قواعد فلسفة التاريخ وصحة التأريخ ..
فلسفة التاريخ والأخبار :-
في تاريخ الأمم وأحوال الدول، ما فيه كثيرًا من الخبر والدرر .لكن المتعظ ذو الذهن المتقد، هو من يبصر الحكم ويستخرج منها النعم والنقم . فيستفيد من الأولي ويتجنب الأخرة .ففي النعم الإفادة ، ومنها الاستزادة ، وفي النقم العبرات ، ودرء الشبهات . فالسعيد من اتعظ بغيره وأبصر حال من سبقه. فتجنب سقطاته، وتجاوز هفواته ، وعدا علي ملذاته ، فأخد خيرها وترك شرها . فالتاريخ متكرر ، وذو الجهل منه متحرر؛ لأنه يشق عليه منه الفهوم ، فتكثر علي جاهله الهموم . فالتاريخ له مسلماته ، علي ما فيها من خصوصياته . فحوادث الخصوص هي للشواذ ، وهي تقرأ علي سرعة وإنجاز ، فالعاقل لا يبني حياته علي الشاذ، ولو كان فيها من الدرر والألماس.؛ لأنها أمور منتهيه ليس لها أصول ، ومصيرها حتما إلي الإفول . فهي عابرة ، من أزمنة غابرة . فاتت وأنقضت ، وتلاشت ومضت، تكرارها عزيز .
قواعد فلسفة التاريخ وصحة التأريخ
فعليك بالعموم من الخبر ، ففيه ما يكفي من العبر . وعليك بتمحيص الأخبار ، لأنها كمياه الأنهار .لو لم تجري فسدت، وبضاعتها كسدت . وعليك بتحكيم العقول ، في كثير من الأخبار والمنقول . فالأخبار متشعبة، يكتبها الأقوياء بأقلام السلطة المتغلبة .فكن علي حذر، لتجانب الخطأ والهزر. وانظر في عواقب الأمور ، وقارن اللامعقول بالمعقول . فعندها تدرك الحقيقة والصواب، وتفلت من العقاب والسياط . فالتاريخ له عقابه يضرب بلا هوادة ، ولو كثرت منه الإعادة . والمضروب بسياط التاريخ مقتول ولو مات علي الآسرة ، ويكفيه منه المعرة . فكن ذا بصيرة تدرك العواقب والمآلات ، وتستبصر الفتن في جميع الأوقات والحالات . ولا تمشي خلف العامة ، واترك كل زاعق ولامة. فكلامهم مغشوش ومضطرب ، وحالهم فاسد ومنقلب . يكثرون الثرثرة والكلام ، في كل موضع غير همام . وعليك بكل عالم ذو فصاحة ، فمنه تؤخذ الإبانة والإيضاحة . فكلامهم حكم وموزون ، بعيد عن كلام كل مجنون ومخبون . لأنهم يستقصون الأخبار ، وهي عندهم موضوعة تحت الاختيار والاختبار . فكن ذا فطنة وحنكة ، وقوة وعزة ، تدرك ما فات، وتحتاط لما هو آت ، ولو كان قاس وعات .
قواعد فلسفة التاريخ وصحة التأريخ
وعليك بجدال ما تسمع حتي تعي وتفهم . وكن علي حذر ودراية ، من كل سخف وحكاية ، ليس لها أصول ، وتنقطع منها الجذور .
ولا تنسي الدعاء في السفر والترحال ، لذوي العلم من النساء والرجال . فهم كالنجوم ، يزيلون عنا الأسقام والهموم .
وفقك الله لكل خير سديد ، بعونه وفضله المديد .
اقرأ أيضًا
ثروة الموارد الطبيعية وصحة الكوكب