الإختلاف بين عدم التقبل و الشفقة..فمنذ أن ظهر مصطلح التنمر وانتشر بشكل كبير على مواقع التواصل تغيرت نظرة الناس للأشخاص المختلفين ولو بشكل ظاهري. ولكوني من هؤلاء المختلفين الذين تعرضوا للتنمر يوما ما من جهة وبسبب دراستي في مجال العلوم الإنسانية من جهة أخرى أحببت أن أكتب هذا المقال.
تتغير المجتمعات نحو الأفضل أو الأسوأ بشكل متسارع اليوم، وذلك بسبب تأثير الإعلام. ورغم أن الحملات المناهضة للتنمر خاصة في عالمنا العربي بدأت بأهداف نبيلة وإنسانية، إلا أنني ومن تجربتي الخاصة أراها تتجه نحو الأسوأ وتنحرف عن مسارها الأساسي.
فصحيح أن التنمر أو السخرية من المختلفين في العرق أو اللون أو الشكل والسخرية. حتى ممن لديهم إختلاف نتيجة مشاكل صحية وأمراض معينة كان مؤذياً وكان ظاهرةً غير مقبولةٍ أبداً إلا أن حملات مناهضة التنمر اليوم أدت لنتائج سلبية أيضا لا تقل تأثيراً عن التنمر والسخرية .
أصبحت وسائل التواصل اليوم مليئة بصور المختلفين مع العبارة المعتادة (إذا كنت تراه /تراها جميلاً /جميلة ضع قلباً) .والناس بسبب تأثرهم بالحملات المناهضة للتنمر يتفاعلون بشكل كبير. لدرجة أن الصفحات أصبحت تستخدم هذه الصور مع هذه العبارة بكثرة عندما يقل التفاعل فيها. حتى أنها قد تلجأ لتعديل صور أشخاصٍ غير مختلفين فقط من أجل زيادة التفاعل.
من جهةٍ أخرى وكفتاةٍ تعرضت للتنمر أصبحت أجيد التعامل مع المتنمرين والرد عليهم والثبات الإنفعالي أمامهم. لكنني أبداً لا أعلم اليوم كيف اثبت وأتحمل الشفقة كيف أستطيع مواجهة تلك المبالغة في وصف جمال الشيء المختلف لديّ .
بعض الفتيات تلجأ لتعديل صورها أو استغلال تعاطف الناس والإدعاء أنها تعرضت للتنمر كي تحصل على مكاسب معينة. تماما كما تستغل بعض الفتيات الجميلات جمالهن .
إن كل حملة مهما كانت أهدافها سامية تحتاج لخطةٍ منهجية. تحتاج لتوعية الناس أكبر بمعنى هذه الحملة.من ناحية أخرى نحن الناس المختلفون لا نحتاج لشفقة فهناك فرق بين عدم التقبل و الشفقة. لا نحتاج أن تذهبوا للأقصى في تعاملكم معنا إيجابياً كان أم سلبياً. نحتاج فقط أن تتقبلونا كما تتقبلوا بعضكم تماماً. أن تعرضوا المساعدة بدون مبالغة والأهم الا تتفاخروا على حسابنا ولا تستغلونا .
لا نحتاج أن تبتكروا مصطلحات جديدة وتجعلوا منها (تريند). بل نحتاج لحملات دعم نفسي ونحتاج لمراكز تجمعنا وتجعلنا قادرين أن نسمع تجارب بعضنا البعض .
أتمنى أن يتصحح مسار هذه الحملات حقاً. فكل إيجابي لا بد أن يحمل بعض السلبية والعكس صحيح. وأتمنى أن أكون قد استطعت في هذه المقالة أن أسلط الضوء على بعض النقاط السلبية التي استنتجتها من تجربتي الخاصة. بناء على ما أراه ومن دراستي أيضاً. لعل القائمين على هذه الحملات ينتبهون لها لئلا يطغى الجانب السلبي على حملةٍ بدأت إنسانيةً بالدرجة الأولى.
إقرأ أيضاً
التنمر لا علاقة له بالشكل الخارجي
الشخص المتنمر “أنت مُتنمر؟.. إذن أنت مريض نفسي!”
1 تعليق
الشفقة أسوأ من التنمر نفسه بحسب تجربتي الشخصية أتمنى أن نتخلص من المبالغة في ممارساتنا جميعها