المنشد الديني إبراهيم جادالله في حوار خاص .. شابٌ مَلَٔ القُرءان صَدرهُ حتىٰ فاض من ثَغره المُبتسم بصوتٍ عذبٍ شجي، نموذجٌ يُقتدىٰ به ويسار علىٰ درب سَيره، حوار اليوم مع القارئ والمنشد الديني: “إبراهيم جاد الله”.
حوار:- هاجر مصطفى إسماعيل
اُدعىٰ إبراهيم مُحمَّد إبراهيم جاد الله، أبلغ من العُمر تسعة عشر ( 19 ) عامًا، مواليد 16 / 7 / 2002، طالب بالفرقة الثانية بكلية الطب البشري بجامعة الأزهر بأسيوط، ولدت ونشأت بقرية تفتيش الجميزة، مركز السنطة، محافظة الغربية .
كثيرًا ما أُحب القراءة ، وأهوى جمع الكتب الإلكترونية والمجالات المختلفة.
الحمد لله على فضلِه وكرمِه، حفظتُ القرآن الكريم وعُمري ( 12 ) عامًا، وبدأت أتعلَّم أحكام التجويد وأتممت ختمة مجودة كاملة وعُمري ( 15) عامًا، رزقني الله سبحانه وتعالى موهبة الصوت فوظفتهُ في تلاوة القرآن الكريم وبعض من الإنشاء الديني .
والله سبحانه وتعالى أسأله أن يثبتني، وأن يجعل ما تعلمته وما حفِظتهُ في ميزان حسنات والدي ووالدتي وشيخي حفظهُ الله.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يمُن علىَّ بالقبول، وأن يجعلني من المشهورين عند أهل السماء
– في زماننا هذا أصبح الدين غريبًا غير مألوف، تنحاز خُطانا ذات اليسار وذات اليمين لا ندري أين الوجهةُ الحق.
كيف وجدت ضالتك بموهبتك؟ وماذا تُفعل إن وجدتك تنحاز عن الطريق؟
نعم ، لقد كثُرت الفِتن من حولِنا،
قال نبينا صلى الله عليه وسلم : ” بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس، وفي لفظ يصلحون ما أفسد الناس من سنتي، وفي لفظ: يحيون ما أمات الناس من سنتي.
ونحن في هذا الزمان نجد الكثير ممكن تركوا طريق الهداية وطريق العِلم والإيمان، وسلكوا طريق الضلال وهؤلاء هم من يعيشون في خِضمِّ الجهل وفي ضلالّ مبين، فالله سبحانه وتعالى أسأل أن يثبتنا على طريق الهداية والنور، فعلينا أن نتمسَّك بكتابِ الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حتى نكون ممكن قال فيهم الملك جل وعلا :
” فمن زُحزِح عن النار وأُدخِل الجنة فقد فاز وما الحيوٰة الدنيا إلا متاع الغرور “.
فلن ننال الجنة إلا برحمة الله ورضوانه.
أما من اكتشف موهبتي وأنا في سنٍ صغير فأبي وأمي بارك الله في عمرهما هما من ٱكتشفا هذه الموهبة في صوتي وعندها كنت أبلغ من العمر خمسة أعوامٍ فقط، وأيضًا شيخي الفاضل حفظه الله وبارك في عمرِه، فكان يشجعني دائماً على التدرب والتلاوة بدرجات مختلفة كـ( التحقيق ، والتجويد ، والترتيل ، والحدر ) .
وكل ما أسأل الله أن يثبتني على هذا، وأن يجعل تِلاوتي للقرآن خالصةً لوجهه الكريم، وأن يجعلني من الحافظين له، العاملين بآياته.
– بين الدين والطب، نجدُ طلاب الطب يُعانون من كثرة المُقررات وحشود الإختبارات وضيق الوقت، في حين نجد طُلاب الأزهر يدرسون علوم القرءان بجانب ذلك.
