كيف أتمتع بصحة نفسية جيدة؟ مما لا شك فيه أن من إحدى مقومات الحياة الأساسية، هو أن يكون لدى الإنسان صحة نفسية سليمة، وهي التي بدورها تمنحه الثقة بنفسه، والسعادة، والأمل، وتدفع به لاتخاذ الخيارات الصحيحة والملائمة في الحياة العملية واليومية لبناء حياة ومستقبل أفضل، وحتى نعرف كيف يمكن لنا أن نتمتع بصحة نفسية جيدة لا بد لنا أولًا أن ندرك ما يعنيه هذا المصطلح، وما أهميته في حياتنا.
ما الصحة النفسية؟
تعرف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية بأنها: “الحياة التي تتضمن الرفاهية والاستقلال والجدارة والكفاءة الذاتية بين الأجيال وإمكانات الفرد الفكرية والعاطفية”.
أما بالنسبة لي فأعرفها بأنها: “حالة من السلام الفطري الداخلي لدى الإنسان المكلف الذي يتمتع بسلامة عقلية. تمنحه القدرة على اتخاذ التدابير والقرارات الصحيحة والسليمة النابعة من فطرته الروحية. التي تتماشى مع القوانين الإلهية والكونية والحياة المتوازنة والحب والسلام … وهذه الحالة، تهب الإنسان السعادة الروحية والمادية والأمل، والثقة بالنفس والسلوك الإيجابي والقدرة على مواجهة الصعوبات والضغوطات، والعقبات التي تعترضه في عدة مفاصل من الحياة اليومية والعملية”.
فالسلام الداخلي، يمنح الإنسان الحب، والسماح، وسلامة الصدر ورحابته، والتركيز على الأمور الإيجابية لكل ما يعترضه من الخير والشر. فهو في حالة سلام مع من حوله، ومع الآخرين لأنه في الحقيقة في حالة سلام مع نفسه أولًا.
والحقيقة أنني استخدمت مصطلح السلام الفطري الداخلي لماذا؟ لأنه وكما هو معلوم أن الإنسان يولد على الفطرة السليمة. الخالية من الشرور، والوساوس والتعاليم الشيطانية التي تأتيه لاحقًا.
فالإنسان الذي يتمتع بصحة نفسية سليمة وجيدة. هو شخص متوافق مع الفطرة السليمة التي تتوافق مع القوانين الإلهية والكونية المتمثلة في نشر الخير والحب والسلام والعدل، وهو أيضًا ممن استخلفهم الله في أرضه.
وأقصد بالفطرة الروحية هنا، هو أن يتخذ الإنسان من القرارات. ويعمل بما يمليه عليه قلبه وروحه؛ لأن القلب والروح يريدون ويرغبون دائمًا بما يتوافق معهم وما يلائمهم مما خلق الله تعالى في هذا الوجود، فهم لا يخطئون.
ومن هنا يقول معلمنا الأول وصفوة الله من خلقه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: استفتي قلبك ولو افتاك الناس. وكل هذا ينطبق على الإنسان المكلف، أي العاقل الذي يتمتع بعقل سليم فالمجنون غير مكلف وغير مخاطب.
أهمية الصحة النفسية
- لها تأثير مباشر على سير حياتنا اليومية والعملية بكل تفاصيلها.
- تهب الإنسان القدرة على صياغة القرارات السليمة، بما يخدم مصالحه الشخصية، ومصالح المجتمع بشكل عام.
- تمنح الفرد الثقة بنفسه، وتزيد من إبداعه وابتكاره. مما يسهل إيجاد الحلول للمشكلات والعقبات التي ربما تعترض الأفراد بشكل عام.
- على الصعيد الشخصي تعمل على التقليل من التوتر والغضب والاضطرابات. وعلى الصعيد الاجتماعي تعمل على بناء العلاقات السليمة والنافعة بين أفراد المجتمع.
- تجعل الإنسان أكثر براعة وقوة للتصدي للعقبات والضغوطات التي تعترضه في حياته اليومية.
كيف أتمتع بصحة نفسية جيدة؟

كيف أتمتع بصحة نفسية جيدة؟
هناك عدة أمور نتعامل معها بشكل يومي وروتيني، دون الانتباه إلى أن تجاهلها أو التقصير فيها له دور خطير في تدمير صحتنا النفسية، وحتى ننتبه لذلك ونحصل على صحة نفسية جيدة وسليمة لا بد لنا أن نحرص على اتباع الأمور التالية:
1. الأكل الصحي
حيث يعتبر من أهم العوامل التي تمنح الإنسان صحة نفسية وصحة جسدية، والحرص عليه وخصوصًا في أيامنا هذه التي أصبحت الأطعمة الفاسدة والمشروبات السامة شيئًا طبيعيًا، وروتينًا يوميًا اعتياديًا لدى الكثير من الناس.
