حلم يصارعني وأصارعه. كان حلمًا غريبًا عجيبًا مريبًا. لا بل كان حلمًا مرعبًا ولم أستطع أن أحكيه كما هو. ووددت لو أن أبيات شعري تجعلني أمينًا في سرد تفاصيله. كانت ليلة مظلمة، وسقطت أسلاك الكهرباء الموصلة إلى قريتي بفعل الرياح. كان الرعد يخيفني. وبرق البرق ينير حجرة نومي وشعرت في تلك الليلة أن القيامة قد قامت.
في تلك اللحظة، استعجلت النوم وظننت أن النوم ينهي مأساتي ويعيد الاطمئنان لحياتي. ظننت أني سأفر إليه من أجواء الرعب في اليقظة وفي ليلتي التي عشتها وعانيت فيها من الدنيا وظلامها إلى جنة الأحلام. حيث الأمن والأمان والسكون والارتياح حتى الصباح. فهلا سمحتم لي بسرد شعري عن حلمي في تلك الليلة.
هذا حلم يصارعني وأصارعه
فهل سيصرعني أم أصرعه؟
عوى الكلب وهرول نحوي
فألقيت نفسي في اليم
كنت جبانا
ظننت الموت قد حانا
سكن الخوف في جوفي
وعزف بقلبي ألحانا
وسمعت صوتًا يرعني
غدًا يأتيك زائرهم
وتكون ضلوعك للتراب سكانا
فزعت روحي
وهممت أبرح مضجعي
وكأني فتحت عيني
ورأيت أمي وحبيبتي وأبي مودعي
فعلمت أنه الفراق
وقد حان مصرعي
نهضت روحي نحو السماء
وكانت تحلق في العلياء
كنت أراها بعيني
حتى غابت عني
في ربوةٍ عليا
اصعد يا هذا
سمعتها دون السماء
فبكيت
وبم يجدي البكاء؟
عندها دعوت ربي
أن يعيدني لدربي
فسمعت صوتًا له أصداء
هيا انهض يا ابني
فوجدتني بين يديي أمي
ونهضت فزعًا من نومي
بعدما صارعت حلمي
فقمت أشتكي وأبكي
وأضفت همًا لهمي
هل يرحمني ربي
ويخفف عني سكرات الموت بعدما ينتهي عمري
يا إلاهي بحق دموعي وألمي
لا تعذبني ولا تمكن مني ما يروعني
ولا ما يزعجني ويفزعني
وأمني أمانًا في الحلم واليقظة
واجعلني ممن قلت فيهم وقولك الحق “وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون.”
حلم يصارعني وأصارعه
هل سبق ورأيتم حلمًا كهذا في ليلةٍ كهذه. هل جربتم الموت حلمًا. لقد كان حلمًا مروعًا وكابوسًا مؤلمًا ونقطة بداية. بل نقطة تحول في حسن اللجوء إلى ربي. ولن أفر منه إلا إليه وهو كافيني ومنجيني وحافظي وراحمي وحاميني. ومن لي سواه ينجيني من هذا الهم وهذا الحزن؟ لقد رأيت الحلم وأنا في الخامسة عشرة من عمري وظللت أعاني لسنوات من فكرةٍ ظلامية أن الله معذبي. فما بالي لم أفكر في رحمة ربي التي وسعت كل شيء؟ هيا نرحم أنفسنا ونطلق العنان لقلوبنا تطمئن بذكر الله ونحسن الظن ببارينا وهو بلا ريبٍ منجينا.
الكاتب/
محمد يوسف محمد المحمودي
اقرأ أيضًا
هل طبيعة العلاقات القائمة بين الحضارات مبنيةٌ على الصراع أم على الحوار و التعارف ؟
1 comment
حلمٌ يصارعني وأصارعه، نص جميل وخواطر تيمتها الأساس الموت في الحلم.. وفيها من الالتفات الطيبة للصبا وتأثير الحلم أو الكابوس لدى السارد وقتها على المستوى النفسي خاصة.. حلم يصارعني وأصارعه.. وإلى ما فهمه فيما بعد من حقائق.. وأيضا دعوة لنرحم أنفسنا ونطلق العنان لقلوبنا تطمئن إلى الله بذكره ونحسن الظن به لانه البارئ المنجي والمخلص والرحمان الرحيم..
بالتوفيق