علاج طفل من التوحد.. بداية هذا المقال وقبل كتابته بحثت عن الكثير من الأبناء المتوحدين حتى أقص قصته وأعرف ما حدث معه، لذلك ذهبت إلى إحدى جاراتي في المنزل كانت تعاني من توحد ابنها، وحكت أنها في ظهور توحده لم تعرف ما هو ولم تكتشف أنه مرض وإعاقة لطفلها، حيث أن هذا المرض في أول ظهور أعراضه طفيفة وغير واضحة؛ لذلك فيمكن أن تظن أنها سائدة بين الأطفال، إلى حد الوصول إلى ازدياد هذا المرض فتبدأ بمعرفته وتتم الملاحظة في هذا الوقت، وأيضًا معرفته صعبة لأنها غير موحدة لكل الأشخاص، فتختلف من طفل إلى آخر، فكان ابن جارتي أعراضه فرط الحركة ثم بدأت أعراض أخرى تظهر بوضوح، لذلك فبعد معرفة والدته بدأت تجربتها، فتتحدث وتقول:
كنت في البداية أشعر بإحباط مُدمر بعد معرفتي بأنه ما عنده هو مرض التوحد، لكن من خلال دعم زوجي لي وإيمانه بالله وبعزيمتنا في قدرتنا على علاج الطفل تغلبتُ على إحباطي وبدأت التجربة الممتعة.
البداية
بداية كانت أولى خطوتي وقراري في علاج ابني من التوحد، هي أن اجعله دائمًا أمام عيني، وقررت أن أدعم طفلي لأكون أقوى وأتمكن من مواصلة علاجه، لذلك قامت جارتي بشرح طريقة تعاملها مع طفلها طفل التوحد وقالت:
بالنسبة لتعاملي مع طفلي المتوحد كنت أحرص بشكل كبير منذ البداية وظهور مرضه على تعامله بطريقة مختلفة ومعاملة تربوية سليمة وصحية، لذلك قمت بمحاولة إدخاله مركز تدريبي خاص بعلاج مرض التوحد، لكن في هذا الوقت أكملت دراستي لغرض مساعدته وهو قمت بالتخصص في التربية الخاصة وحصلت أيضًا على دبلومة في السلوك التربوي الحديث بالتوحد، حتى أكون قادرة على رعايته بنفسي، لكن قمت بالإشراف بنفسي مع متابعتي للطبيب التي قمت بالذهاب إليه لاحقًا، كان علاج طفلي جزء من الدكتور فكان يعتمد على الأدوية والعقاقير الطبية والعلاجات، كنت دائمًا حريصة على إعطاء طفلي الأدوية في مواعيدها التي تم تحديدها من قبل الدكتور الخاص به، حتى يتم شفاؤه بشكل سريع.
وتابعت أيضًا جارتي الصعوبات التي واجهتها في طريقها لعلاج ابنها المتوحد وقالت:
أن الصعوبة التي واجهتني هي نظرة الناس لمريض التوحد ولابني، فمعرفة ثقافة التوحد محدودة جدًا ولم يعرفه الكثيرين.
فرأيت في دراستي أن مرض التوحد ليس له أدنى علاقة بمتلازمة داون أو توقف نمو العقل، لكنه مرض مثل: أي مرض يصاب به الإنسان ويمكن أيضًا أن يُعالج مثل غيره لكن بطريقة تربوية سلوكية معينة، في هذا الوقت بدأت لا أفكر في كلام الآخرين حتى لا أعود إلى نقطة الصفر في علاجه وحتى لا يتأثر طفلي بمن حوله من خلال كلامهم ونظراتهم لي، لذلك في هذا الوقت قررت أن أتجنب كلام الآخرين وأفكارهم المحبطة حتى وإن كانوا أقرب الناس لي.
فتابعت:
في هذا الوقت رأيت أن هذا الأسلوب فعال أكثر من غيره من العلاجات الطبية أو الوصفات السحرية، ورأيت أيضًا أن علاج طفلي ما هو إلا علاج سلوكي أي المعاملة بالود والحب واستطعت من ذلك تحسين حالته الصحية، لكن في هذه المدة قمت باستخدام أساليب خاصة للتعامل مع مرضه وهي:
الحنان والدعم:
معاملة الطفل بالحنان والدعم هي عوامل أساسية لتحسين هذه الحالة وتطورها في وقت سريع، حيث إحساس الطفل بالود في الأسرة يجعله يشفى وتتطور حالته السلوكية.
أساليب خاصة للأطفال:
قيامك باستخدام أساليب معينة مع طفل التوحد تجعله يشفى سريعًا مثل: (توفير فرص للتدريب على لغة الإشارة وغيرها من الطرق التي تمكنه من التواصل مع الأشخاص الآخرين)، لذلك فحرصت على توفير هذه السبل بقدر المستطاع .
التدريب على رياضات:
ممارسة الطفل لبعض الرياضات التي يحبها تجعله يطور من شخصيته مثل السباحة والفروسية.
** هنا أمور يجب تجنبها والابتعاد عنها كل الابتعاد أثناء التعامل مع طفل التوحد وقامت جارتي بذكرها إلا وهي:
النوم:
أي لا بد من جعله ينام مبكرًا وإذا رفض ذلك أقوم بمنعه من النوم طوال النهار، ودائمًا أقوم بتذكيره بموعد نومه، وبالتعود سأقوم بفعل ما تريده منه.
مشاهدة التلفاز:
أي إبعاده عن التلفاز، فكنت أمنع فتح التلفاز طول اليوم وهو مستيقظ مهما كانت الظروف، هذا كله لأن التلفاز يشتته ويقلل تركيزه وهو أمر ضروري بشكل كبير للطفل الطبيعي فكيف بطفل التوحد!.
