لقد كرم الله تعالى بني آدم عن باقي مخلوقاته بنعمة جليلة عظيمة و هي نعمة العقل. و لكن في أحيان كثيرة ينقلب العقل عدوا خفيا ينغص حياة المرء و يقلبها جحيما بغيضا يستحيل العيش فيه. نقدم لكم اليوم قصة لطيفة و ظريفة. لكنها تحمل من العبر و الحكم قدر ما تحويه من الظرافة و الحس الفكاهي . قصة الرجل و الضفدعة، قصة خيالية و ممتعة عن رجل سكنت عقله أوهام غريبة، جعلت أيامه شقية و تعيسة.
محتوى قصة الرجل و الضفدعة:
يقطن بطل قصتنا، ولنسمه عمر، مسكنا واسعا في مدينة كبيرة، تتوفر فيها وسائل الراحة و العيش الرغيد. و له مصدر دخل محترم و زوجة رائعة، جملية و لطيفة و مطيعة. انه يمتلك كل ما قد يتمناه المرء: المسكن و المال و الزوجة. و لكن صديقنا عمر بعيد كل البعد عن السعادة. انه و يال العجب قد وصل أعلى درجات البؤس، و سبب ذلك عجيب جدا. فهو مقتنع تمام الاقتناع انه ابتلع ضفدعة. و أن هذه الضفدعة تسكن بطنه و تسبب له آلام فضيعة، و تقلب أيامه جحيما.
معاناة عمر
في احد الأيام ازدادت معاناة عمر من آلام الضفدعة المزعومة. فقرر زيارة طبيب مختص ، و اخبره بمشكلته، فحص الطبيب عمر فحصا دقيقا لكنه لم يجد شيئا يدعو للقلق، فطمئن مريضه، و وصف له بعض المسكنات. لكن عمر لم يقتنع بتشخيص الطبيب فقرر زيارة طبيب آخر، و كالمرة الأولى لم يجد هذا الأخير أي مشكلة: لا ضفدعا في بطن عمر.
توالت زيارات عمر للأطباء، و تشابهت تشخيصاتهم و آرائهم في سلامة جسده و خلوه من العلل و الضفادع ، و لكن هذا لم يرح بال صديقنا، بل زادت أيامه شقاء، و تعاظمت آلام بطنه ، حتى جاءه الفرج في احد الأيام، حيث سمع بمأساته صديق قديم له، فجاء لزيارته و حزن لحاله ثم أوصاه بزيارة طبيب كبيرو معروف بمهنيته و إتقانه لعمله.
زار عمر الطبيب الموصى به من طرف صديقه، و حكا له قصته، و بعد الفحص، و كالعادة لم يجد شيئا، و لكنه كان يملك من الذكاء ما جعله يفهم العلة الحقيقية و طريقة علاجها، فهم أن عقل عمر مغيم بالوهم و أن الضفدعة تسكن رأسه لا بطنه، فقرر ألا يخبره بالحقيقة، و إنما قال له: ” لقد وجدت الضفدعة المختبئة يا سيدي، إنها مستقرة في معدتك و علينا إجراء عملية جراحية و استئصالها فورا”
فرح عمر و تهلهلت أساريره و وافق على الفور على قرار الطبيب.
و في يوم العملية قاع الطبيب بطلب ضفدعة صغيرة، و لما أفاق عمر أراه الضفدع زاعما انه أخرجها من معدته، و منذ ذلك الحين اختفت آلامه و عادت إليه سعادته المسلوبة.
العبرة من القصة :
تكمن العبرة من قصة الرجل و الضفدعة في أن الإنسان في أحيان كثيرة يصنع شقاؤه بنفسه، و يخلق مشكلات لا وجود لها بالواقع و ما هي أوهام صنعها عقله، لذا علينا فتح بصيرتنا و النظر من خلالها، و أن لا نترك الأوهام تسيطر علينا كما سيطرت على عمر في قصة الرجل و الضفدعة.
إقرأ أيضاً
ملخص كليلة ودمنه ترجمة ابن المقفع