كيف توافق بين دراستك للمواد العلمية وبين علوم القُرءان الكريم؟
لا تعارض إطلاقاً بين دراسة الطب والعلم الشرعي والقرآن، بل على النقيض فالقرآن يزيد وقتي بركة، وما زاحم القرآن شيء إلا باركه، لا بد أن نعلم هذه العبارة جيداً فضعها نصب عينيك، حفظ القرآن الكريم يُساعد على دراسة الطب، ببركة الوقت الذي تقضيه مع القرآن. ولأن الحفظ كلما زاد، كلما نمت مهاراتك في الحفظ والتذكر.
ويكفي صاحب القرآن رضا وسرور؛ قول الحبيب
” يجئ صاحب القرآن يوم القيامة فيقول القرآن: يارب حُلَّهُ، فيلبس تاج الكرامة ،ثم يقول: يارب زِدْه، فيلبس حُلَّةَ الكرامة ،ثم يقول: يارب ٱرضَ عنه، فيرضى عنه، فيُقالُ له : ٱقرأ، وٱرق، ويُزاد بكل آيةٍ حسنة “
وما أَحَـبَّ اللهُ أحدًا حُـبَّـهُ لأهل القرآن، فهنيئاً لمن جعل القرآن هو الطريق الذي يسير به في هذه الحياة.
– الصديق الصالح مرآة صديقة، يصحح عيبهُ لا يُجمله ويقيم ميلهُ لا يدعنه ينكسر.
هل واجهت من أصدقاءك مُساندةً لما تقوم به، أم اعراضًا عنه؟
أصدقائي هم سندي في الغربة، بينما أعيش بعيدًا عن أهلي بسبب الدراسة من أجل تحقيق أحلامي، فأصدقائي هم من يعينوني على القيام بمهامي وٱحتياجاتي ، أسأل الله أن يبارك فيهم وأن يجعلهم خير عونٍ لي في هذا الطريق، فالصديق الصالح يستمع إلى صديقة باهتمام بدون البحث عن رد لما يقوله، فهو يحبه ويستمع إليه ليشاركه في مشاعره وأحساسيه، الصديق الصالح يقول الحقيقة دون أن ينافق صديقه، وهذا ما يفعله أصدقائي الأعزاء.
– نحاول جميعًا السير في طريق إصلاح أنفسنا، نُحارب وسوسة الشيطان لكنها أحيانًا ما تغلب نفوسنا الضعيفة.
هل حدث وفكرت يومًا في التراجع؟
بالطبع هذا ما حدث، من طبيعة الإنسان الوقوع في الخطأ والذنب، كما في حديث ” كل بني آدم خطاء، وخير الخطّائين التوَّابون”. لابد من الإصرار والعزيمة، لابد أن تواجهك الصعاب، ولكن عليك أن تستعن بالله لتنجوا، دائما أُحسن الظن بالله، وأمر المؤمن كله خير، فعلى سبيل المثال، جاء عليَّ وقت وكنت أنظر إلى الوقت الكبير والتعب الذي كنت أعاني منه في صنع المحتوى ، في تصوير فيديو أقرأ فيه آيات من القرآن مثلاً ، وبعد ذلك تأتي مرحلة المونتاج التي كانت تستهلك وقتاً طويلاً..
ثم أقوم بنشر الفيديو ولا أجد تفاعل أو وصول للأشخاص، كنت أحبط، ولكن بعدها جددت النية لله عز وجل وسألت الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، لا أبتغي به إلا مرضاة الله تبارك وتعالى، بدأت بعد ذلك لا أُلقي بالاً لعدد المشاهدات أو التفاعلات وتركت الأمر وأصبحت لا أهم بتلك الأشياء التي لا تزيد شئ في ميزاني، وعلِمتُ جيداً أنك إذا تركت أمراً لله عوضك الله خيراً منه؛
فالسعادة ليست في شهرة ولا مال ، وإنما تكمن السعادة في رضا الرحمـٰن سبحانه وتعالى.
