كيف تكونُ سعيداً؟ إنّ تحقيق السّعادة مطلبٌ يشغل الكثيرين، فلطالما كانت السّعادة هدفاً راسخاً في عقول ونفوس بني البشر منذ بداية الحياة . وبالرّغم من الإختلاف على مفهومها ،إلا أنّه لا خلاف على اهميَّتها لتحقيق التوازن في هذه الحياة.
فما هو مفهوم السّعادة، وهل من سُبُلٍ لتحقيقها ؟
مفهوم السعادة
قبل أن نبحثَ عن السّعادة، لا بدّ أن يكونَ لدينا إدراك لمعناها . وأن نعرفَ حقيقتها حتى لا نضيعَ في متاهات الحياة المضلِّلة .
حتى الآن، لم يجد البشر تعريفاً موحداً للسّعادة ؛ولكنْ جميعهم متّفقون على أنّها شعورٌ داخليٌّ بالإرتياح والطّمأنينة ،والرّضا العميق والفرح الذي لا يخالطه حزن أو ضيق .والبعض الآخر ذهب الى تعريفها بإظهار نقيضها وهو الشَّقاوَة.
معظمنا كان ولا زال يحصر السّعادة في عناوين محدودة كالمال ، الجمال، الحب … بينما أثبتت الوقائع أنَّ معظم السّعداء قد لا يملكون شيئاً ممّا ذُكر .فعلى الرغم من ترسُّخ الأفكار لديك، بأنّ السّعادة تأتي من كونك غنيًّا أو حسن الوجه أو من كونك تعيش حياةً خاليةً من الضّغوطات ؛ إلاّ أنّ الواقع يبيِّن أنّ الأشخاص الأثرياء أو الوسيمين أو من لا يعانون ضغوط الحياة ،ليسوا هم الأكثرَ سعادةً على الإطلاق من أولئك الذين لا يملكون هذه الصفات .
فكم من غنيِّ فاحش الثّراء يعيش في قصره حزيناً مكتئباً . وكم من حسناء بارعة الجمال أنهت حياتها منتحرةً لأنّها لم تجد طريقاً إلى سعادتها …
إذاً أين تكمن السّعادة الحقيقيّة؟
إنّ البحث عن السّعادة في الحياة الدّنيا لهو أمرٌ صعب حقاَّ ! فليست في هذه الدنيا سعادةٌ مطلقة.لذلك يمكننا القول بأنّ السعادة نسبيّةٌ، أي أنّها تختلف من شخص لآخر . وكلُّ شخص سيعرِّفها وفقاً لما يجعله أفضل حالاً: فالمريض سيجد السعادة في الصّحّة ،والفقير سيجد السعادة في المال، والذّميم سيجدها في الجمال … ومتى ما انْتَفت هذه الأسباب انْتفت معها السعادة من جديد !
وحتى لا تتأرجحَ بين السّعادة والشّقاوة ،ولكي تحقِّقَ أكبر قدرٍ منها؛ لا بدّ لك ألاّ تربطَها بمقاييس متغيّرةٍ . يكفي أن تشعرَ بالقناعة والرّضا في قرارة نفسك كي تتذوّقَ شيئاً من السّعادة .
ولَكَ أنْ تعلم -عزيزي القارئ- بأنّ اختياراتِك وأفكارَك وتصرّفاتِك تؤثّر على مدى سعادتك. ليس الأمر بهذه السهولة، ولكن يمكنك صناعةُ نسخةٍ جديدةٍ منك تكون أكثر سعادةً .فكلُّ الأشخاص السّعداء يعلمون أنَّ سعادتهم هي نتاجُ قراراتِهم الحياتيّة وأسلوبِ حياتهم .
ماذا أفعل لأصبح سعيداً ؟
ألمْ تسألْ نفسك يوماً،لمَ حين كنتُ أصغرَ كنتُ أكثرَ سعادةً ؟ الجواب سهل ! لأنّنا كلّما كبرنا كلّما ركضنا خلف أسباب الحياة وهمومها وكلّما زادت ضغوطاتها علينا . بينما ذاك الطّفل لا يحمل من هموم الدنيا شيئاً ؛إنّه يعيش مرتاح البال مطمئنَّ النّفْس ،لا يشغل فكرَه شيءٌ من أمور الحياة المقلقة . إنه يستمتع بأصغر الأشياء ، يضحك لأتفه الأسباب ويقنع بأبسط العطايا .
فإذا أردتَّ أن تكون سعيداً عِشْ حياتك كالأطفال .
