الأساليب في اللغة العربية ..
أقسام الكلام في اللغة العربية
أجمع البلاغيون على أن الكلام العربي ينقسم إلى أسلوب خبري وآخر إنشائي ، والأول ما أفاد تقريرا وتوكيدا ونقلا لمعنى في صيغة الاستدلال ، مما يجعله محتملا للصدق والكذب بالنظر للواقع فلو أن قائلا قال : المطر نازل كان خبره هذا محتملا للصدق ومحتملا للكذب ، وبكون الواقع معيارا لمعرفة صدق الخبر أو كذبه ، فإن كان المطر نازلا من السماء فالخبر يكون صادقا وإن كان غير مطابق للواقع فكانت الشمس ساطعة ولا غيوم ولا قطر ينزل منها كان الخبر كاذبا ، أما الأسلوب الإنشائي فهو لا يحتمل لا صدقا ولا كذبا فقولك : هل جاء محمد؟ ويا أحمد اقبل لا تحمل صدقا ولا كذبا، لأن القول الأول استفهام أريد به الحصول على جواب والثاني نداء أريد به الإقبال أو الانتباه.
ينقسم الأسلوب الإنشائي إلى صنفين هما : الإنشاء الطلبي والإنشاء غير الطلبي .
صيغ الأسلوب الإنشائي الطلبي :
الإنشاء الطلبي هو الذي يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب ، ويكون بالأمر والنهي والتمني والنداء والاستفهام .
أسلوب الأمر :
الأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء وله أربع صيغ هي : فعل الأمر مثل اكتب والمضارع المقرون بلام الأمر مثل لتقرأ ولاسم فعل الأمر مثل : صه بمعنى اسكت و عليك بمعنى الزم والمصدر النائب عن الفعل مثل قولك : اجتهادا من أجل النجاح أي اجتهد اجتهادا .
أسلوب النهي
النهي هو طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء وله صيغة واحدة هي الفعل المضارع بعد لا الناهية مثل قول المتنبي:
لا تشتر العبد إلا والعصا معك إن العبيد لأنجاس مناكيدُ
الفعل المضارع يكون مجزوما بعد لا الناهية علامة جزمه السكون إذا كان فعلا صحيحا وحذف حرف العلة إذا كان معتل اللام وحذف النون إذا كان من الأفعال الخمسة .
أسلوب الاستفهام
الاستفهام طلب العلم بشيء لم يكن معروفا من قبل من قبل المستفهِم ، وله أدوات كثيرة يؤدى بها مثل الهمزة وهل وهما حرفان وكيف ومتى واين وأيان وغيرها وهي أسماء وهذه وغيرها من الأدوات التي سنوردها مبنية إلا أي فهي معربة .
يستفهم بالهمزة لأحد الأمرين : التصور وهو إدراط المفرد وفي هذا الوضع تكون الهمزة متبوعة بالمسؤول عنه ويذكر غالبا له معادل بعد أم مثل قولك : أرواية قرأت أم قصة ؟ والأمر الثاني هو التصديق وهو إدراك النسبة وهنا يمتنع إيراد المعادل كأن تقول مثلا : أيصدأ الذهب ؟
أما الهمزة فيطلب بها التصديق لا غير ويمتنع معها ذكر المعادل مثل : هل سافر والدك ؟
معاني أدوات الاستفهام الأخرى
كم يطلب بها معرفة العدد وأين للمكان ومتى للزمان وأيان للزمان مع التهويل وكيف لتعيين الحال وما لشرح الاسم أو حقيقة المسمى ومن للعاقل وأنى وتكون لمعان عدة فتكون دالة على كيف ومِنْ أيْنَ ومتى وأيُّ ويطلب بها تعيين أحد المشاركين في أمر يعمهما ويسأل بهما عن الحال والمكان والعدد والعاقل وغير العاقل وذلك تبعا لسياق الكلام الذي ترد فيه ، وكل هذه الأدوات تأتي لطلب التصور وليس لطلب التصديق .
أسلوب التمني
التمني هو طلب أمر محبوب لا يرجى حصوله لكونه مستحيلا أو لأنه ممكن غير مطموع في الحصول عليه وأشهر لفظ للتمني في لغة العرب هو ليت كقول الشاعر :
ليت الشباب يعود يوما فأحكي له ما فعل المشيب
وقد يتحقق التمني بأدوات مثل هل ، ولعل ولو مثل قوله تعالى : ” فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ” وقول الشاعر :
ولى الشباب حميدةً أيامُه لو كان ذلك يشترى أو يُباع
وقول الشاعر :
أسرب القطا هل من يعير جناحه لعلي إلى من قد هويت أطير
أسلوب النداء
النداء طلب الإقبال عليك أو الإنتباه إليك بحرف ينوب عن الفعل أدعو أو أنادي ، وله أدوات هي يا ، الهمزة ، أي ، أيا ، هيا ، آ ، وا وتفترق هذه الأدوات في الاستعمال من حيث الدلالة على المسافة بين المنادي والمنادى عليه فتكون الهمزة وأي للقريب وباقي الأدوات للبعيد مع ما في المسألة من خلاف بين علماء اللغة .