– أعطِ بعض النصائح لمن يحاولون جمع القُرءان في قلوبهم، كيف يتغلبون علىٰ ضعف أنفسهم، وكيف يداومون بلا فتورٍ يصيبهم؟
أما بالنسبة لهذا الأمر ، سأقدم النصيحة أولاً لمن يشكون من صعوبة الجمع بين علم الطب والعلم الشرعي والقرآن، يقول زميل فاضل لنا في رحلة الطب عُرض هذا السؤال علىَّ ، ولكن كان في هيئة نصيحة أخبرني بها صديق ليّ كان طبيب امتياز حينها وكنت أنا قد أنهيت سنتي الأولى من دراسة الطب.
أخبرني، هل أدلك علي نصيحة تفيدك أثناء وجودك بالكلية وكم كنت أود لو نفذتها، للأمانة كنت أظن أنه سيعطيني نصيحة متعلقة بالدراسة، ولكنه فقط قال ليّ:
“احفظ كل يوم آية من القرآن وستجد حينما تنتهي من الست سنوات الدراسية، أنك قد أتتمت حفظ القرآن الكريم” ،
دُهشت من سهولة الأمر، كما يبدو كل ما يلزمني هو آية واحدة فقط في اليوم احفظها، إن ذلك لن يأخذ مني خمس دقايق يومياً!
ولكن الحقيقة هي أني فعلت ذلك أيام وٱنقطعت أيام ولم يكن لدراسة الطب يد في ذلك، فالأمر كله حفظ آية واحدة.
ما أود إخباركِ به أنه إذا نويت حفظ القرآن الكريم، فقط أنوي واسأل الله العون، وبإذن الله لن يشغلك شاغل عن ذلك.
ٱعمل بتلك النصيحة وإلتزم بها وإسأل الله العون في الإستمرارية عليها، وستحفظ كتاب الله إن شاء الله.
نصيحتي الثانية لمن يريد حفظ كتاب الله والعمل به، عليك حفظ خمس آيات فقط في اليوم وإقرأهم في صلواتِك الخمس، هذه الطريقة رائعة ستُدهشك إذا فعلتها، وستستطيع ختم القرآن الكريم بإذن الله خلال عامين فقط .
الأمر كله بين يديك، كل ما عليك فعله هو الإرادة والعزيمة والإصرار وٱسأل الله العود والمدد والسداد والتوفيق إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
– في مجالات الحياة المُختلفة وأنشطتنا المتنوعة نُلاقي نقدًا لاذعًا، يحدث عندما تدعو أحدهم لأمر ما أو تحثه على ترك ذنب ما أن ينهال عليك بالعديد من العِبارات المُثبطة والشائع منها لو تحدثت بأمر ديني “أنتَ هتعملنا فيها شيخ”؟
كيف ترد على مثل هذه التعليقات؟ وما وقعها في نفسك.
بالنسبة لهذه الجملة
” أنت هتعملنا فيها شيخ “؟
لابد أن نرد بالحسنى ،
– قال ٱبن رجب : “لو لم يعظ إلا المَعصوم من الزَلل، لم يعِظ الناسَ بعد رسول اللَّه أحدٌ”.
هذه الجملة تقال أحيانا عندما يروننا نفعل أمراً طبيعياً من الدين بالضرورة، وأحياناً أخرى عند محاولة السير في طريق الإلتزام، أو محاولة الإقتداء برسولنا عليه الصلاة والسلام في سننه، وأحيانا عند قول جملة في الدين في أي موقف، وأحيانا كسخرية عادية، مزاح بين الأصدقاء للتغير المفاجئ لأفعال صديقهم، الذي ستقال له هذه العبارة، ولكن عليك أن تتعامل بالحسنى، فنسأل الله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يشيع في أوساطهم العلم بالله، والالتزام بشرعه ، وعليك ألا تجعل هذه الجمل تترك أثراً في نفسِك، فأنت لا تعامل الناس، بل تعامل رب الناس .
