آثار البكاء الصامت نفسيًا .. البكاء هو أحد الوسائل التي منحنا الله إياها للتعبير عن مشاعر معينة في أوقات معينة وأحداث معينة.، لكن ولأسباب اجتماعية يضطر الكثيرون لإخفاء الدموع ويلجؤن إلي البكاء الصامت بلا دموع، حتى لا يظهروا في موقف ضعف أو سخرية من الآخرين، ولا يدركون حجم الكارثة النفسية التي تحدث نتيجة لهذا التصرف.
لذا، فإننا في هذا المقال سنتعرف على تحليل العلم لهذا التصرف، من خلال ما قاله علماء علم النفس عن هذا التصرف.
ما الذي يخبرنا به بكائك الصامت عن شخصيتك؟
قد يكون البكاء الصامت دليلا على عزة نفس الشخص، والتي تمنعه أن يظهر في مظهر ضعف.
لكن هذا منافٍ تماما للفطرة التي خلقنا الله عليها، فطبيعي أن نمر بلحظات ضعف، ولحظات انكسار، ولحظات فشل. لأن هذا جزء أساسي من الحياة التي نعيشها.
بل إن هذه اللحظات هي التي تقوي إرادتنا، وترشدنا إلى أخطائنا وعيوبنا كي نصلحها وهذا يؤدي إلى تطورنا المستمر.
أضرار البكاء المكتوم والصامت:
أضرار نفسية وجسدية ذكرها العديد من الأطباء والمختصين النفسيين كنواتج للبكاء الصامت، ومنها:
أولًا: مشاكل في الجهاز الهضمي:
فوفقاً لبحث أجرته كلية الطب بجامعة هارفارد فإن الألم الناتج عن البكاء من دون صوت يؤدي إلى ارتفاع درجة استجابة الجهاز العصبي للمؤثرات الخارجية، وهذا يؤدي بدوره إلى بطيء في عملية الهضم، فتتكون الغازات التي تسبب الانتفاخات والإمساك والقيء والتقرحات في الكثير من الأحيان.
ثانيًا: آلام الرقبة والكتفين:
وهي من أكثر الآثار السلبية شيوعاً لدى من يكتمون دموعهم ويبكون في صمت.
يمكن تفسير ذلك بسبب الضغط الذي ينتج عن شد عضلات الفك، بسبب الضغط عليها لكتم البكاء وهو ما يعرف بـ (صرير الفك).
ثالثًا: الصداع النصفي:
يقول عالم النفس الأمريكي دانييل جولمان في تصريحات للنيويورك تايمز:
“عند البكاء بدون صوت تتقلص العضلات المموجة في الوجه في استجابة للإجهاد العاطفي، إذ غالباً ما تكون العضلة المموجة المشدودة مؤشراً على الإجهاد في جميع أنحاء الجسم. وعندما تتقلص هذه العضلات، قد نواجه انخفاضاً في تدفق الدم إلى الدماغ”.
(العضلة المموجة هي: عضلة هرمية صغيرة قريبة من العين تقع في الطرف الأوسط للحاجب، فوق عضلة العين الدائرية).
رابعًا: مشاكل في القلب:
عند كبت مشاعر الحزن والعار والتي تعتبر من المشاعر الأكثر تعقيداً لدى البشر يؤدي هذا إلى حدوث الغضب.
الغضب يرفع نسبة احتمالية الإصابة بأمراض القلب. لأنه يؤدي لزيادة هرمونات التوتر، والتي من شأنها رفع مستويات الطاقة في الجسم عن الحدود الطبيعية.
ينتج عن ذلك شد في الأوعية الدموية بسبب ارتفاع ضغط الدم وهو ما يتسبب بصورة مباشرة في تآكل جدران الشرايين وتلفها عند تكرر حدوث نوبات الغضب هذه.
أضرار البكاء المكتوم على الأطفال:
عندما نقول للطفل بتهديد: “لا تبكِ، فالبكاء غير مجدٍ” وإذا كان الطفل ذكرًا نقول: “لا تبكِ فالرجال لا يبكون”.، فنحن بذلك نظلب منه أمرًا لا يتناسب مع الفطرة التي خلقنا الله عليها.
ومع ضغط الأهل المستمر على الأطفال في هذه النقطة، يستسلم الأبناء، ويتعودوا على كتم مشاعرهم.
سنفَاجَيء بعد ذك بكم التشوهات النفسية الناجمة عن هذه االممارسات الخاطئة تجاه أبنائنا.
الصراخ والبكاء والغضب في مراحل الأطفال الأولى هي وسيلتهم الوحيدة للتعبير عما يريدون،. لذلك يجب علينا التوقف عن نهرهم عن البكاء.
الخطوة التالية بعد أن يبكي الطفل، وتقبل الأهل لذلك، أن يحاولوا احتواء غضب الطفل، ومساعدته في التخلص من الأسباب التي تشعره بالضيق والألم.