كما تجدر الإشارة في هذا الباب إلى إمكان استعمال ما دل على القريب للبعيد والعكس وفقا للمقام البلاغي المراد من التعبير فقد يستعمل المتكلم أداة للبعيد في نداء من هو قريب إذا أراد تحقيره مثلا وبيان غفلته وغير ذلك مما يستدعيه مقام الكلام ونية المتكلم ، وقد ينادي بأداة للقريب من هو بعيد عنه للتحبيب والتعبير عن قرب منزلة المنادى من القلب زهذا مبحث بلاغي صرف .
أما المنادى فيجيء على ضروب خمسة ، وهي النكرة المقصودة والعلم المفرد ويُبنيان على الضَّم والنكرة غير المقصودة والمضاف والشبيه بالمضاف ويكون حكمها النصب وهذا مبحث نحوي صرف .
الإنشاء غير الطلبي
ويقصد به ما لا يستدعي مطلوبا وله صيغ عدة منها : التعجب والمدح والذم والقسم وأفعال الرجاء وصيغ العقود .
أسلوب التعجب
التعجب استعظام فعل فاعل ظاهر المزية ، وله صيغتان قياسيتان هما : أفْعِلْ ب وما أفْعَلَ وقد يتحقق بأسلوبية خارج نسق الصيغتين ، مثل الاستفهام كقول الله تعالى : ” كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ” وقد يكون بالنداء مثل قول الشاعر مطران خليل مطران في قصيدة المساء :
يا للغروب وما به من عبرة للمستهام وعبرة للرائي
أو يستفاد من السياق مثل قولك : سبحان الله أما تعرفني ؟ وبعبارة تؤدي معنى الاستعظام مثل لله درك وفيها قول عنترة :
لله در بني عبس لقد نسلوا من الأكارم ما قد تنسل العرب
أسلوب المدح والذم
المدح والذم أسلوبان يستخدمان للتعبير عن الإعجاب بالشيء وتقديرهع والرفع من شأنه أو احتقاره والحط من قدره ويتحقق بعناصر هي فعل المدح وهو نِعْم وفعل الذم بئس والفاعل والمخصوص بالمدح أو الذم وقد يتحقق بالفعلين حبذا للمدح ولا حبذا للذم .
مثل : نعم الخلق الوفاء وبئس السلوك النميمة وقول الشاعر :
يا حبذا جبل الريان من جبل وحبذا ساكن الريام من كانا
وحبذا نفحات من يمانية تأتيك من قبل الريان أحيانا
القسم في لغة العرب :
يلجأ المتكلم العربي للقسم وهو الحلف إليه في مقام كلامي يستدعي منه التوكيد وإثبات صحة الكلام ، فيكون ذلك بحروف مثل الواو والتاء والباء فتقول: والله وتالله وبالله ويتحقق كذلك بقولك لعمرك ولعمري .
أفعال الرجاء
الرجاء أسلوب يقوم على طلب أمر محبب وقريب الحدوث وتستخدم لتحقيقه صيغ هي لعل وعسى ,وأفعال أخرى مثل اخلولق وحرى .
صيغ العقود
هي صيغ لا تحمل لا صدقا ولا كذبا رغم أنها من أسايب الخبر ومنها : وهب وباع وقبل واشترى مسندة إلى ضمير التاء المتحركة فتقول مثلا : بعتك القمح بعشرين دينارا .
نشير في هذا السياق إلى أن الأساليب الإنشائية الطلبية ، قد تخرج عن دلالاتها المعتادة للإفادة معان جديدة تستفاد من السياق مثل التوبيخ والتهديد والإلتماس والدعاء والتحقير والتعجيز والإرشاد وغيرها ، وهذا مبحث خاص بعلم المعاني في البلاغة العربية .
اقرأ أيضًا
أسلوب المدح والذم في النحو العربي
كيفية تعليم الاطفال الحروف الابجدية
أسماء الإشارة من حيث أنواعها وإعرابها في اللغة العربية
2 تعليقان
معلومات رائعة عن أقسام الكلام أخي العزيز .. شكرا علي هذا المقال القيم و أنتظر المزيد ان شاء الله . تقبل تحياتي أستاذ جواد .
شكرا لك على المرور العطر تحياتي