جهد إضافي .. كل أم و أب يتمنوا لأولادهم الأفضل في الأخلاق و التعليم و الصحة و جل المجالات. هذه فطرة طبيعية لأن جميع الوالدين يريدون أن يروا أولادهم في أحسن الأحوال
لكن الأباء و الأمهات اليوم يوفرون كل ما يحتاجه الأبناء بزيادة من أكل و شرب و تمدرس و نقل مدرسي. أو إيصالهم بالسيارة وتوفير لهم الهاتف النقال و الحاسوب و اللوحة الإلكترونية مع الويفي و لباس أخر مودا من محلات تجارية باهضة الثمن. والسفر في العطل و الأكل بالمطاعم في أخر الأسبوع و التسجيل بنادي للرياضة و أخذ الدروس الخصوصية و هدايا للأصدقاء و …غير ذلك
أتعلمون كم ينفق الأباء اليوم من أجل أبنائهم لكي يحضوا بكل ما يحتاجونه. أو بالأحرى لكي يتوفر على أكثر من ذلك. و لكي لا يحسوا بالفرق بين أقرانهم في أي شيء. طبعا في الفرق المادي فكل هذا يخرج من جيب الأب أو كلاهما إن كانت الأم تعمل . حقا إنهم فلذات أكبادنا و يستحقون ذلك. لكن عندما ينفق أكثر مما يلزم يكون ذلك سبيل إلى تعود الابناء على الحصول على كل ما يريدونه و لا شيء مستحيل. و حتى و لو كانت ظروف الوالدين المادية جيدة فلا داعي لتعويد الإبن أو الإبنة على أن كل ما يريده يأخذه.
بهذا نربي جيلا متكلا لا يعتمد على نفسه في أي شيء . هو لا يعرف كيف تحصل على المال ولا يدرك التعب و الجهد الذي تقوم به. الشبعان لا يحس بالجائع فلا بد من قول لا في بعض الأوقات. أنا لا أقول لا للحرمان بل لا للتنبيه حيث إذا حرم قليلا استوعب أنه يمكن عدم توفر تلك الأشياء في المستقبل. و يوقظه من أنه ممكن فقدان الشيء. و ليس كل شيء مضمون فكم من أب فقد عمله و كم من ظروف غيرت مجرى الحياة و كم من مسرف خسر كل ماله و غرق في الديون. لا عيب في الحرمان للوعي و لكي يعرف قيمة تلك الأشياء و لا يتمادى في طلب كل ما هو جديد و يتعلم القناعة
اللوم يرجع على الوالدين كيف ذلك؟
و لماذا يا أم و يا أب تسيرين حياتك فوق طاقتك ماديا و معنويا. اليوم كله يقضىه في المدرسة ثم الدروس الخصوصية و إما حصة الرياضة و برامج كثيرة غالبا يفرضها الأبناء على هواهم. أو العناد مع الأصدقاء. أو فكرة الوالدين على أنه إن لم يحصل على ما يتوفر عليه أصدقاؤه سوف يسبب له في عقد نفسية . و نقول في أخر الأمر أن التربية أصبحت صعبة فعلا هي كذلك. وزدناها صعوبة على أنفسنا فبمجرد ملئ فراغ الطفل و تلبية رغباته التي لا تنتهي قد لا نجد و لو دقيقة لكي نرتاح .
فهذا جهد إضافي مادي و معنوي لأن بمجرد فتح أعيننا حتى و لو كانت الأم غير عاملة ستنهك قوتها بكثرة البرامج اليومية لأولادها من ترتيب البيت و نظافته و تحضير الطعام في وقته و إحضار الأولاد من المدرسة وزيادة البرامج الأخرى و ما إلى ذلك، أما إن كانت تعمل فلن تنال و لو قسطا من الراحة، و هل حقا يستحق الأمر كذلك لأن من ولد في فمه ملعقة من ذهب، هل تنتظر منه أن يعرف قيمة تضحيات الوالدين لا و كيف له أن يعرف و هو لم يتعرض يوما للرفض و هل سيكون مسؤولا طبعا لا .
لأن المسؤول يبني نفسه بنفسه. و لا ينتظر من أحد شيء. لذا علموا أولادكم القناعة و عدم التركيز فيما في يد الأخرين و الالتفات إلى من ليس لديهم و لو جزء مما هم فيه ورغم ذلك يدرسون بكل اجتهاد و عطاء و ينجحون بتفوق رغم صعوبات الحياة و يكون لديهم هدف النجاح للخروج من الوضعية التي هم فيها الان و يكونون سند للوالدين رغم قساوة الظروف. أما توفير كل ما يريده الأبناء و كثرة الدلال تفسد الأبناء كثيرا قد يدرس و ينجح و لكن غالبا لا ينجح في حياته و مستقبله و لا يكون قادرا على العمل عند الأخرين، بسبب أنه لا يريد أن يبدأ من الصفر، و يريد الذهاب إلى العمل بالسيارة و لباس جيد فيبقوا الوالدين يتكفلون به رغم عمله، لأن فاقد الشيء لا يعطيه
إقرأ أيضاً:
الملاحظة و التقييم في مرحلة الطفولة المبكرة
احترام شخصية الطفل ومراعاة العامل النفسي في التربية
1 comment
مقال رائع. حقا يجب تعليم ابنائنا كيف يعتمدون على نفسهم. و أنه لا شيء يدوم. طبعا لا يمكننا لوم الآباء كثيرا. لأنه من الطبيعي و الغريزي لدى الوالدين أنهم يحبون أن يروا أبنائهم في أحسن حال. و لا يحبون أن يروا في عيونهم نظرة نقص أمام اقرانهم. لأنه حتى المجتمع لا يرحم. للأسف أصبحنا نرى بعض اباء تربي أبنائها على التباهي. و حقا الأمر جد مؤسف. في عوض ما نعلم ابنائنا قيم نبيلة يحدث العكس.