د. وائل فهمي البيطار لست بمقامكم حتى أناقش إنجازاتكم و إبداعاتكم الفكرية و الأدبية، و إنما أفعل هذا محاولا فقط فهم ما أردتم التوصل إليه في كتابكم هذا القيم.
كتاب : ” شهداء و لكن ” لــ د. وائل فهمي البيطار و رعد محمود العمري
الفكرة الجوهرية التي يتمحور عليها كتاب : ” شهداء و لكن ” لـ د. وائل فهمي البيطار و رعد محمود العمري، هي الصراع بين الحق و الباطل، بين الخير و الشر، بين النور و الظلام، بين أنصار الله من جهة، وبين أصنار الشيطان من جهة أخرى. وهذا الصراع هو جدلية حتمية تقوم عليه السنن الكونية.
إبداع الكاتب و أسلوبه الرائع يتجلى مع بداية الصفحات الأولى.، حنما إنطلق من مُسلمة غيبية إلى حقيقة وضعية. أي كانت إنطلاقته من التاريخ الغيبي، الذي هو مُسلمة يؤمن بها كل عقل مسلم، لينتقل إلى التاريخ الوضعي (الواقعي). أي بعدما كان الصراع في السماء تحول و نزل إلى الأرض.
و من الأساليب الإبداعية التي ينتهجها الكاتب في هذا الكتاب، إستخدامه مصطلحات كعناوين لافتة للإنتباه. و تعتبر إضافة قيمة للمعاجم التاريخية. كما ان من أهم هذه المصطلحات نجد على سبيل المثال: أول صفقة ، طرفي الصراع .. الخ.
و أيضا المقارنة الجميلة التي إستخدمها الكاتب بين الغريمين (الشيطان و الإنسان) .. مُبرزا تلك المُفارقة العجيية في صفة كل كائن منهما، و خاصة من الناحية النفسية.
هناك فكرة جميلة يشير إليها الكاتب، و هي أرض المعركة، الذي هو القلب. فهو مركز الجمهورية المتحكم في البقية، و هذا إسقاط رائع في عالمنا السياسي. لأن الشيطان يُضعف الإنسان بإفساد تلك المُضغة التي هي القلب. و بالتالي ينصاع إليه بسهولة.
كذلك الماسونية تتحكم في بعض دول العالم من خلال سيطرتها على المركز الذي هو جوهر التحكم .. !!
جَعل الصحابة رضوان الله عليهم طرف مهم في الصراع، و رُمز إليهم بالرمزية النورانيةالخيرية، في مقابل أهل الظلام، أهل الشر، أهل الشيطان. يُعتبر هذا عمل مُوفق من قبل الكاتب، وخاصة لما تكلم بسم الطرفين بأسلوب فني رائع.
#تعقيب :
إن جُل ما قدمه الكاتب في كتابه القيم، يُعتبر أحد الإسهامات في الإثراء المعرفي. و خاصة في الإبداع المنهجي المُحبك بين العقائد المُسلمة و فلسفة التاريخ المُبسطة.
لكن من خلال قراءتي الأولية تبين لي ان هناك أخطاء معرفية واخرى تقديرية تكمن في :
قول الكاتب أن سقراط تجرع السم و لم يتمرد على القوانين الآلهية لأنه يحترمها _ هنا أظن أنه خطأ معرفي_ فسقراط نفسه لا يعترف بالآلهة و كان دائما يدعوا إلى عبادة الله الواحد، وهذه أحدى التهم التي وجهت إليه، أنه يفسد عقول الشباب بهذا الإعتقاد، و قد زكاه إبن القيم في كتابه ” مقاصد الشيطان ” و ذكر بعض كلماته المؤثورة حيث كان يقول سقراط : لا تُكرهوا أولادكم على مُعتقداتكم لأنهم مولودون لزمان غير زمانكم !
لذلك سقراط لما رفض التمرد، ليس التمرد على قوانين الآلهة، بل على قوانين دولته رغم أنها ظالمة.
أما التقديري، أعتقد أن الكاتب هنا ركز على الجانب المظلم، لبعض سلوك الفلاسفة الغربيين، مُهملا الجانب المشرق و الإيجابي الذي خدم الحضارة الانسانية، رغم أننا نختلف معهم في الإعتقاد.
فصحيح أن هناك من الفلاسفة من كان لهم بعض المواقف السلبية، إلا أنهم كانوا يتمتعون بالإنسانية و ساهموا بشكل كبير في كسر جدار الدوغمائية الفاسدة التي كانت تمارسها الكنيسة، فهم حاربوا الخرافة و جعلوا عقل الإنسان يفكر بواقعية.
حتى في ما يخص الجانب الأخلاقي لهؤلاء الفلاسفة، لا يمكن مقارنتهم مع الصحابة رضوان الله عليهم، وذلك لفعل البيئة المؤثرة أولا و الثقافة و الاعتقاد ثانيا، فالفلاسفة الغربيين لهم ثقافتهم التي نشؤو عليها بسلبياتها و إيجابياتها، و الصحابة أيضا لهم ثقافتهم الخاصة بهم سواء كانوا في الجاهلية أو الإسلام، فحتى كبار المشركين كانوا يتمتعون بالمروؤة والأخلاق العالية رغم شركهم، كالوليد بن المغيرة و ابو جهل و ابو لهب.
لكن رغم بعض هذه التقديرات و الهفوات الطفيفة، لا يمكن لها أن تحجم من المجهودات الجبارة التي قام بها الكاتبان، لذلك ندعوا لهما الله عز وجل بالتوفيق و السداد.
هذا ما تيسر من فهمنا لكتابكم القيم، إن كان صوابا فهو من الله، و إن كان غير ذلك فهو من نفسي ^_^
أ . فاروق حمرالعين الجزائري
إقرأ أيضاً
قصر عائشة فهمي فن وجمال لا يمكن وصفهم
أحمد فهمي والهجوم الذي تعرض له مسلسله الأخير
كريم فهمي ورسالة التفاؤل لجمهوره رغم إصابته بالكورونا
حسين فهمي وأسرار لم تعرفها من قبل