مرآتي ناطقة.. بدأت قصتي منذ أكثر من عشرين عامًا، حين اشتريت تلك المرآة، كانت جميلة والظاهر أنه مر عليها قرون كثيرة، عليها نقوش كأنها نقشت بعبق السنين وعليها من الخلف رسالة كتبت بعناية ولطف شديد، محتواها “انتبه لحقيقة الوجوه فليست كل الوجوه لها مرآة ناطقة”
عودت نفسي على النظر إليها وبها وفيها مرة باليوم قبل أن أغفو ويأخذني النعاس. كم من الليالي والأيام والسنين تبادلنا فيها الحديث
كانت تحثني دائماً على الحق والخير، وكانت مستيقظة دائماً ولا تغفل عن أي قبح يصدر مني.
ويا ويلتي لو رأت مني ظلم لأحد تظل تؤرقني حتى أرد المظالم.
– ما هذا عتاب أصبحت تروي قصصًا من الخيال!
عفوًا أنا لا أروي قصصًا من الخيال بل من الحقيقة والحياة.
– وكيف هذا وهل هناك مرآة ناطقة يا عتاب؟
يا سادة مرآتي هي ضميري.
– آه منكِ يا عتاب ظننا أنها قصة من الخيال فتشوقنا إلى القراءة.
يا سادة إن أردتم قصة من الخيال فلننسجها سوياً ..

خاطرة مرآتي ناطقة
مرآة ناطقة
تخيلوا معي مرآة ناطقة تتحدث وتكشف حقيقة الدواخل وما تخفيه الصدور، تخيلوا معي إن كانت هناك مرآة ناطقة بالأسواق، ما إن يتطلع فيها الإنسان لذاته إلا وتخبره بما في داخله، وتفضح أكاذيبه التي من فرط ما كررها صدقها.
يا الله! كم من أقنعةٍ التصقت بوجوهٍ حتى أضحت لا تبارحها ستسقط وتظهر حقيقة القلوب، يا سادة من يمتلك منكم الجرأة على شراء مثل هذه المرآة؟!
إن من أقبح ما يكون، أن يظل الإنسان يكذب ويكذب حتى يصدق هو نفسه، هل جربتم يومًا أن تروا أنفسكم بأعين صادقة دون تجميل ولا كذب؟!
كنصيحة لا تدَّعوا المثالية ولا تصموا آذانكم عن الناصحين، ولا تفرحوا بمدح المتملقين فربما يكون بداخلكم أشباح ومسوخ يخشاها الناس فينعتونكم بالملاك وقلوبهم تراكم شياطينًا.
وعلى كل حال لا تغفلوا عن أن هناك مرآة ناطقة في عالم الواقع تفضح كل من ادعى المثالية، وما يلبث أن يقف حيالها حتى تفضح الكذاب وتمدح الصادق.
يا سادة الضمير هو مرآة كل إنسان.
بقلم / عتاب المصري
اقرأ أيضًا:
2 تعليقان
عجبتني جدا واسمها ايضا عجبني جدا جدا
شكرا لك على هذه العبارات الجميلة نعم نحن بحاجة امرأة تكشف لنا حقيقة انفسنا و لكن للأسف فهذه السنين لا يوجد من يعاتب نفسه فقد ماتت الضمائر الكل يفعل الحرام و يحبه هين و هو عند الله عظيم لم نعد نحاسب انفسنا أو ننهيها على الحرام كلنا يعيش على حساب مصلحته و راحته.