هل نستعد ؟ رغم إنها لم تكن المرة الأولى التي يموت فيها.. إلا إن صدمة موت جمال عبد الناصر هذه المرة كانت قاسمة. نعم مات عبد الناصر قبل ذلك في 67 لكن خروج الجماهير لإثناءه عن التنحي اعادته إلى الحياة من جديد. أما وقد صعدت روحه إلى بارئها فما الذي يستطيعه البشر امام القضاء و القدر. كان تعلق الناس بعبد الناصر شديدا.. ربما اقوى من تعلقي بيد أمي و انا طفل في الصف الرابع الإبتدائي أقف وس
ط الجموع في ميدان رمسيس صباح يوم 29 سبتمبر 1970 ليتساءلوا: هل مات حقا جمال؟ لازلت أتذكر النساء يلبسن السواد و ينتحبن… و الرجال يطالعون جرائد الصباح في ذهول.
نعم… مات عبد الناصر…. ولم تمت مصر
و يوم قُتل السادات، ورغم كره الكثيرون له، فقد كانت صدمة الناس شديدة… لكن السبب كان مختلفا بإختلاف ملابسات الوفاة وما سبقها أو لحقها من أحداث. ربما كان القلق و الخوف اوضح من الحزن في حادثة إغتيال السادات. كانت إسرائيل لاتزال جاثمة فوق سيناء، وكانت الجماعات الإرهابية (تبرطع) في البلاد شمالا و جنوبا، وكان القاتل من الجيش لذلك كان الخوف عظيما.
و مات السادات…. وعاشت مصر
و حتى حين تنحى مبارك في 2011، ورغم فرحة الكثيرون التي لها ما يبررها، فقد كان البعض – وأنا منهم- يحسون بالقلق الشديد، ليس كما يظن السفهاء حزنا على رحيل مبارك و نظامه، ولكن خوفا على مصر مما ينتظرها بسبب ما كان واضحا للبعض من مؤامرة كبرى تستهدف الوطن وليس النظام وحده.
و رحل مبارك… وبقيت مصر
إن الذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو ما أراه الان من تعلق ببعض الأشخاص و إعتبارهم السبيل الوحيد للنجاة أو لتحقيق الأمنيات والغايات المستحيلة. إن شخصا من هؤلاء قد غاب عن الساحة في لحظة، وتقوض حكمه بسرعة لم يتخيلها يوما مريدوه وأتباعه، فكانت فاجعتهم التي لازلنا نعاني آثارها يوما بعد يوم.
و قد يتكرر ذلك مع أي شخص آخر، قد يختفي من الساحة أو حتى من الحياه سواءا قبل تولي الحكم أو بعده، أو حتى بعد ذلك بسنين….فهل نحن مستعدون لذلك؟….هل نستطيع تقبل ذلك قضاءا وقدرا؟… هل نملك من اليقين بالله و الثقه بالنفس ما يربط على قلوبنا لمواجهة ذلك إن حدث…لا قدر الله؟.
لن أمل أن اكرر إن مشاكل مصر ليست كلها في النظام الحاكم ولا نظام الحكم، و إن كان ترديد ذلك الإدعاء و الإقتناع به يسهل على كل فرد حياته ويرضي ضميره وهو يزيح همومه عن كاهله ليضعها على شماعة (الحكم). و في المقابل لو أحسسنا بمسئوليتنا الشخصية فقد يكون ذلك متعبا بدنيا و نفسيا في مرحلة ما، لكنه لن يجعلنا يوما في موقف الصدمة من غياب حاكم او تولي آخر.
التعلق بالأشخاص والأسباب طبيعة بشرية لكن لابد من تحجيمها في إطار من الإيمان بالله و الثقة بالنفس، و لعلنا نذكر كلمة ابوبكر الخالدة حين أحس بفتنة البعض عند علمهم بوفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم:
((من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات… ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت)).
اقرأ أيضًا
علاقة فاتن حمامة بالرؤساء , تري مبارك طيب وتحب السادات واتصل بها السيسي..
معلومات عن أقدم محمية في العالم التي أختبأ فيها الرئيس السادات هربًا من الأحتلال الإنجليزي
حذره الأطباء.. فأحب البايب..محمد أنور السادات
الرئيس جمال عبد الناصر وتفاصيل تحقيقه مع المتهمين بمحاولة إغتياله
2 تعليقان
مقال مميز واسلوب الكاتب راق وشيق ويتميز بالسلاسه والعذوبه
شكرا جزيلا لمرورك الكريم