كنت قد تحدثت في مقال سابق عن عالم ” المستضعفون ” الذي يتأهب المخرج المصري بيتر ميمى للشروع في تنفيذه كـ حلم من المخرج بنقل أعمال هوليوود السينمائية التي تأثر بها للسينما المصرية . حيث ستكون هذه السلسلة من الأفلام بمثابة تمصير لـ فكرة سلسلة أفلام مارفل وفكرة تقديم أكثر من بطل خارق بـ أفلام منفصلة ثم جمعهم معاً في أفلام آخرى كـ ” The avengers ” End game .
عالم المستضعفون
ورغم أن المقصود من اسم المستضعفون كـ رمز أو تيمة تميز هذا العالم لم يكن واضحاً . إلا أنك بمشاهدة أول فيلمين عن شخصيات هذه الأفلام وهما فيلم الهرم الرابع وفيلم موسى .. سوف تفهم أن بيتر ميمي كـ كاتب ومخرج يسعى لرسم شخصيات تشعر بالظلم والضعف والحاجة للانتقام .ليس لدافع شخصى ولكن لتطهير المجتمع من الفاسدين . وفي الغالب الفكرة لم تبعد بعيداً عن المغامرون في عالم مارفل أو فريق العدالة لـ عالم DC .
وكل شخصية من هذا العالم تتميز بهبة تستغلها للحصول على القوة والقدرة لمواجهة الأشرار . فـ يوسف ( أحمد حاتم ) في فيلم الهرم الرابع ضليع في علم الهكر والقرصنة فيستغل هذه الموهبة في الإطاحة بالفاسدين . أما بطل فيلم اليوم موسى وهو الشاب الإنطوائي يحيى ( كريم محمود عبد العزيز ) فهو ماهر في علم الهندسة و الميكاترونكس ورغم ضعف بنيته الجسمانية إلا أنه يبتكر روبوت قوي يعوض هذا الضعف ويجعل منه شخصية لا تقهر بسهولة .
نقاط قوة الفيلم
فيلم موسى فيلم جيد بل من الأفلام المصرية المميزة خلال الأعوام الأخيرة ، فهو فيلم له طابع مميز ويظهر به البذخ الإنتاجي ، كما أنه مُفعم بالطاقة والمشاهد الحماسية المصقولة بالمؤثرات البصرية الأقرب إلى الإحترافية كـ افلام استديوهات مارفل ، الفيلم أيضاً قدم أفضل أداء تمثيلي للنجم ” إياد نصار ” والذي يتميز دائماً في كل عمل يظهر به حتى لو مشهد واحد ، كما أن الفنان ” كريم محمود عبد العزيز ” أظهر أنه فنان موهوب ولكن اختياراته السابقة هي السبب في التقييمات السيئة التي حصل عليها كـ أفلامه مع السبكي ، بالإضافة لظهور الفنانة السمراء الجميلة ” أسماء أبو اليزيد ” ورغم أن بناء الشخصية لا يُضيف جديد سوى أنها صديقة البطل التي تتعاون معه إلا أنها ممثلة موهوبة ومُلفتة دائماً بحضورها .
فيلم موسى قدم لوكيشنات تصوير مميزة وتظهر الجانب الجمالي في مصر ، حتى الطرق والمنازل والسيارات المُستخدمة بالفيلم والمتأثرة أيضاً بالأفلام الأجنبى تظهر لك أن الفيلم حقاً لم يبخل منتجه عليه ، كما أن الموسيقى التصويرية والأغاني الحماسية الموجودة بين أحداث الفيلم أعطت له بريق كأنك تشاهد فيلم من أفلام الأنيميشن .
نقاط ضعف الفيلم
الفيلم كما قلت فيلم جيد ولكن كصورة بدون روح . بمعنى أن بيتر ميمى مخرج ممتاز وعلى دراية بطبيعة عمله الإخراجي من الناحية التقنية. ولكنه للأسف لا يستطيع أن يجعلك تغوص في أعماق الفيلم من الناحية الدرامية والوجدانية. وهذا ما ستلمسه في فيلم موسى. حيث الفيلم جيد من حيث المؤثرات ومشاهد الأكشن وطريقة التصوير ، ولكن أين الترابط الداخلي بين المشاهد والفيلم بعيداً عن جودة الصورة ؟ .. مجرد فيلم متأثر بشكل كبير بـ أفلام الأبطال الخارقين. ولا أتهم بيتر ميمي بالسرقة أو النحت. ولكنه قطعاً قام بنقل عالم هوليوود للسينما المصرية بدون وضع الطابع الواقعي والمصري الذي يُميزنا ، فظهر الفيلم وكأنك تعيد تصوير فيلم أمريكي ولكن بدولة مصر .. وهذه مشكلتى الدائمة مع أفلام بيتر ميمي .
تيمة مكررة
بيتر ميمي أيضاً قام بتكرار نفس التيمة والدافع والصراع الموجود بفيلم الهرم الرابع في فيلم موسى ، فالبطل في الفيلمين شخص عانى من الظلم الأول ماتت أمه ولم يستطع علاجها بسبب تكاليف المستشفى الباهظة فيقرر الانتقام من صاحب المستشفى الخاصة من خلال علم التهكير ثم يعمم التجربة على الكثير من الفاسدين ، وبطل فيلم موسى شاب قُتل أبيه أمام ناظريه وبسبب خوفه لم يتصدى للقتلة ، فيقرر الانتقام منهم من خلال الروبوت موسى وبعدها يتوسع في استخدام موسى لقنص كل المتطاولين على القانون من قتلة وتجار سلاح ومخدرات .. بـ اختصار الفيلم أشبه بفيلم أنيميشن كما ذكرت ولكنه بـ أبطال من لحم ودم .
