كيف تتحكم في أعصابك عند الغضب؟… أساليب التحكم في وإدارة مشاعر الغضب… الغضب من المشاعر السلبية التي تؤثر على النفس وتؤثر على الجسد بالسلب. وتجعل الإنسان الغاضب خاسر غالبًا في العلاقات سواء كانت علاقات عمل أو علاقات شخصية. وهذا لا يعني أن يصير الإنسان باردًا كالثلج، أو أن يكون بلا شعور عندما يتعرض لاستفزاز أو يتعرض لضغوطات في العمل أو في الحياة أو يتعرض لظلم. فالغضب أحيانًا يكون صحي إذا ما تم إدارته والتعامل معه بشكل صحيح وتحويل طاقته، الطاقة الغضبية. إلى قرارات وأفعال ليست ناتجة عن عصبية أو متسرعة تجعل صاحبها لا يخسر في مواجهة مسببات ومصادر الغضب الذي اجتاحه.
فما هو الغضب إذن؟
الغضب هو عاطفة أو شعور ينتاب الإنسان غالبًا كرد فعل طبيعي وصحي. نتيجة ضغوطات أو مؤثرات في الأغلب الأعم تكون خارجية وأحيانًا تكون داخلية نتيجة تصورات أو أفكار أو تخيلات (وقد تكون مرضية). ويُعرف الغضب أيضًا بأنه “شعور قوي” يحرك مشاعر المرء لما قد يؤدي إلى أذى لإنسان آخر. أو أن يكون المرء مصدر إزعاج لمن حوله من أفراد آخرين.
وتكون تبعات ونتائج الغضب كارثية وليست سيئة فقط على الإنسان إا ما أصبح بعيدًا عن سيطرته. فقد يضر الغضب وما يتبعه من أقوال أو أفعال بعلاقات الإنسان الشخصية أو علاقاته في العمل. مما قد يؤثر، وسوف يؤثر، بشكل سلبي على حياته. ولهذا كان من الهام جدًا أن يتعلم الإنسان ويتدرب على طرق وأساليب تساعده في السيطرة على غضبه وإدارته.
فهل يوجد للغضب أنواع؟
نعم، يوجد للغضب أنواع معروفة حيث يتم وضع هذه الأنواع في قائمة على النحو التالي:
-
نوع من الغضب يسمى بـ “الغضب الحاسم”
وهو نوع من الغضب الذي يستطيع صاحبه أن يقوم بالسيطرة عليه. ويقوم بإدارته بنوع من التوازن، وقد يفصح عن كونه غاضب وسبب هذا الغضب إذا كان هناك ضرورة لذلك.
-
نوع من الغضب يسمى بـ “الغضب العدواني”
وهو غضب صريح يظهر على ملامح وجه صاحبه وفي نبرة صوته وفي كلامه وأفعاله. ويلاحظ المحيطون بالفرد هذا الغضب والتغيرات التي سببها على صاحبه. وقد يحدث لهم أذى لفظي أو نفسي أو قد يصل إلى أذى جسدي بسبب هذا النوع من الغضب.
-
نوع من الغضب يسمى بـ “الغضب الداخلي”
وهو غضب وثورة وفوران يحدث في داخل المرء دون أن يعبر عنه أو يظهر عليه ولا يلاحظه الآخرون. وهو نوع من الغضب قد يؤذي صاحبه بكتمانه نفسيًا وجسديًا ولكنه في ذات الوقت يحميه من أن يخسر علاقاته مع الآخرين. سواء كانت هذه العلاقات اجتماعية أو عملية.
-
نوع من الغضب يسمى بـ “الغضب مخفي المعالم”
وهو غضب يقوم صاحبه بتصريفه عن طريق القيام ببعض من أعمال “التخريب”. حيث يقوم بكسر شيئ وإتلافه، أو تقطيع أشياء أو الصراخ والطرق على الأبواب أو الحوائط. ويعتبر هذا الغضب ذو آثار مقبولة إلى حد ما على صاحبه. خصوصًا وأنه غالبًا ما يقوم بذلك للتنفيس عن مشاعره بعيدًا عن الآخرين وفي غيبة منهم حتى لا يؤذي بهذا أحد بشكل مباشر وتكون الخسارة في أشياء يسهل تعويضها لو كانت النتيجة التلف والتخريب.

