أنا ملكة من التاريخ المنسي لشمال افريقيا. ابنة الأرض الأمازيغية الحرة، قومي يلقبونني بالعظيمة “ديهيا “او”يوديث” والعرب بالكاهنة. انجبتني جبال “الأوراس” كي أكون خليفة الملك اكسيل في حكم الامازيغ. دامت فترة حكمي 35 عاما كان عمري آنذاك 93 سنة.
قدت بذكائي ودهائي الحربي معارك ضد الرومان ،الذين استولوا على جزء من أراضينا البربرية من أواخر القرن السادس الميلادي واستطعت استعادتها. وكبدت الروم والبيزنطيين خسائر فادحة جعلت جميع الروم مني خائفون وجميع البربر لي مطيعون. توسعت مملكتي لتشمل كل من “المغرب “و”الجزائر”و”تونس” و”ليبيا”. واتخذت مدينة الخنشلة في “الأوراس” عاصمة لي وأصبحت رمزا من رموز الذكاء والتضحية الوطنية.
انا التي حيرت الرواة في ديانتي هناك من يقول بأنني وثنية تعبد صنما من خشب، واخرون يدعون ان ذلك الصنم هو تمثال المسيح واخرون اجزموا على انني يهودية من عائلة الرهبان.
وها قد بدأت من جديد التوسعات والفتوحات الإسلامية اتجاه شمال افريقيا، بقيادة “حسان بن نعمان” بعد محاولة التوسعات الإسلامية بالمغرب، التي بدأت سنة 680م على يد “عقبة بن نافع” الذي استشهد سنة 682م على يد الملك الامازيغي “اكسيل” وتم دفنه في الجزائر.
سأل “حسان بن نعمان” قائد الفتوحات بافريقيا: من بقي من عظماء ملوك افريقية فأبيده او يسلم. فدلوه على مكاني وقالو له: ان قتلتها لن يبقى لك لا مضاد ولا معاند. دخل بجيوشه الى ارضي فتقاتلنا قتالا لم يسمع بمثله الا ان هزمته وقتلت اتباعه واتبعت أثره حتى خرج من مملكتي وارض اجدادي في “معركة بجاية” سنة 693م.
الا أن هدفي لم يكن معاداة المسلمين بل فقط منعهم من دخول الأراضي الأمازيغية الحرة والدليل على ذلك أني لم أخرب “القيروان” او قتل المسلمين هناك. وعندما خرج جيش حسان بن نعمان منها أفرجت عن الأسرى المسلمين البالغ عددهم 80 اسير واحسنت اليهم وارسلت بهم الى حسان وابقيت على واحد منهم فقط هو “خالد بن اليزيد القيسي” فأخذته للإقامة معي ومع ابنائي بالتبني.
اتهمني الاعراب انني انتصرت بالسحر والتكهن فلم يصدقوا أن امرأة هزمت رجالا فلقبوني بالكاهنة.
وبعد خمس سنوات تمت خيانتي من أحد ابنائي بالتبني. اجل انه خالد بن اليزيد القيسي الذي غدر بي وسرب أخبار جيشي وخططي الى حسان بن النعمان. فنشبت معركة ثانية وتم قتلي غدرا وخيانة كان ان ذاك عمري 127 سنة.
وكما قال “ابن خلدون” عني انا ديهيا فارسة الامازيغ التي لم يأتي بمثلي زمان. كنت اركب حصانا وأسعى بين القوم من الأوراس الى طرابلس واحمل السلاح للدفاع عن أرض اجدادي.
“وبعد معركة صارمة ذهبت هذه المرأة النادرة ضحية الدفاع عن حمى البلاد. وفي الوقت نفسه استراحت افريقيا من عسفها وجورها بعد ان رفعتها الى منازل الآلهة البشريين الذين عبدهم الناس.” – الثعالبي. تاريخ شمال أفريقيا طبعة 1987.