إن أصحوا من هيامي وأفتح عيني أفتقدك مرة أخرى.
وهكذا تمر ساعاتي وأيامي وتنطوي شهور عمري وسنينها وأنت تستوطن في جل أوقاتي وترحل معي في كل ترحال.
أتخيلك تلاحقني من قريب بدون أن أشعر تفرح لفرحي وتحزن لحزني.
حين أعجز اراك تدفعني الى الأمام وتحيي ما مات من معنويات لدي.
حين أحزن أتخيلك تطبطب بيديك علي مطمنا” مواسيا وتمسح بيدك الطاهرة دمعاتي.
حين أسير في طريق „ خاطئ أراك واقفاً أمامي تمنعني من السير وتأخذ بيدي طريق الخير.
حين أكون سعيدا” أراك تبتسم منتشيا” صوتك يملأ الأفاق.
حين أسقط أتخيلك تتشبث بقدمي لترفعني من على الهاوية كما يعمل ألأبطال في الأفلام.
في كل حدث يحدث لي أخاطبك قائلا”:
لو كنت موجود معي
لو كنت لازلت حياً
لكنت الآن أنا أنا
من طمحت وتأملت فيه الكثير.
لو كنت يا أبي حيا” لما كان هذا الفتى جاثماً على ركبتيه منكسراً.
لكن يا أبتي وماذا تفيدني لو … فلم يبقى أمامي سوى أن أحاول أن أجمع نفسي من الشتات وأن أصبح مثل ما أردت أنت مني حينما كنت طفلا” ..
ربما لم أصنع الكثير حتى الآن لكنني لم أمت بعد لذا لم ينتهي الفعل مني يا أبتي فلا تحزن سأحاول….
لا أستطيع أن أحسن إليك يا أبتي ولا أن أعبر عن عظم حبي لك إلا بأن أكون ذلك الولد الصالح الذي تمنيته أن يكون.
فقط أنت لا تبعد عيناك عني أريد فقط أن أشعر بوجودك دائما” خلفي.