الفرق بين الشرق والغرب قد تعدو حدود المسافة و بضعة الاف من الكيلومترات وانما سوف نستخدم السنوات الضوئية في ما يخص الفروق الحضارية و حتى الانسانية منها كالحياء. فسارق المقالات هناك يظهر ويعتذر علنا ويقسم انه لن يعيدها. اما سارق المقالات في الشرق فيتبجح بكل وقاحة بحقه في المقال و انه من القديسين في هذا المجال. هنا اتساءل هل يعرف انه سارق وتجاهل ام ان الجهل بالسرقة جعله يعاند؟
ماذا يعني النسخ الغير شرعي لمقالات الاخرين وسرقة المقالات
يختلف تعريف النسخ الغير شرعي من حضارة الى اخرى و من جامعة الى اخرى و لكن بشكل عام معظم الجامعات تعتبر ان نسخ 5 كلمات متتالية او اكثر من مقال اخر يعتبر سرقة خصوصا في المجالات الابداعية كالقصة او الشعر او ماهنالك. هناك من وضع الافكار و الحقائق العلمية في مجال حرية التداول المجاني و لكن طريقة صياغتها في مقال كتابي هنا تكمن المشكلة. فمثلا جامعة ريشموند تعتبر النسخ واللصق مثالا واضحا على السرقة في تعريفها للسرقة. اما بخصوص الاقتباس بطريقة صحيحة وكمية معقولة والاشارة للكاتب فهو لايعتبر سرقة حسب تعريف موقع جامعة ستانفورد الامريكية.
في موقع الامنيات برس نحن متساهلون جدا حيث نعتبر 10 كلمات واكثر من النسخ كلمة لكلمة هو المقياس ولكن مع الاسف معظم النسخ الذي يجده المحررون يصل الى سطر واكثر. هذا لايحرج الموقع من الناحية الاخلاقية وحسب ولكن من الناحية الفنية ايضا. فقلد سألت خبير في السيو عن سبب تاخر بدايات موفعنا رغم وجود عشرات المقالات فاشار لي انه ليس كل من يكتب يسمى كاتبا وليس كل مقال يسمى مقال شرعي و اشار لي الى التشابه في ثلاث كلمات فقط بين مقال واخر وقال هذا يؤثر على سيو الموقع.
السرقة لاتقتصر على النسخ الحرفي وانما الترجمة الشبه حرفية و من هنا استغرب حين يسالني الكثيرين هل تقبلوا الترجمة. رغم ان هؤلاء الكثيرون من خريجي الجامعات العربية و المرموقة و لكن لا اعرف لماذا لا تهتم جامعاتنا العربية بهذه الناحية. ففي الجامعات الغربية يركزون بشدة لانه من وجهة نظرهم لا يوجد اسوء من سرقة افكار الغير. و من هنا تجد اعترافهم بحقوق الملكية الكاملة لعلماء المسلمين في القرون الغابرة رغم عنصرية البعض منهم و لكن حقوق الملكية شيء مقدس و فوق اي شيء اخر.
هل يحق لنا في ظل هذه الازمة المادية ان نسرق وهل الغاية تبرر الوسيلة
ربما اتفق مع صيحة سيدنا ابوذر الغفاري حين طلب من الجياع الخروج والمطالبة بحق الحياة بالقوة. واجد الكثير من كتاب المحتوى من هو في حاجة فعلا. أُم تعيل ابناءها وأب يعيل اسرة او اسرتين مع راتب لا يكاد يسد الرمق ولكن هل الغاية تبرر الوسيلة.
المشكلة هنا في السرقة الفكرية اكبر من مجرد سد الرمق، المشكلة في تفكك حضارة ومجتمع كامل فكريا ونحن في طريقنا ان لم نتدارك الامر. المشكلة اخطر من ان تنحصر في شخص او في ازمة مادية بسيطة بل اظن ان السرقة الفكرية احد اسباب الفقر الذي يعيش فيه الكثيرين.
يمكن ان تتخيل التاخر الذي نعيش فيه بسبب السرقات هذه عندما تبحث في موضوع ما على غوغل باللغة العربية فتجد ان هناك مقال احترافي واحد على كل الشبكة العنكبوتية و باقي المقالات عبارة عن اما نسخ حرفي او اعادة صياغة لا تنفع وانما تضر. في هكذا حالة من سوف يتعلم اللغة العربية بسبب المقالات الاحترافية او المراجع العلمية؟ و هل تعتقد عزيزي القارىء اننا نساهم بانقراض لغتنا بهكذا طريق.
اما اغرب الحيل اللصوصية في هذا المجال فهو الترجمة. واني لاستغرب من القوانين في الدول العربية كيف لا تحمي للناس حقوقها. فاذا كان كاتب المقال اجنبي و لايعلم كاتبها عن اللغة العربية فهل يحق لنا ان ننهبه. الم يعلمونا في المدارس ان سرقة البيضة كسرقة الجمل. وفي الدول الغربية سطر تشابه قد يعرضك لمشكلة كبيرة. وحتى ان لم تنكشف السرقة مباشرة هذا لايعني انها الخيار الصحيح و الطريق الصحيح.
