وجدت الأم رسالة ورقية وعندما قرأتها صرخت بشدة، الضغوط في حياة أي شخص قد تدفعه إلى ارتكاب أفعال ليست في الحسبان، ولذلك فإن دور الوالدين يظهر بقوة في هذا الوقت، وعليهما ألا يتركا نجلهما أسيرًا للضغوطات فتكون النهاية مأساوية، وهذا ما حدث مع الأب “جميل” والذي يبلغ من العمر 58 عامًا، والأم “وسام” وهي في العقد الرابع من عمرها، ولديهما “ولد” وحيد في العقد الثاني من العمر ويدعى “نادر”.
وهو ولد متفوق منذ الصغر، ويتميز بذكائه الخارق، كل المعلمين في مدرسته يتوقعون له مستقبل باهر، وقد بذل الوالدين جهدًا كبيرًا وتضحيات كبيرة في سبيل تعليمه، فالأب الذي يعمل موظف إداري في إحدى الشركات وراتبه لا يتعدى”الألف جنيه” مما جعله يعمل في المساء في أحد المتاجر، وذلك من أجل أن يوفر لولده المال، كي يحصل على الدروس الخصوصية.
تضحيات الوالدين
كان “نادر” يعلم جيدًا بالتضحيات التي يقدمها والديه، ولذلك عزم على التفوق في دراسته، من أجل أن يحقق حلمهم، والالتحاق بكلية الطب، والتي كانت حلم والده من الصغر، كان نادر يدرس جيدًا، ويقضي يومه ما بين الدروس الخصوصية، وما بين الدراسة في غرفته، لم يشتكي “نادر” من منزله المتهالك، ولا غرفته المتواضعة، بل كان راضيًا عن حياته، ومضت الأيام، وحان موعد الاختبارات النهائية.
كان نادر خائفًا بشدة، وهذا الخوف لم يكن بسبب الاختبارات، بل كان خوفه بسبب أن يخيب ظن والديه فيه، ولكنه سرعان ما طرد هذه الأفكار عن رأسه، ومضت معظم الاختبارات كما يريدها نادر، فقد كانت الاختيارات سهلة أمامه.
حادث أليم
ولكن كالعادة تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ أن نادر تعرض لحادث أليم، أثناء عودته من اختبار مادة “الأحياء“، تعرض لتهتك في أوتار يده اليمنى، وتسببت في بترها، وكسر في ساقيه اليسرى، إلى جانب بعض الكدمات المتفرقة في جسده، آخر ما شعر به نادر هو صراخه الشديد “حاااااسب”، وعندما استيقظ وجد نفسه في إحدى المستشفيات، وحوله فريق من الأطباء، ويقولون له: “حمد لله على سلامتك يا بطل”.
لم يدري نادر ماذا يفعل؟ كان يظن نفسه في كابوس مرعب، حاول أن يحرك يده ولكنه لم يجدها، فزع وخاف بشدة، وهو يردد ماذا حدث؟، كل ما سمعه هو “لا تقلق الأمور على ما يرام”.
وجدت الأم رسالة ورقية وعندما قرأتها صرخت بشدة
بعد عدة ساعات، عرف الحقيقة كاملة من والدته، رغم أن الأطباء أكدوا عليها أن حالته الصحية لا تسمح بأن يعرف أنه فقد يده، ولكن والدته أصرت على إخباره بالحقيقة، ظنًا منها بذلك أنها تساعده، كان رد نادر طبيعيًا، إذ أنه أخذ في البكاء والصراخ بصوت عالي، لم يكن أمام الأطباء حل سوى إعطاءه حقنة مهدئة، وفي صباح اليوم التالي، جلست الأم مع نجلها تخبره بأن ما تعرض له هو قدر الله وعليه أن يستعيد عافيته لتعود حياته طبيعية، بعد عدة أيام، خرج نادر من المستشفى، وعاد إلى المنزل، خرج الأب إلى العمل، وخرجت الأم لتشتري الدواء لنجلها، ولكن عندما عادت وجدت أن نجلها قد قتل نفسه، وترك ورقة في يده.
وجدت الأم رسالة ورقية وعندما قرأتها صرخت بشدة
أسرعت الأم نحو نجلها، وهي تبكي على فلذة كبدها الوحيد، وتلومه على فعلته تلك، وتخبره أنها لم تكن تريد تفوقه وإنما كانت تريده هو فقط، وجدت ورقة في يده، وعندما فتحتها وجدت مكتوب بداخلها “أمي الحبيبة أبي الحبيب، كان أحلامكم منذ الصغر أن أصبح طبيبًا، وقد درست جيدًا لأحقق هذا الحلم، ولكنه قد تحطم بين ليلة وضحاها، هذا الحلم الذي سعيت عليه لأكثر من خمسة عشر عاماً قد تحطم بسبب سائق متهور، ولذلك فإني لا أطيق العيش بعد الآن، وأريد إنهاء حياتي، فقد أصبحت حياتي بلا قيمة، أريد منكما أن تسامحني”.
بكت الأم بشدة، وقالت: “لا أريد الطب، أريدك أنت”، وأما الأب فقد علم بالخبر من الجيران، والذي سرعان ما حضر إلى المنزل، وعندما شاهد نجله الوحيد جثة هامدة، سقط مغشياً عليه.
برأيك من المذنب السائق الذي تهور في السواقة أم الأم التي تركت نجلها وذهبت لتشتري الدواء أم الأب الذي ترك المسؤولية كلها على عاتق زوجته؟
اقرأ أيضًا:
“ماااالك لا تذهب” نهاية مأساوية لطفل حرم من حنان أمه