من الأضرار التي أثبت علم النفس حدوثها لدى الأطفال بسبب البكاء الصامت:
1- عدم الاكتراث بالمشاعر الصادقة:
لأنه سيعلم مع الوقت أن انفعالك عليه بسبب بكائه لا يجدي نفعًا، وبالتالي سيبدأ في التكيف مع الواقع الذي تفرضه عليه، وسيحاول تزييف مشاعره.
فيجب على الآباء والمربين الاقتناع بأن البكاء وسيلة فطرية صحية للتعبير عن عدم الراحة تجاه شيء معين.
ويكمن دور الآباء والمربين في تعليم الأطفال كيفية التعبير عن ضيقهم وحزنهم بطرق أقل حدة وقوة.
2- عدم القدرة على التميز بين المشاعر والسلوك:
الحزن شعور والصراخ سلوك، وعندما يبكي الطفل بكاءًا صامت لخوفه العقاب، فاعلم أنك تبذر بذور الازدواجية في شخصيته.
هذه الازدواجية ستعلمه التملق والنفاق وإخفاء مشاعره الحقيقية عنك كمربي وسيتوسع الأمر بعد ذلك ليشمل كل علاقاته.
لذلك، ينبغي على الآباء الفصل بين المشاعر والسلوك في التربية.
الحل:
يجب تعليم الأطفال فهم مشاعرهم والتعامل معها بشكل صحي مناسب لأن هذا يعتبر جزءًا أساسيًا في عملية التطوير المعرفي لطفلك.
عندما يمتلك الطفل مهارة فهم مشاعره، فإن ذلك سيكون له مردود إيجابي على سلوكهم وتفاعلاتهم في دوائر الحياة والعلاقات المختلفة.
فينبغي تغير طريقة التعامل مع مشاعر الطفل إذا لاحظ المربي له أنه يكتم حزنه وكذلك غضبه، ولا يعبر عنهما بدموع أو صراخ.
علم طفلك التعبير عن مشاعره، وساعده في تغير سلوك البكاء أو الصامت.
ساعده في اختيار الكلمات التي تعبر بدقة عن مشاعر الخوف والقلق والاضطراب والحزن، بالإضافة إلى مشاعر الفرح والسعادة والنجاح.
أما إذا لم تسعف الكلمات طفلك للتعبير عن ما يؤذيه واكتفى بالدموع، فاحتضنه وهدأ من روعه، فأنت مصدر أمانه الوحيد في هذا العالم.
هل يؤثر البكاء الصامت على القلب؟
الحقيقة أننا عندما نكبح دموعنا أو نبكي في صمت، فإن ذلك يحدث تأثيرات سيئة على الجهاز العصبي الودي حيث يؤدي ذلك لتسريع معدل ضربات القلب، وكذلك تقلصات عضلة القلب.
كل ما سبق ينتج عنه زيادة في كمية الدم التي يضخها القلب إلى مختلف أجزاء الجسم.
بناء على ما سبق فيجب معرفة أن البكاء غير المكتوم هام لسلامة صحتنا في العموم، وصحة قلوبنا بشكل خاص.
حيث أن الدموع تساعدنا في تنظيفنا وتنقيتنا من مشاعر الحزن وكذلك من أي ألم عاطفي.
أما كبت مشاعرنا الثقيلة والصعبة، وهو ما يعرف عند علماء النفس بالتكيف القمعي، فإنه يترتب عليه حدوث أضرار جسيمة.
بحسب بعض الدراسات العلمية فإن هناك علاقة قوية بين التكيف القمعي وضعف مرونة النظام المناعي، بالإضافة إلى أمراض القلب والأوعية الدموية، وكذلك مع مستوى السلامة النفسي والعقلي.
كما أثبتت الدراسات أن من فوائد البكاء أنه يشجع على التقارب والتعاطف والحصول على دعم الأصدقاء والعائلة.
أخيرًا.. لا مفر من أن نقتنع بأن البكاء وسيلة صحية للتعبير عن بعض المشاعر.
كما ينبغي ألا نظن _كما يظن البعض_ أن البكاء يدل على الضعف، فالحقيقة أن البكاء يعتبر من الوسائل المعينة على تنظيف النفس وإعادة بناء المشاعر وتحويلها من الغضب والإحباط إلى مشاعر أكثر اتزانا وثباتًا، فتمسك بحقك في البكاء ولا تمنع نفسك من بكاء تشعر أنك بحاجةٍ إليه.
اقرأ أيضًا
علاج البكاء المتكرر عند الاطفال
راي تهاني أحمد :عن المقال علاج البكاء المتكرر عند الاطفال
2 تعليقان
اسلوب راقى في الكتابه عناصر المقال منظمه وموهبة الكتابه واضحه اتمنى لك التوفيق والنجاح.
شهادة أعتز بها جدا.، شاكر جدا لهذا الدعم النفسي الكبير