إن الاهتمام بالمدينة ومحاولة التحكم في توسعها المستقبلي من أهم المواضيع التي تهتم بها دول العالم اليوم وتسعى لتحقيقها، من خلال تسطير برامج تطور القطاع العمراني بما يتوافق ومبادئ التنمية المستدامة. من أجل الوصول إلى تصميم وتنمية عمرانية مستديمة تجعل من المدينة إطارًا ملائمًا للحياة يؤدي وظائفه الحيوية ويضع خطط لتحقيق طابع منسجم اجتماعيًا واقتصاديًا وبيئيًا ويوفر مجتمعات تتميز بجودة الحياة ذلك بخلق المدن الذكية وتكون أكثر استدامة لمواطنيها.
أي مدن تحقق الهدف الحادي عشر للأمم المتحدة، وذلك من خلال استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات. وسنحاول خلال هذه الورقة البحثية إلقاء الضوء على المدن الذكية التي تعتمد على تكنولوجيات الإعلام والاتصال لتحقيق مدن مبتكرة تستخدم هذه التكنولوجيات لتحسين نوعية الحياة.
وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية لتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة وإدارة المخلفات، وتحسين الإسكان والرعاية الصحية، وتحسين تدفق حركة المرور والسلامة. والكشف عن جودة الهواء، وتنبيه الشرطة إلى الجرائم التي تحدث في الشوارع وتحسين شبكات المياه والصرف الصحي والاستشهاد بأمثلة حول العالم وإبراز مدى سعي منظمة الأمم المتحدة إلى تجسيد هذا المسعى.
تعريف المدن الذكية:
إن المدن الذكية تكون أكثر استدامة إذا ربطناها بمعايير ومتغيرات تتعلق بخصائص البيئة العمرانية وربطها بتكنولوجيا الإعلام والاتصال والتي تعتبر أدوات لجمع ونقل وتوصيل المعلومات واستخدامها عن طريق ربطها نظم المدينة وإدارتها. وهو ما يخلق مدن ذكية تعرف على أنها افتراضية ورقمية وإلكترونية وتعرف بالإنجليزية بـ smart city.
ويتم بناء المدن الذكية على بنية تحتية للاتصالات وتقنية المعلومات وتعمل على توعية الإنسان داخل المدينة ورفع كفاءة الخدمات الحضرية. وتلبية جميع احتياجات الأجيال الحاضرة وضمان حق الأجيال القادمة في كل ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تطبيقًا لمبادئ التنمية المستدامة.
أهدافها:
– تهدف المدن الذكية إلى خلق بيئات معيشية مستدامة وذكية وأكثر مقاومة للكوارث وتقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة.
– الحفاظ على حق الأجيال القادمة من خلال تحسين حالة ساكني المدن في الوقت الحالي وتحقيق تنمية اقتصادية وبيئية وتجسيد الاندماج الاجتماعي.
– تعمل على تحقيق ثلاث أهداف أساسية تتجسد في الهدف البيئي والمتمثل في خلق مدن صحية بيئيًا تتوافر بها شبكات للطاقة المتجددة وتعتمد على تقنيات بيئية نظيفة.
أما الهدف الثاني فهو اجتماعي من خلال خلق مدن إبداعية تركز على المعرفة والنشاطات الذكية والتعليمية تدفع بالفرد إلى الإبداع والتميز.
أما الهدف الثالث تقني من خلال خلق مدن رقمية افتراضية تتمتع بتقنيات المعلومات والاتصال تجسد الإدارة العمرانية الذكية والبيئات الرقمية.
مسعى الأمم المتحدة إلى تجسيد المدن الذكية:
لقد اعتمدت الأمم المتحدة على سنة 2015 أهدافًا للتنمية المستدامة تعمل من خلالها إلى إنهاء الفقر وحماية البيئة والكوكب وضمان الأمن والسلام والازدهار.
وقد وضعت نظرة استشرافية حتى حلول 2030 ووضعت لذلك سبعة عشر هدفًا متكاملًا تضمن بهم استدامة اجتماعية واقتصادية وبيئية. وقد ركزت بالهدف الحادي عشر على خلق مدن ومجتمعات محلية مستدامة تتجسد في تحقيق المدن الذكية.
أمثلة على تلك المدن:
إن المدن الذكية هي ثورة في طريقة عيش الإنسان بالمراكز الحضرية والمعتمدة كليًا على التكنولوجيا لمواجهة تحديات النمو السكاني بالمراكز الحضرية وتوفير جميع متطلبات الحياة. ومن أهم المدن الذكية ما يلي:
مدينة نيويورك: التي حققت اقتصاد مزدهر وقد اعتمدت على نظام لجمع القمامة من خلال استخدام أجهزة الاستشعار والمراقبة والتدخل وقت امتلاء العلب.
مدينة لندن: التي تتصدر قائمة أفضل المدن الذكية في العالم والتي دمجت تكنولوجيا الإعلام والاتصال بالتخطيط الحضري.
ومدينة كوبنهاغن: والتي توجهت بطريقة سريعة نحو التطور الذكي واعتماد السياسات البيئية المستدامة. حيث تستطيع التحكم في مراقبة جودة الهواء وحركة المرور وكذلك إدارة النفايات والعدادات الذكية والمباني وأنظمة وقوف السيارات.
مدينة دبي: المدينة الطموحة التي تمكنت من رقمنة 90 بالمئة من خدماتها بالبنية التحتية والنقل والاتصالات والكهرباء والتخطيط الحضري ومختلف الخدمات الاقتصادية.
خاتمة:
وإن ما نستخلصه في الأخير أن فكرة المدن الذكية وإن تحققت على أرض الواقع فإنها تحقق آليات ووسائل ذكية من تكنولوجيات الإعلام والاتصال وخلق إدارة ذكية. تحسن نوعية الحياة بالمدن وتعمل على الحفاظ على البيئة بنفس الوقت؛ لذلك وجب علينا أن نستثمر في مجالات الطاقة المتجددة والمياه. وكذلك إعادة تدوير النفايات وكذلك وضع سياسات عمرانية تمس تنظيم شبكات الطرق وتطبق الإدارة الذكية للمياه والطاقة.
للمزيد:
الطاقة ومصادرها وتاريخ استخدامها