كثير من الأشخاص يحلمون بتعلم مجالات معينة، ولكن تمنعهم ظروف معيشتهم الاقتصادية والاجتماعية؛ لذا اليوم نعرض لكم في تلك المقالة المتواضعة قصة نجاح أساسها التعلم الذاتي لأديب من أهم أدباء مصر في القرن العشرين “عباس محمود العقاد”، الذي ولد في محافظة أسوان عام ١٨٨٩ لأب مصري وأم كردية، وقد تعلم العقاد حتى حصوله على الشهادة الابتدائية؛ وذلك بسبب عدم توفر المدارس الحديثة في أسوان في تلك الفترة بسبب فقر الأسرة وعجزهم عن تحمل تكلفة تعليم ابنهم عباس محمود العقاد في القاهرة كما فعل أغنياء تلك الحقبة.
نبوغ العقاد وقيمة التعلم الذاتي
وفي ذلك الوقت بدأ ظهور نبوغ العقاد الصغير وحبه الشديد للعلم والتعلم. فلم يكتفي بالشهادة الابتدائية ولكن اعتمد على التعلم الذاتي، وقد ساعده في ذلك ذكائه الذي وهبه الله إياه وفطنته وسرعة بديهته. فقد كان يعيش في مدينة أسوان منبر التاريخ الفرعوني وملتقى لسياح العالم الذين أحب العقاد مخالطتهم والاطلاع على ثقافتهم وإخبار بلادهم، ونتيجة لتلك المخالطة أجاد العقاد اللغة الإنجليزية بدرجة ممتازة بدون المدرسة التي اعتمد عليها أقرانه في ذلك العمر.
وقد استغل ذلك في قراءة مختلف الكتب الأجنبية والاستفادة من معلوماتها وقد أثقل ذلك مهاراته وأزاد نبوغه، وقد كانت خطوته التالية الانتقال للقاهرة عاصمة العلم والحداثة في مصر، وقد عمل في مصانع الحرير في دمياط وعمل في السكة الحديد ومصلحة التليغراف ووزارة الأوقاف في وظائف متواضعة بسبب عدم حصوله على شهادة تعليم عالي.
ولكنه لم يكن يستهوي العمل في الوظائف الحكومية، وقد شعر بالملل منها؛ لذا اتجه للقاهرة وعمل بالصحافة وقد أسس صحيفة الدستور مع (محمد فريد وجدي) وبسببها تعرف على الزعيم سعد زغلول وفي القاهرة كان تلميذ لمفكر وشاعر آخر نابغ اسمه محمد حسنين محمد، قد أثر ذلك على ثقافته بالإضافة إلى ولعه الشديد بحب الكتب والمطالعة، فقد كان يصرف معظم نقوده على شراء الكتب.
العقاد والصحافة
ومن خلال الصحافة أصبح من كبار السياسيين من خلال مدافعته عن الوطن والحقوق والاستقلال. فدخل في معارك مع القصر الملكي مما أدى إلى سجنه أولًا ثم إلى اختياره عضوًا بمجلس النواب من قبل الناس.
وقد كان يدافع عن الإسلام من خلال أعماله ككتاب (حقائق الإسلام وأباطيل خصومه) والعبقريات. كما دافع عن الحرية ورفض الشيوعية والوجودية والفوضوية، وكتب عن المرأة والجمال في كتابه (هذه الشجرة). وقد ساهم بشكل كبير في إضافة الكثير للثقافة العربية بأكثر من مائة عمل، وكل ذلك بفضل ثقافته المكتسبة من التعلم الذاتي.
وقد بينا من خلال قصة نجاح عباس محمود العقاد قيمة التعلم الذاتي في مسيرته ونبوغه فقد ولد في زمن الكتب، أما الآن فيمكن للشباب استخدام شبكة الإنترنت التي أتاحت الفرصة للحصول على المعلومات، كما تقدم الفرصة لمن يريد التعلم الذاتي من خلال عدة مواقع تتيح دورات تدريبية في مختلف المجالات؛ لذا يجب أن يستغل شبابنا الفرصة وألا يستسلموا لظروفهم أو إحباطهم، وبإذن الله وبالعمل الدؤوب سيصلون إلى أحلامهم يومًا ما.
اقرأ أيضًا: