دخل ” مروان ” الى شقته ليلا في وقت متأخر وهو يدندن ببعض الموسيقى ومزاجه بحالة جيدة للغاية، توقف للحظات ليتساءل بينه وبين ذاته عن سبب ذلك الظلام الذي يغزو اركان الردهة، بتلقائية انار الضوء وهو يكمل تلك المعزوفة التي تصدر من فمه، تفاجئ حينما وجد زوجته تجلس وحدها وهي التي تخاف الظلام أكثر من أي شيء، تحرك سريعا نحوها، بلهفة واضحة سألها:
– سلمى! لماذا تجلسين هكذا ما بك حبيبتي قلق قلبي كثيرا هل حدث لكِ مكروه؟!
فرت دمعة هاربة من مقلتها لتهبط على وجنتها معلنة له عن اذى حقيقي تتعرض له زوجته، اقترب منها بسرعة ليجلس بجوارها، أحاط بيديه عليها محاولا ان يضمها الى صدره، هبت واقفة وهي تزيحه من جوارها بحزن، غمغمت بصوت ضعيف:
– اتعلم كلما حاول عقلي ان يستجمع الامر تشتت أكثر فأكثر كيف لك ان تكون بارعا في التمثيل هكذا. اين ضميرك الغائب؟
صيق ما بين حاجبيه بعدم فهم، نهض ليحاذيها في وقفتها، قال بتساؤل:
– ماذا تقصدين؟ هلا تحدثتِ بشكل أوضح على الأرجح هنالك سوء فهم او شيء حدث دون قصد مني!
= كف عن ذلك يكفيك خداع ومراوغة انا اعلم كل شيء وليس الان فقط مروان انا اعلم منذ فترة لكن أعلن قلبي العصيان على عقلي وتفكيري مازال يخبرني ان للقصة بقية.
– سلمى انا حقا لا افهم ما تقصدين ابدا من فضلكِ قومي بالتوضيح.
تنهدت بحسرة قبل ان تقول بانكسار:
– فقط أخبرني كيف يكون قلبك ملك لها ولي بالوقت ذاته؟ كلما نظرت اليك اود كثيرا معرفة الإجابة، تأخذني بين احضانك ويتفوه فمك بمعسول الكلام كل ليلة تعمل جاهدا على اسعادي لم يتغير بك أي شيء كيف لك ان تكون هكذا. ليتك تركتني وذهبت اليها لكنك ما زلت هنا بيني وبينها وهذا هو الجرح الذي شق قلبي نصفين إنك تخونني كل لحظة وقررت ان تجعلني أعيش كالمغفلة التي تجري المياه من تحتها. اين ضميرك الغائب ؟
ابتلع ريقه بصعوبة، حاول ان يلمس كفيها بهدوء عله يستطيع ان يجعلها تسكن وتهدا، هتف بحذر:
– ما الذي تقولينه سلمى هل جننتِ، من اخبركِ بكل تلك الافتراءات انني حقا برئ منها كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
صرخت وهي تبعده كفوفه عنها، قالت بغضب:
– كفاك! الا تشبع يا رجل من الكذب، كذبة تلو أخرى الا تمل؟ لأنه كل ما يهمك هو من أخبرني، حسنا سأخبرك.. انها عيني التي راتك، اذني التي سمعتك اتحسب انهم سيضللونني؟ رايتك ممسكا بيديها كما تمسك بيدي تماما، سمعتك تبثها بارق الكلمات مثلما تبثني إياها..
أغمض عينيه بقهر قبل ان يجيبها برجاء:
– أستطيع ان احبكما بنفس القدر لا أستطيع الاستغناء عن احداكن، أخبريني هل قصرت معكِ بشيء ولو بسيط ها انا مروان الذي عهدته في الماضي والحاضر سيان لم يتغير بي ولو قطرة صغيرة وقبل قليل اخبرتني انتِ بذلك فما الذي يمنع إذا في ان تكون الحياة بسيطة لكِ حق ولها حق وبين هذا وذاك انا مثلما انا.
غصة اجتاحت صدرها فكبلت لسانها، استطاعت أخيرا تحرير الكلمات فقالت بتساؤل:
– أخبرني انت هل تقبل ان يشاركك أحدهم بي؟ هل تقبل ان أحب شخصا اخرا بنفس المقدار الذي احبك به، ان تنظر عيناي اليه مثلما أتطلع عليك، ان يطلق لساني كلمات تصل الى قلبه ومثلها الى قلبك.
برزت عروق رقبته واخشن صوته وهو يصرخ بها بغضب بالغ:
– احذري من قول المزيد والا كانت العواقب وخيمة، أي هراء هذا الذي تتفوهين به دون ان يمر على عقلك، هل يكون الرجل كالمرأة لا يمكن بالطبع…
قاطعته بغضب اشد وهي تنظر في عيناه مباشرة:
– يا لك من اناني متعجرف، لم تقبل الشعور المميت على نفسك بحجة رجل وامرأة ونسيت انه يؤلم القلوب ذاك جرح بالغ الأثر اكان الجسد لرجل او امرأة انه يمس القلوب يا عديم الشعور، هل تعلم بما كنت اشعر وانا بين احضانك عندما علمت بأمر تلك المرأة الأخرى او الزوجة الثانية لأكون واضحة مع نفسي، كنت اضع راسي على صدرك واستمع الى دقاته وأتساءل هل يدق لها بنفس المقدار الذي يدق لي به؟ انا أكون بين احضانك شاردة هل هي هنا معنا ام تتركها بالخارج وتخرج لالتقاطها مجددا بعد ان تقذفني من جانبك، من المفترض ان اشعر بالأمان لوجودك بجواري لكنني اشعر بتلك الوحدة تجتاحني لتخبرني بألم مميت انني لست الأولى او الوحيدة لديك مثلما تكون انت الأول والوحيد بالنسبة لي.
= سلمى…
قاطعته بصوت باكِ:
– ليتك خيرتني هل اقبل ام ارفض ليتك تركت لي حرية القرار أكره ان أكون مغفلة حمقاء يعلم جميع من حولها ان زوجها قام بضم فرد جديد لمحيطه وانا اخر من يعلم عن ذلك… مثلما لم تترك لي حرية الاختيار انا أيضا سأفعل. لن اترك لك القرار ولن اخيرك بيني وبينها لن أقول لك اما انا او هي لن ادخل بتلك المقارنة البغيضة، هنيئا لك يا زوجي العزيز أتمنى لك مزيدا من السعادة مع زوجتك الجديدة وانت أيضا حاول ان تتمنى لي رجلا يتقي الله بي ويعرف قيمة ما يقتنيه بين يديه…..
2 تعليقان
الضمير لابد ان يكون يقظ ومنتبه للتصرفات مدعوما بالايمان بالله تعالى والثقة فى النفس.
اختيار الكلمات في وصف المعنى كانت قوية وهذا ما جعل المقال فريد من نوعه، أما عن الضمير الغائب فهو يظهر عندما يضع الإنسان نفسه في موقفين وهو اول موقف عندما يكون الإنسان مغرور بسبب غنائه الفاحش فيظن ان شراء الشخص الآخر وشراء ضميره بالمال وأنه يقدر على شراء اي شيء بالمال، أما عن الموقف الثاني فهو عندما يكون الإنسان فقير ومُعدم فوقتها يكون مضطر ان يبيع نفسه وضميره إلى الآخر، والكثير من الأشخاص حول العالم وضعوا في احد هذين الموقفين، لذلك يخاف الإنسان من الوطن الذي يتواجد فيه الغناء الفاحش والفقر المُعدم