دخوله في الحضانة:
هذا قد يجعله يتحسن باقترانه مع الآخرين وحتى ولو كانت حضانة عادية للأطفال، وحتى إذا رفض وبكى كثيرًا، فهذا البكاء سيقل كل يوم عن الآخر، يتعود على هذا الوضع، وقمت بوضعه في الروضة لعام آخر فبدأ يعتاد أكثر على الاندماج بين أقرانه حتى ولو لم يقترن كل الاقتران، فعلى الأقل يندمج بطريقة مقبولة خلال تواجده، وكذلك فهو الآن يكون مسرورًا كثيرًا عند ذهابنا لزيارة أحد وخصوصًا الأقارب الذين تعود عليهم ويلعب مع أطفالهم، وعند زيارة أحد لنا يرحب به ويلعب مع الأطفال وهو الآن يذهب إلى الروضة برغبته كل يوم.
تعليم الطفل المتوحد
أولًا لا بد من معرفة تعليم الطفل المتوحد عن غيره، حيث يختلف في تعليمه عن الطفل الطبيعي، فالطفل الطبيعي تعليمه يمكن بشكل أبسط من الطفل المتوحد، أما الطفل المتوحد لا بد من تعليمه بأشياء مادية وصور.
لذلك يجب الاستفادة من كل اللحظات حتى يتعلم شيء جديد يساعده على التحسن، كما يجب عرض صور عليه مثل: (ألوان، حيوانات، قلم، حقيبة، وغيرهم…) من الكتب أو المجلات المصورة وأضعها أمام عيناه بشكل مستمر خاصةً في غرفته فهذا يحسن من نفسيته، كذلك يجب معرفته بالأشكال الهندسية كالمربع والمثلث والدائرة.
وقالت جارتي في نقطة تعليم ابنها:
“كنت أطلب من طفلي أن يُشير إلى الألوان والأشكال أو الصور التي أمامه، لكن في أول الأمر لم يكن مهتمًا، لكن تدريجيًا بدأ يعرف ويستخدم بعض الألعاب والأشكال في تعليمه كل شيء وبدأ يتعلم تدريجيًا.
النطق بالنسبة لطفل التوحد
قالت جارتي أن بالنسبة للنطق كان صعب عليه كثيرًا، صعب عليه نطق كلمة واحدة مع إدراكها، واستمر في هذا الوضع حتى وصل إلى عمر سنتين، وبعد هذا العمر بدأ بمحاولة النطق للتعبير عن الأشياء وكان يستخدم كلمة واحدة فقط للإشارة إلى أي شيء كلمة (ماه)، هي كلمة غير مفهومة لكن هي فقط من استطاع النطق بها، فكنت اركز دائمًا على أن أرى الشفاه خلال النطق وحاولت كثيرًا التحدث معه حتى يتمكن من النطق أكثر.
فتابعت:
مع بداية تعلمه النطق ببضع الكلمات البسيطة كنت دائمًا أقوم بجعله ينطق ما يريد الحصول عليه قبل أن أعطيه له، لذلك فكانت هذه محاولة مفيدة جدًا في جعله ينطق بطريقة سريعة وترديد الأناشيد طوال فترة جلوسه في المنزل.
َوأكملت:
أن أهم شيء تعلمته خلال تجربتي في علاج ابني من التوحد هي أن نقوم بمعاملته كشخص طبيعي للغاية ولا يختلف عن غيره من الأطفال وأيضًا معاملته بالحب والمودة وعدم شعوره أنه كغيره من الأطفال، وأيضًا يجب الاهتمام ببكاؤه ولا نعانده أبدًا ولا نجعله يستمر، وأيضًا لا نفرقه عن باقي أخواته حتى لا يشعر بالتفرقة.
النظافة الشخصية لطفل التوحد
قالت: بالنسبة للنظافة الشخصية من أهم أمور يجب الاهتمام بها، لكن أصعبها، لكن تغلبت عليها عن طريق تطبيق ما أريد أن يفعله ابني على شيء آخر، فكنت أحاول إدخاله الحمام مع أخيه أو تعليق ملابسه وتنظيف أسنانه وغيرها من الأمور التي يجب الاهتمام بها وتعلمها للأطفال.
تابعت:
يجب أن أوضح أن طفل التوحد عندما يبدأ بالتحسن، فذلك يستمر في جعله طفل طبيعي، لذلك فيجب على أي أم ابنها مصاب بهذا المرض البحث عن حلول من خلال معرفتها لابنها عن قرب أكثر.
كانت هذه خلاصة تجربة جارتي في علاج ابنها من مرض التوحد، وعلى الرغم من صعوبة التجربة إلا أننا جميعًا يُمكننا التغلب عليها، وذلك لأنه حسب اعتقادي وتجربة الجارتي أن الأم هي الوحيدة القادرة على التعامل مع ابنها.
للمزيد:
كيفية التخلص من اضطراب الاكتئاب
كيفية التخلص من اضطراب الاكتئاب
تجربة مع نوبات الهلع والقلق النفسي
2 تعليقان
من المهم جدا بعد التعرف على اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال، من المهم أن تتاح لهؤلاء الأطفال وأسرهم المعلومات التوجيهه والخدمات والفرص لاحالتهم إلى المرافق المختصة، ويوفر لهم الدعم العملي وفق احتياجاتهم الفردية.
مقال رائع !
شكرا جدا، مرور حضرتك شرفني♥️