إن “عقدة الإحساس بالذنب”، إزاء أي فعل أو تصرف أو سلوك أو مجرد كلمة يتفوه بها الإنسان، وبالتالي يرواده الشعور بتأنيب وتعذيب وجلد الذات، وهنا يأتي سؤالًا في غاية الأهمية: هل الله عز وجل خلقنا لنعيش أيامًا وشهورًا، بل ولسنوات، لتحيا في حلقة مستمرة من جلد الذات؟ هل هي تلك الحكمة من وجودنا الإنساني؟ التعذيب.
مثال للتوضيح: كيف يصدر مني هذا الفعل، كيف أقول هذا الكلام، ثم ينتابك صراع رهيب مع النفس، ثم ماذا؟ للأسف جلد مستمر وتأذية لروح الله بداخلك.
إلى ماذا يصل المرء مع عقدة الإحساس بالذنب
الحل أعزائي ليس عقاب النفس أو جلد الذات عن كل سلوك خاطئ أو ذنب يصدر منك، كما أن الحل بالطبع ليس الاستمرار في فعل السلوك الخاطئ أو الذنب تحت قناع “أنا كده كده أصبحت شخص سيء، أنا كده كده ربنا زعلان مني، أنا كده كده هدخل النار، أنا كده كده عمري ما هتغير، أنا خلاص الناس مبقتش تحبني، أنا بقيت أكره نفسي وحياتي، أنا ماليش لازمة، أنا ربنا أصلا مبيحبنيش عشان كده بيخليني أعمل كده، أنا ربنا عمره ما هيغفر لي”
وغيرها الكثير من الأفكار السلبية التي حقًا تُسلبك ذاتك وتقضي عليك بالتدريج، ويتولد لديك شعور بالاكتئاب واليأس والإحباط، ويصل الأمر أحيانًا إلى حد الإيذاء الجسدي والرغبة في الانتحار.
هل الله حقًا أوجدنا لنحيا في تلك الدائرة المغلقة والمظلمة؟!
دعني أقول لك سرًا!
من يفعل ذلك ويقول ويصدق مثل تلك الكلمات السلبية، ويتبع للأسف خطوات الشيطان، ويعيش في دائرة جلد الذات دائمًا، هو ينكر في الأصل – بدون وعي – وجود رحمة الله ومغفرته، ويصبح أسيرًا لخطوات وأفكار الشيطان بأن الله لا يرحم ولا يغفر، وتترك نفسك في الأفعال السيئة؛ لأنه ليس هناك فائدة، فيستسلم المرء ويظل يرتكب المزيد من المعاصي والآثام، ويبقى الذنب الأكبر الذى يرتكبه هو الاستسلام لأفكار الشيطان بأنه سيء وأن الله لن يغفر.
كيف يعالج الإنسان شعور جلد الذات
الله عز وجل لم يخلق عباده للتعذيب النفسي المستمر، الله خلق العباد لتزكية وتطهير أنفسهم باستمرار، وتطوير تلك النفس البشرية وتعميرها، وبالتالي تتعمر الأرض بتعمير الذات في المقام الأول.
وفي حالة الخطأ أو الذنوب، الحل ليس جلد الذات، وإنما إدراك الخطأ واستحضار مغفرة الله بالاستغفار، والإنابة إليه والسعي في عدم ارتكاب الذنب مرة أخرى، وتقويم الذات وتقويم الأخطاء والسعي دومًا إلى التغيير الإيجابي.
منار العزب
كاتب في فلسفة العلاقات الإنسانية والإرشاد النفسي والأسري
للمزيد:
تأثير الحالة النفسية على الجهاز المناعي