الوفيُّ الكاذب ” قصة قصيرة”
بداية الأحداث…
بالأمس قضى ليلته الأولى في المستشفى وذلك بعد إصابته بالتهاب حاد في الرئة
و كان من حسن حظه أن أحد جيرانه قد اكتشف الأمر بمحض الصدفة وقام بإسعافه بالتوقيت المناسب
كانت الأمور تسير على ما يرام داخل المستشفى وأخذت حالته بالاستقرار شيئا فشيئا
وأخبره الطبيب المشرف على علاجه بأن صحته جيدة لكنه لن يكون قادرا على التدخين مجددا
كان هذا الخبر بمثابة الصاعقة
فالبنسبة لشخص مثله اعتاد على إنهاء علبتين من السجائر يوميا الأمر أشبه بالكارثة
وحين حاول التفاوض مع الطبيب في محاولة منه لتخفيف ذلك الحكم الصارم
قابله الطبيب بالحزم وأردف قائلا بأن أي محاولة للعودة للتدخين ستضع حياته على المحك
خرج الرجل من العيادة بعد يومين قضاهما بين رائحة الأدوية والمسكنات
العرض (العقدة )
وأثناء الطريق مر من أمام دكان صغير
دخل إليه دون تردد وابتاع علبة من السجائر ورغم أنها لم تكن من ذات النوع الذي يفضله إلا أن سعادته بها كانت لا توصف
وحين هم يحاول إشعال سيجارته الأولى تذكر كلام الطبيب وتحذيره له واستجمع كل مالديه من إدراك ووعي ورمى بالعلبة في مجرور للصرف الصحي وأقسم بعدها بأنه لن يعود إلى ذلك أبدا
ومر يومان وهو لا يزال على تلك الحال قبل أن يفقد سيطرته على نفسه ويخرج راكضا باتجاه أقرب كشك لمنزله ويقوم بإشعال السيجارة حتى قبل أن يدفع ثمنها. ثم ما لبثت أن تلت تلك العلبة علب أخرى وعاد إلا سابق عهده
وفي أحد الأيام وبينما كان جالسا مع أصدقائه أخذ يسعل بشكل مستمر وأخبر الجميع عن قصته وعن عدم قدرته الاقلاع عن التدخين
لكن واحدا منهم والذي كان مدخنا شرها فيما مضى أخبره بأن الأمر صعب لكنه يحتاج فقط أن يمتلك الإنسان بعضا من الإرادة
ثم نظر إليه باستخفاف وقال لا أعتقد أنك منهم على أية حال
الأمر الذي حرك مشاعر الإهانة في نفس الرجل
فقاطعه محتدا بقوله ليشهد الجميع علي بأنني لن أدخن مرة أخرى ما حييت
قوبلت تلك الفكرة بالاستهزاء من البعض في حين قدم آخرون دعمهم لها
وعلى أية حال فإن كلا الطرفين يشهدان على ماقاله الرجل في تلك الساعة
ومر اليوم الأول بصعوبة بالغة ثم اليوم الثاني فالثالث وحين وصل إلى اليوم الرابع كاد رأسه أن ينفجر
وعزم على فعلها لكنه حين رأى أحد أصحابه والذي يعمل معه في المكان ذاته
تذكر العهد الذي قطعه أمامهم وأدرك أيضا بأنه لو فعل ذلك فإن صاحبه هذا لن يجد حديثا يمضي به السهرة مع البقية أفضل من الطفل الذي ينقض عهده
وتراجع عن فعلته وكان قلبه قد امتلأ بالحقد على صاحبه في تلك اللحظة
النهاية (حل العقدة )
وسارت الأمور على هذا النحو عدة أيام أخرى حتى أحس بأنه ماعاد محتاجا للتدخين مجددا وأدرك بأنه قد نجح في الإقلاع عنه
كان فخورا بنفسه في ذلك اليوم بأنه لم يترك أحدا من أصحابه يسخر منه
ومن كونه الرجل الذي يتراجع بكلامه
وفي لحظة السعادة تلك سيطرت عليه فكرة رهيبة
جعلته يحتقر نفسه إلى أبعد الحدود
حين تذكر الوفيُّ الكاذب أنه قد حنث بقسمه ببساطة في حين لم يحنث بعهده أمام أصحابه
إقرأ أيضاً
أُنْسِــــــــــــــــي ….(قصة قصيرة بقلم/أسامة الأديب)