كيف تتحكم في أعصابك عند الغضب؟… أساليب التحكم في وإدارة مشاعر الغضب…
والغضب يتسبب في العادة في مشاكل صحية كثيرة، منها:
المعاناة من الأرق، الاكتئاب، الشعور الدائم والمرضي بالقلق، الشعور بالصداع، الشعور بآلام في البطن وفي الجسم. أيضًا حدوث مشكلات في عملية الهضم، وارتفاع في ضغط الدم، وقد يؤدي إلى الإصابة بالإكزيما، وربما يصل الأمر إلى الإصابة بالجلطة الدماغية، أو الإصابة بنوبة من النوبات القلبية.
والآن، كيف يمكن للمرء ان يقوم بالسيطرة على غضبه وتلافي آثاره السلبية؟
هناك بعض الإجراءات والنصائح من أجل أن يقوم الإنسان بالسيطرة على غضبه، وهذه النصائح والإجراءات هي:
(1) يجب أن يتفهم ويدرك المرء طبيعة غضبه
الغضب وزيادته يؤدي إلى كثرة إنتاج الأدرينالين في الجسم وتدافعه. ومن المعروف أن زيادة نسبة هرمون الأدرينالين في جسم الإنسان يؤدي إلى التالي:
- زيادة سرعة النبض
- حدوث توتر زائد في كل أجزاء جسم الإنسان
- حدوث انقباض في الفك
- أن يحدث تعرق شديد، وحدوث ارتعاش في الجسم
- يعاني المرء من الأرق وقلة النوم مما يزيد من التوتر أكثر فأكثر
- زيادة سرعة التنفس والإحساس بالضيق
لذلك فإن معرفة وفهم وإدراك “الغضب” والآثار السلبية له على الجسم. تجعل الإنسان يدرك أهمية السيطرة عليه وإدارته لتجنب هذه الآثار. لذلك يكون من الأفضل للإنسان عند بداية إحساسه بوقوعه في نوبة غضب أن يوجه تفكيره لأشياء أخرى بعيدة ومختلفة عن تلك الأشياء التي تأخذه إلى وتتسبب في هذا الغضب القادم.
(2) أن يلتزم المرء بأن يتريث قبل اتخاذ أي رد فعل
وهذه الخطوة هي خطوة هامة جدًا. حيث ينبغي أن يعطي الإنسان نفسه فرصة ومساحة من الوقت للتفكير وتحديد رد الفعل المناسب بشكل أكثر هدوءًا وعقلانية. وبدلاً من الإندفاع إلى اتخاذ القرارات وإعلانها عليه وهو يشعر بالغضب في داخله أن يطلب هلة للتفكير والتدبر. حتى تكون قراراته سليمة وغير مؤذية له أو لغيره ومناسبة للحدث وفيها حل للمشكلة لا أن تعقدها أو تجعلها تتفاقم.
ومن الأساليب التي تساعد الإنسان في إعطاء نفسه فسحة من الوقت للتفكير والسيطرة على الغضب ولو لفترة قصيرة حتى يفكر قبل أن يرد او يعلن أي قرار:
- القيام بالعد من 1 إلى 10 أكثر من مرة أو إلى أي رقم أكبر حتى ينشغل ويهدأ
- المشي لمسافات قصيرة أو متوسطة مع الانشغال بعد الخطوات في السر مثلاً.
- أن يقوم المرء بالتواصل مع أحد الأصدقاء أو الأقارب من هؤلاء غير المتواجدين حوله الآن. والقيام بالدردشة معهم في أي موضوع خارج أو بعيدًا عن الموضوع المثير أو المتسبب في غضبه. وذلك حتى يبعد ذهنه عن الضغط لفترة.
