التوكيد في مقامات التواصل .. يلجأ المتكلم في أي لغة من لغات العالم إلى تقنيات من أجل توكيد كلامه حينما يستشعر أن المخاطب في ريبة وشك من الكلام ، أو حينما يقتضي المقام استعمال التوكيد لبلاغة من بلاغات القول ، فيستعمل المتكلم العربي مؤكدات عدة من قبيل إنَّ وأنَّ وقد التحقيقية المفيدة للتوكيد ، وتكرار اللفظ والجملة واستعمال لام التوكيد والنون المشددة أو المخففة ، كل هذا من أجل إثبات الكلام وتقويته.
أقسام التوكيد في لغة العرب
ينقسم التوكيد في اللغة العربية إلى توكيد لفظي وآخر معنوي ، فإما اللفظي فيكون بتكرار اللفظ نفسه سواء كان حرفا مثل : لا ، لا تلعب قرب البئر أو اسما مثل الرجل ، الرجل في الدار ، أو فعلا مث قولك : نام ، نام الصبي أو جملة مثل : عاد المسافر ، عاد المسافر .
وتوكيد معنوي يتحقق بألفاظ خاصة هي نفس وعين وكلا وكلتا وجميع وعامة وكل ، وأضاف بعض علماء اللغة أكتع وأبصع بمعنى جميع وذات بمعنى نفس ، وكل مؤكد من هذه المؤكدات يستعمل في سياق خاص من التركيب فالتعبير بالنفس والعين يتناسب مع الإفراد إلا إذا أقحم فيها الضمير العائد على الجماعة مثل : جاء الولد نفسُه / عينُه وجاء الأولاد أنفسهم / أعينهم ..
أما كلا وكلتا فهاتات تخصان التثنية لا غير ، فتؤكدان اللفظ المثنى قبلهما مثل حضر الطفلان كلاهما وجاءت البنتان كلتاهما
وألفاظ جميع وعامة وكل تخص الجمع مذكرا كام أو مؤنثا مثل : أقبل الضيوف جميعهم / عامتهم / كلهم ، وحضرت المعلمات عامتهن / جميعهن / كلهن
مسألة في المؤكد (كل )
هذا اللفظ لا يصح أن يأتي مع مؤكَّد غير قابل للتجزئة أو التبعيض كالإنسان مثلا فلا يصح أن تقول جاء زيد كله لأن ذلك يقتضي أن يأتي نصفه وثلثه وهذا مستحيل الوقوع ، فلذلك منع علماء اللغة هذا التعبير عن الذوات الحية المفردة ، مما لا يقبل التجزيء بلفظة كل .
الضمير العائد في المؤكِّدات المعنوية
كل مؤكد معنوي إلا ويشتمل على ضمير يعود على المؤكد ويطابقه في الجنس ( التذكير والتأنيث )
والعدد (الإفراد والتثنية والجمع ) ، فتقول في باب المطابقة :
- جاء العالمُ نفسُه / عينُه وجاءت العالمةُ نفسُها / عينُها
- رأيت الفتاتيْن كلتيْهما
- رجع الولدان كلاهما
- مررت بالفقهاءِ جميعِهم
- شاهدت النساءَعامَّتَهن
- دخل اللاعبون كلُّهم
العلاقة الإعرابية بين التوكيد والمؤكد
التوكيد من التوابع ، يتبع المؤكد في إعرابه فلا يخالفه رفعا ونصبا وجرا ، فكلمة نفس وعين مرفوعتان بعد كلمة العالم الذي جاء فاعلا
وكلتيهما علامة نصبها الياء لأنها ملحقة بالمثنى بعد المفعول المنصوب ، وكلاهما مرفوع علامة رفعه الألف لأنه ملحق بالمثنى بعد فاعل مثنى مرفوع ، ولفظة جميعهم توكيد مجرور علامة جره الكسرة الظاهرة بعد اسم مجرور قبله بالباء ( الفقهاء ) ولفظة عامتهن جاءت منصوبة بعد مفعول به (النساءَ) ، وكلهم جاءت مرفوعة بعد جمع المذكر السالم المرفوع (اللاعبون ) ، وهكذا يظهر مدى التزام التوكيد بالإعراب الذي يميز المؤكد فيتبعه تبعية مطلقة بدون مخالفة .
نماذج إعرابية
حضر : فعل ماض مبني على الفتح الظاهر على آخره
الضيف : فاعل مرفوع علامة رفعه الضمة الظاهرة
نفسُه :توكيد معنوي مرفوع تابع للمؤكد في إعرابه علامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره وهو مضاف الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه .
الولدان : مبتدأ مرفوع علامة رفعه الألف لأنه مثنى
كلاهما :توكيد معنوي مرفوع علامة رفعه الألف لأنه ملحق بالمثنى وهو مضاف الهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والألف للتثنية .
في : حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب
الملعب : اسم مجرور علامة جره الكسرة ..
فائدة
أضاف بعض علماء اللغة ألفاظا مثل أكتع وأبصع وأبتع من باب جميع وعامة فيقال : جاء الناس أجمعهم و أكتعهم وأبصعهم وأبتعهم ، أي جميعهم وقد أخذوا معانيها من دلالة الاجتماع فالأكتع من تكتع الجلد إذا اجتمع ، والأبتع هو طول العنق لأن القوم في حال اجتماعهم يطيلون أعناقهم للاستطلاع ، والبصع معناه العرق المجتمع ، فجيء بها للدلالة على معنى الاجتماع .
اقرأ أيضًا
المفعول المطلق في النحو العربي
الأسماء المعربة والمبنية في النحو العربي
الإعراب والبناء في النحو العربي