التدخين بكافة أنواعه، المشروبات الكحولية، المشروبات الغازية، المعلبات الجاهزة وغيرها من الأطعمة المشبوهة، كلها تعمل على تدمير حياة الإنسان الروحية والنفسية والجسدية، وأيضًا تسبب له الاكتئاب، والأمراض النفسية، وربما في كثير من الأحيان الموت.
لذلك من الأهمية بمكان، أن نتبع العادات الصحية السليمة في الطعام، وأن نبدأ يومنا بشرب الماء، وأكل الفواكه والخضار، ويفضل أن يكون مما هو أخضر.
2. النوم بشكل جيد
حيث يعتبر النوم من أهم العوامل للحصول على صحة نفسية وجسدية سليمة وخصوصًا بشكل منتظم، حيث أن قلة النوم لها مخاطر جمة تؤدي بالإنسان للهلاك.
وأيضًا للنوم أسرار وفوائد عظيمة وأفضل ساعات للنوم هي النوم باكرًا والاستيقاظ باكرًا أيضًا، وما بين ست إلى سبع ساعات يوميًا، والاهتمام بنوم القيلولة ظهرًا ولو لعشر دقائق إن أمكن ذلك.
3. العبادة و التأمل
فالإنسان بفطرته يشعر من أعماقه بوجود خالق لهذا الوجود، ويعبر عن حاجته لهذا الخالق الذي يسير الوجود، في كل حركاته وسكناته، ولا تكتمل سعادة الإنسان المادية والروحية والنفسية إلا بمعرفة خالقه.
لذلك كانت رحمة الله في خلقه، أن بعث الرسل والأنبياء ليعلموا البشر كيف يتصلون بخالقهم، وكيف يتقربون إليه بعبادته.
فكانت قمة الراحة النفسية والسعادة الحقيقية هي بالقرب من الخالق، وكان القرب منه وذكره، هو الاطمئنان
{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
والشفاء الذاتي والروحي لكل ما يعترض الإنسان، من أمراض ومصائب وانكسارات في روحه ونفسه. وكان التأمل والتفكر بخلق الله هو سبيل الأنبياء للتعرف على ذاتهم الحقيقية والطريق التدريجي لبدء الوحي.
فممارسة التأمل ولو لعشر دقائق يوميًا من خلال إغماض العينين والتركيز على أمر ما، وخصوصًا الخشوع في الصلاة، لهم دور كبير في الشفاء الروحي والنفسي ويعطي قوة للصحة النفسية.
4. الرياضة

كيف أتمتع بصحة نفسية جيدة؟
لا يخفى على أحد ما للرياضة من فوائد صحية، فالرياضة حياة، ولها دور كبير في الصحة النفسية، وكما هو معروف أن العقل السليم في الجسم السليم.
5. التنفس
ممارسة التنفس بشكل يومي وذلك باستنشاق الهواء من الأنف، والإبقاء عليه لثواني في الصدر، ثم إخراجه من الفم، والتكرار لست مرات، له فوائد عظيمة في تحسين الصحة النفسية.
6. العمل على الاتصال بالأصدقاء والناس الآخرين
أيضًا له فوائد بالصحة النفسية، لكن يجب الحذر من أن لا نتواصل أو أن نبني علاقات إلا مع أناس إيجابيين وصالحين، وأصحاب عقلية بناءة في المجتمع، وإلا البقاء مع أنفسنا أفضل. ولأن الصداقة والصحبة لها تأثير كبير في بناء شخصية الإنسان الحقيقية.
7. العلم والمعرفة
التعلم والقراءة بشكل يومي، لها فوائد لا تعد ولا تحصى، وللعلم فضل كبير على الإنسان في الحياة الدنيا.
وأول آية جاء بها الوحي لنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي: اقرأ، وأيضًا إن ما يجمعنا على هذا المنبر الآن، هو العلم والقراءة.
فللعلم والتعلم بشكل دائم دور كبير وتأثير مهم على صحة الإنسان النفسية والعقلية؛ لذلك نجد الكثير من العلماء الذين عاشوا أعمارًا طويلة، كانوا يتمتعون بصحة عقلية وذاكرة قوية، يفتقر إليها العديد ممن هم في سن أصغر منهم.
لذلك وفي نهاية المطاف، إن الاهتمام بالصحة النفسية له دور أساسي، في صناعة حياتنا والتأثير على قراراتنا ومستقبلنا، ومن الواجب على الجميع الاهتمام بهذا الجانب.
اقرأ أيضًا:
تأثير الكمالية على الصحة النفسية و العقلية
أهمية التعاطف مع الذات للصحة النفسية
4 تعليقات
نصائح فعلا مفيدة اذا اتبعناها سوف نتمتع بحياة سعيدة وللتذكير يجب الابتعاد عن كل ما هو سلبي وعن الاشخاص السلبيين لكي تبقى الحالة النفسية جيدة
شكرا على تعليقك المحنرم سيدة مريانا
مقال جميل، نفسية الإنسان بين يديه هو من يجمّلها وهو من يجعلها كئيبة.
شكرا على تعليقك المحترم سيدة وعد الخطيب