(3) أن يقوم بممارسة بعض مما يسمى بـ “التقنيات الإدارية للغضب” أو الأساليب الأخرى للسيطرة على هذا الغضب
وهذه أيضًا خطوة هامة، وهامة جدًا. حيث أن هذه الخطوة تساعد في تهدئة الغضب بشكل كبير. فهي تصرف انتباه الشخص الغاضب لفترة من الزمن تكفي لأن يبدأ في التفكير بروية وهدوء وبشكل سليم وإيجابي. وتعتبر أهم هذه “التقنيات أو الأساليب” في هذا المجال هي:
- ممارسة تمارين التأمل وذلك من أجل القيام بعمل إلهاء أو إشغال للعقل لكي يبتعد بالتفكير عن أسباب ومسببات الغضب.
- أن يقوم الشخص بتفريغ طاقة الغضب عن طريق تصريفها في اتجاه آخر مثل القيام بتكسير بعض من مكعبات الثلج. أو أن يقوم الشخص بالصراخ أو أن يقوم بتمزيق وتقطيع رزمة من الأوراق غير الهامة… إلخ.
وأذكر أنه في مسلسل قديم، كان أبطاله يحافظون على صحتهم النفسية بتفريغ غضبهم من شخص ما بأن يصنعوا عروسة من القطن تحمل وجهه. ويقومون في داخل غرفة مغلقة بضرب هذه العروسة القطن بالعصا أو بالأيدي حتى يتم تفريغ كل طاقة الغضب لديهم. ومن ثم يخرجون للتعامل بكل هدوء وبدون غضب أو عصبية أو توتر مع المحيطين بهم سواء كانوا من الأسرة أو الجيران أو الأصدقاء أو حتى الشخص المتسبب في غضبهم.
- القيام بممارسة التنفس العميق ببطء وبعمق يساعد في السيطرة على الغضب.
مشهد ممارسة التنفس لتهدئة الغضب من فيلم X Large (إكس لارج) لأحمد حلمي ودنيا سمير غانم
- القيام بممارسة أي نوع من أنواع النشاط البدني والتدريبات البدنية وذلك حتى يمكن استهلاك نسبة الأدرينالين الزائدة.
وأخيرًا،،،
لابد من أن يتجنب الإنسان الوقوع في الغضب بصورته السلبية، وأن يتعلم ويدرب نفسه على أساليب وتقنيات السيطرة على هذا الغضب. إذا ما حدث ووقع فيه. ولذلك نؤكد على ضرورة أن يقوم المرء بتحديد سبب الشعور بهذا الغضب، وأن يدرك ويحدد المؤشرات الدالة عليه حتى يحذره ويبدأ في التعامل معه. على الإنسان أن يكون على وعي وإدراك وقادر على أن يحدد ما يحفز مشاعره بالغضب لكي يتجنبها أو يخفف منها.
فلابد أن يتعلم المرء كيف يعبر بشكل صحي عن غضبه بما لا يؤثر سلبًا عليه أو على غيره. فالإنسان لابد وأن يعرف كيف يمكنه أن يعتني بنفسه جسديًا وعقليًا ونفسيًا. وأن يخفف من التوتر الذي يتعرض له، وأن يعرف كيف ومتى يطلب المساعدة سواء أصدقاء أو أقارب أو من أخصائي نفسي. مع الأخذ في الاعتبار أن التمتع بحس الفكاهة واستخدامها يساعد في التخفيف من حدة التوتر والغضب.
علمًا بأنه من المعروف أن:
حاكم نفسه خير من حاكم مدينة
ولذلك يجب على الإنسان أن يتدرب على ويمارس التحكم في نفسه وفي مشاعره وطاقاته، الأمر الذي يعتبر أصعب من أن يتحكم المرء في الآخرين.
الكاتب/ اسامة الأديب
استشاري تعليم وتنمية
اقرأ أيضًا
كيف يمكن أن تتعامل مع الطفل العصبي؟