أحداث فيلم موسى بـ إيجاز
هندسة الميكاترونكس
في بداية الفيلم يظهر لك الكاتب علاقة الشاب يحيى مع والده والذي قام بدوره الفنان ( صلاح عبد الله ) كـ أصدقاء . كما يعرفك على يحيى الذي يحب زميلته في الجامعة. ولكنه جبان وانطوائي لـ درجة استصعاب البوح لها بمشاعره ، فـ يحاول تعويض الإحساس بالوحدة من خلال اختراع روبوت ويُسمية موسى على اسم أخيه الصغير والذي توفي قبل مولده ، وهو إنسان آلي صغير يعتمد على فكرة الاستشعار الإلكتروني من خلال جهاز تحكم يرسل الإشارات من وإلى أعصاب المخ .. ورغم أن موسى بارع في هندسة الميكاترونكس إلا أن معلمه الدكتور نصار وهو الفنان ( إياد نصار ) يمتلك من غرور العظمة ما يجعله يكن البغضاء لـ تلميذه المُتميز أكثر منه .
سبب وجود موسى
وظلت حياة يحيى مرهونة بفكرة التواصل خارجياً ، حتى حانت اللحظة التي قلبت حياته رأساً على عقب بعد أن قام بعض القتلة الذي اشترى والد يحيى عداوتهم بالهجوم على منزلهم وقتله ، وجثى يحيى بالمطبخ يشاهد والده يحتضر والمجرمين يحرقوا المنزل ويسرقوه وهو قليل الحيلة ، مما نمى بداخله إحساس بالخذلان والعار فيقرر الانتحار ، ولكن روح والده تمنعه وتجعله يعزف عن الإحباط ، فيستغل يحيى حزنه ليكون سبب وجود موسى ، الروبوت الذي يخترعه لينتقم من القتلة ويفعل بهم كما فعلوا بـ والد يحيى .
موسى بطل قومي
ما حدث بين موسى والقتلة تم تصويره بموبيل سائق توك توك. حيث قام هذا السائق بنشر الفيديو على صفحات السوشيال ميديا . مما يجعل موسى تريند وحديث الساعة. ومن هنا تقرر ريكا الفتاة القريبة من موسى وتحبه بدون أن يبادلها نفس المشاعر أن تساعده في جعل موسى بطل قومي. و رادع حصين ضد الفاسدين ، وبمساعدة يوسف الهرم الرابع ، يحصل يحيى على معلومات لهؤلاء الأشرار ويقضى عليهم ومع الوقت تزيد شعبية موسى بين المواطنين .
شخصية الشرير
وبالطبع في أي فيلم من أفلام الأبطال الخارقين لابد من وجود شخصية شريرة يواجهها البطل الصالح ، والشرير في الفيلم هو فارس نصار. والذي تستعين به الشرطة للوصول لـ مخترع موسى. فيقرر مساعدتهم لمعرفة سر هذا الإختراع المذهل لسبب غامض ، وتعتبر شخصية نصار هي امتع وأصعب شخصية بالفيلم لما يمثله من صراع داخلي بين شره وضعفه أمام مرض طفله الصغير. و لكن رغم شر نصار إلا أن صراعه أمام ذكاء يحيى لم يسعفه بالوصول لهدفه. فيقرر نصار الاستغناء عن قوة الشرطة والاستعانة بقوة الخارجين عن القانون أمثال الأشقر حتى يوقع فعلاً بـ يحيى ويكشف هويته. ولكن يحيى لم يكن وقتها بمفرده فهو معه أصدقائه يوسف و ريكا .. و موسى .
انتصار يحيى
وكالعادة ينتصر الخير على الشر ويسلم نصار الراية البيضاء بعد أن قام يحيى بتدمير موسى بمنزله الخشبي وتفجير وكر نصار وعصابته. فيهرب نصار بعد فشله في الحصول على سر موسى ولكن يتم القبض عليه. كما يقوم يوسف حجاج بـ إنقاذ يحيى من حُطام انفجار المنزل. حيث يظهر بالمشهد الأخير ضيف الشرف ( أمير كرارة ) وهو مُلثم بين رجال الإطفاء وهم يخمدوا الحريق
تمهيداً لظهوره بشخصية ملاك الموت الفيلم القادم من سلسلة المستضعفون. وهذه الفكرة غير مبتكرة أيضاً حيث تعتمد عليها كل أفلام مارفل. ومن هنا أعلنها صريحة أن بيتر ميمي مخرج جيد ومحترف. ولكن ليس مبتكر كما يعتقد البعض. هو فقط بارع في تقليد الأعمال الأمريكية بطريقة مصرية .
إقرأ أيضاً
فيلم الأيدي الناعمة من أروع أفلام السينما المصرية
كلم ماما فيلم كوميدي بطولة عبلة كامل وحسن حسنى
إمرأة واحدة لا تكفي فيلم يدعم أفكار إيناس الدغيدي ونجح بسبب أحمد زكي