هل تقتصر السرقة على شريحة تعليمية معينة من مجتمعاتنا العربية
الاجابة المختصرة والماساوية لا! فمهما كان المستوى التعليمي للكتاب فان هذا لا يمنع حدوث مثل هذه السرقات في محتوى الكتاب. ومما اثار استغرابي هو السرقة الواضحة في صفوف الكتاب المخضرمين من الحاصلين على شهادة طبيب اودكتور في المجال الصحي. فلقد واجهت الكثيرين منهم هنا في موقعنا وبامكانك الرجوع الى مقالاتي في هذا الصدد كمقال كيف تكشف الطبيب المزور. من هنا نجد ان دور المدارس والجامعات يكاد يكون شبه معدوم في منع هذا الظاهرة المدمرة.
اين دور الجامعات العربية في منع سرقة المقالات و كل ما هو مكتوب
اكاد لا انسى ذلك اليوم عندما كنت مراقب في الامتحانات في احد المدارس العربية. ابو الفتاة “السارقة” مسؤول في المدرسة و لا اريد الاشتباك معه و تدور الدائرة اضطر للاشتباك بسبب الموقف و استغرب ان حتى القائمين على مدارسنا وجامعاتنا لا يدركون خطورة النسخ والغش. فكيف ان نطلب من خريجي هكذا مدارس او جامعات اشياء لم يتعلموها في المدارس و لا في الجامعات. جامعات الحفظ البصم و قانون “حلال ع الشاطر” الاجتماعي قبل ان يكون الجامعي.
استغرب اكثر ان الجامعات لا تعلم الطلاب كيفية الاقتباس و الاشارة للمصدر بشكل جيد. فمعظم من قابلت من الجامعيين الكتاب لايعلمون انك لا تستطيع نسخ كل شيء في خطاب او كتاب او مقال حتى لو وضعته بين علامتي اقتباس او اشرت الى الكاتب كمصدر. بعض الناشرين الاجانب يتشددون اكثر في ذلك فلايسمحون باقتباس اكثر من 25 كلمة من مصدر واحد طبقا لموقع ذا ستيفن ايجنسي المتخصص ببيع الكتب فالاسلوب الصحيح للاقتباس اولا ذكر صاحب المقال او الكتاب و من ثم وضع الاقتباس بين علامتي اقتباس و في النهاية بين قوسين ذكر المصدر وتاريخ النشر والصفحة التي نشرت فيها العبارات. في حال كان الاقتباس فقرة كاملة تظهرها الكتب الاجنبية بشكل و لون مختلف عن باقي صفحة الكتاب.
كلمة اخيرة
انا من اشد المتعاطفين مع الحالة المادية المتردية لكل الناس في الشرق الاوسط ولكن لست متعاطفا مع شخص كسول لايحب ان يطور نفسه. الكل يقع في الخطأ ولكن المشكلة في من لا يحاول التصحيح. المشكلة في من يصر على الخطأ و لا يحاول التطوير و التصحيح. من هنا تكمن مشكلة سارق المقالات وربما مشكلة مجتمع ككل.
إقرأ أيضاً
كيفية اكتشاف من سرق تغريداتك الخاصة من على تويتر
اعادة الصياغة و 5 اسباب قاتلة تجعلك تبتعد عنها في مقالاتك
4 تعليقات
مقال ممتاز وسلط الضوء على فكرة التقليد والنسخ الأعمي بدون أى لمسات فنية , للأسف لصوص الأفكار كتروا أوي وتدني الأمر لإحساس بعضهم كمان بالفخر ونسب العمل المسروق ليه , زى مابيقولوا باللغة الدرجة كذب الكذبة وصدقها , وللأسف الموضوع مش بس فى المقالات والمواقع الإخبارية والادبية , ده كمان فى الفن وصناعة الأفلام ومجالات البحث العلمي وحتي الصناعة الرقمية .. أفكار بتتسرق وتتعدل عنواينها الرئيسية لكن تبقي العناوين الفرعية والكلمات أو حتى الترويسة بلغة الصحافة نسخ حرفي وعلى المُتضرر اللجوء للقضاء ويديك ويديني طولة العمر
اتفق معك أستاذي في كل هذه النقاط ، و أحب ان اضيف ان السارق ليس هاوي ، و ليس مبدع ، الفارق بين السارق و الكاتب : ان السارق مثل من يسرق في الحقيقة اي شئ نفيس أو مال ، وأما الكاتب الحق فهو من يهوي الكتابة ، فيكتب ليستمتع و ليعرض افكاره و يقدم ابداعاته و ليس هدفه الاساسى المال ، ربما يأتي المال كـ أحد الدوافع و لكن أذا جعلته هو الاساس لن تجد الأفكار حتي تكتب ، و أن كتبت من اجل الكتابة سوف تجد الكثير و الكثير من الأفكار و بدون الشعور بتعب ، تحياتي لحضرتك استاذ عمر .
مقالك هذا صحوة، ربما يلتفت له القاصي والداني، ولكن ربما في زمان آخر غير هذا الذي نعيشه اليوم، وانا شخصيا، ولد داخلي علامتي استفهام:
هل الترجمة تعد فعلا تعديا على النص وصاحبه؟
وهل إعادة الصياغة شيء من السرقة أيضاً؟
كل ما ذكر في المقال كلام في الصميم و هو للأسف حقيقة مرة.
و بالنسبة لي وجب معاقبة سارق المقالات لانه يسرق مجهود شخص و ينسبه إليه و هذا تماما كمن يسرق الاختراعات و غيره و لا يحوز لا شرعا و لا قانونا