خطوات تساعدك على تحقيق السّعادة:
- كلُّ ما عليك فعله، أنْ تبدأَ يومك بابتسامة .ستشعر بالطّاقة الايجابيّة تسري في أعماقك وتنعكس على فكرك ،فتتجسّد بتصرّفاتك وسلوكك. وابتعد قدر إمكانك عن الأشخاص السّلبيّين ؛ أولئك الذين يتذمّرون من كلّ صغيرةٍ وكبيرة، ويدمّرون الحماس في محيطهم .
- استمتع بكل لحظة من يومك ،فالسّعادة تكمن في التّفاصيل الصّغيرة التي نهملها ولا ننتبه لها . كعصفورٍ يزقزق على النّافذة أو وردةٍ جميلةٍ تزيّن الغرفة أو ابتسامةٍ من شخصٍ نطمئنّ إليه .
- حافِظ على علاقةٍ جيّدةٍ مع أهلك وأصدقائك ، واصنعْ بينك وبينهم جسراً من المحبّة والأنس .وحاول أنْ تتواصلَ معهم دومًا للتّخفيف من ضغوطات الحياة .ولا تنسَ أنْ تُخرِجَ من قلبك الحقد والكره والضّغينة وكلَّ ما من شأنه أن يعكّرَ صفو مزاجك.
- ضعْ ليومك مخطّطاً واضحاً وحدّد أهدافك بدقّة ،واسْعَ جاهداً إلى تحقيقها .فالحياة بلا هدفٍ لا قيمة لها . ستشعر بالحماس والنّشوة كلّما حقّقتَ هدفاً جديداً وسيكون دافعاً قويَّا للسّعيِ إلى اأهدافك الأسمى .
- حاولْ أن تكون نفسك لا نسخةً عن غيرك . لقد خلقَنا الّله مختلفين ومتميّزين ،فلا داعي لتُرهقَ نفسك كي تصبح كزميلك أو قريبك.يكفي أن تؤمن بنفسك وبقدراتك لتكون أكثر قناعةً وسعادة .
- لا تعملْ لتجنيَ المال فقط ؛فلْيكُنْ هدفك من العمل تحقيق الذات .أحِبَّ عملك واسْتمتِعْ بإنجاز مهماتك كما يجب . فمتى ما أحببْتَ عملك ستنجح فيه وستصبح عاملاً مبدعاً ومميّزاً ،وهذا ما يسعى إليه الجميع .
من هنا، يمكنُ أنْ نقولَ بأنّ السّعادة لا تأتي من الخارج المحيط بنا؛ وإنّما تنبع وتتدفّق من أعماقنا . والذي يتحكّم بمدى سعادتنا هو نحن أنفسنا . لذلك متى ما أردْتَّ أن تصبحَ أكثر سعادةً، قرِّرْ ذلك فقط وابْدأْ من نفسِك !
8 تعليقات
نصائح جيدة نحتاجها حقا لكي نصبح سعداء جداً و لكن لا نستطيع ان نعيش دون ان نفكر في المستقبل يجب علينا ان نقتنع بما سيقابلنا من بعد هل هو امر سيئ او امر جيد احس اننا في موجة غامضة بعض الشيء لذالك دعونا لا نفكر كثيرا في المستقبل و نترك ما لا يعنينا و ان نقترب الى الله سبحانه و تعالى.
حقاًّ أختي الفاضلة ، إنّ كثرة التّفكير في المستقبل والخوف من المجهول ،هي أكثر الأمور التي تسلب من الإنسان فرصة تذوّق لذّة ما لديه . فالقلق لن يمنع الأحداث السّيّئة من الوقوع لكنّه يسرق الشّعور بالطمأمنينة والسّعادة ، فكما قال الكاتب الراحل نجيب محفوظ :”الخوف لا يمنع من الموت ولكنّه يمنع من الحياة”.
راائع
شكراً لمرورك
ما شاء الله.
شكراً لك أخي الكريم
شكرا على هذا المقال الرائع معك حق يجب أن نستمتع بالتفاصيل الصغيرة في حياتنا أحببت مقولة إذا أردتَّ أن تكون سعيداً عِشْ حياتك كالأطفال
يسعد الناس عندما يستيقظون ويتجولون ، حتى لو كان ذلك قليلاً. أفاد الناس بأنهم أكثر سعادة إذا كانوا يتحركون في الدقائق الـ 15 الماضية بدلاً من الجلوس أو الاستلقاء ، وفقًا لبحث تتبع حركة مستخدمي الهواتف الذكية وحالاتهم المزاجية. في معظم الأوقات ، لم يكن النشاط الشاق هو الذي يجعل الناس في حالة مزاجية جيدة ، بل المشي المعتدل. بالطبع ، لا نعرف ما إذا كان الانتقال يجعلك سعيدًا أو ما إذا كان الأفراد السعداء يتحركون أكثر ، لكننا نعلم أن زيادة التمارين الرياضية مرتبطة بتحسين الصحة والسعادة.