وبالنسبة للنقد فإن كان نقدًا بنَّاءً فعليك أن تجعله حافزًا لك على تخطي الصعاب، أما من ينتقد وهو على باطل فليس عليك إلا أن تمضي ولا تلتفِت له.
– “يُقال أن بذرة الخير يزرعها الأهل وحدهم بأبنائهم”.
من وجهة نظرك هل تنطبق هذه العبارة علىٰ الجميع بحد السواء؟
وما دور أهلك فيما تسعىٰ له؟
بالطبع ، الأهل هم الأصل في التربية السليمة السوية الصحيحة، وليس الأهل فقط، أيضاً أصدقائك يؤثرون عليك فلابد أن تختار صديقك بحرص وعناية، تختار من يعينك على طاعة الله والامتثال لأوامر نبيه صلى الله عليه وسلم، واجتناب نواهيه.
أما لدور أهلي فيما أسعى له، فأهلي هم كل شئ بالنسبة لي، ولهم الدور الأكبر فيما وصلت له، أسأل الله أن يبارك فيهم وأن يرزقهم السعادة في الدنيا والآخرة.
– إن أردنا ترشيحاتك لبعض الدُعاة الأكثر تأثيرًا لمُتابعتهم والإستفادة من علمهم، من منهم تُرشحهم لنا؟ وما نقاط قوة كل منهم؟
أكثرهم تأثيراً من وجهة نظري د. عمر عبد الكافي ، د. أحمد عمر هاشم ، د. محمد الغليظ ، ا. ياسر ممدوح ، وكلاً منهم له طريقته الخاصة التي يجعلك مستمتعاً بالاستماع إليهم.
– “بين الإنشاد الديني والغناء”. .. المنشد الديني إبراهيم جادالله في حوار خاص
وجه نصيحة لمن يتأرجح بين شقي الرحىٰ وغير قادر علىٰ تحديد أيٌ منهما يختار؟
بالطبع الإنشاد الديني وتلاوة القرآن أفضل بلا جدال، لأن هذا فيما يرضي الله،
أما عن الغناء فنحن نعلم أنه إذا كان في كلام لا يرضي الله وهو الغالب في هذا الوقت فهو حرام، ويؤدي بصاحبه لاقتراف الكثير من الذنوب والمعاصي بسبب الألفاظ المستخدمة، أما عن الموسيقى فٱختلف العلماء، فمنهم من قال بأنها حرام قطعًا، ومنهم من أجازها بشرط أن تكون مصاحبة لكلامٍ جائز ليس فيه عيب ولا حرمه، ولكن الأحوط أن نجتنب الشبهات كما حثنا على ذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
– في النهاية وجه نصيحةً لأقرانك ووجه كلمة شُكر لمن قام بمساندتك للوصول لما أنت عليه.
نصيحتي .. المنشد الديني إبراهيم جادالله في حوار خاص
– أن تختار أصدقاءك بعناية، لأنهم من يعينوك بجوار أهلك على السير في طريق رب العالمين سبحانه وتعالى، ولئلا تندم في اختيارك وتقول يوم القيامة
” يـٰويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً “.
دع الخلق للخالق .
– ٱنشغل بأمور نفسك ولا تشغل نفسك بعيوب الآخرين .
وفي النهاية أشكر كل من كان عوناً لي ومن كان سبباً في وصولي لما وصلت إليه في جميع أمور حياتي، بارك الله في أعماركم رزقكم السعادة في الدارين .
إقرأ أيضًا
الكاتبة ” إسراء أحمد ” ذات الكلمات العميقة في لقاء الأمنيات
عتاب أحمد المصري في لقاء الأمنيات
الأستاذة ” حنان درويش ” كاتبة رواية ” أضيء عتمة ليلي ” في لقاء الأمنيات