متى يمكن أن يكون الأرق مميتاً؟… كيف يمكن للأرق أن يصل بالإنسان إلى أن يفقد حياته؟… الأرق هو أحد أمراض العصر التي تصيب الإنسان لأسباب مختلفة ومتنوعة. وهو إذا ما طالت الإصابة به ولم يتم معالجة أسبابه من أجل التخلص منه يؤثر بكل تأكيد على صحة الإنسان الجسدية. ومع عدم تلقي العلاج أو الالتزام به إذا ما تم معرفته، قد يتسبب بالأذى للإنسان في بدنه. الأمر الذي قد يقود بكل تأكيد إلى الوفاة نتيجة إجهاد البدن والعقل والنفس. فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟ هذا ما سوف نتعرفه في هذا المقال…
متى يمكن أن يكون الأرق مميتاً؟
بدايةً، لابد ان نتعرف ما هو الأرق. فالأرق يتم تعريفه بانه نوع من الإضطراب في النوم. وهذا الاضطراب لكي يتم تسميته بـ “الأرق” كمرض يجب أن يقوم بالتأثير على الإنسان ويصيبه بشكل منتظم. ففي الأرق، خصوصًا الأرق المزمن، لا يستطيع الإنسان النوم أو مواصلة النوم للمدة المُثلى لكي يرتاح جسده وعقله لعدد كبير من الأيام والليالي. وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة الشعور بالتعب والإعياء والخمول والرغبة في النوم نهارًا وليلًا رغم عدم القدرة على فعل ذلك.

متى يمكن أن يكون الأرق مميتًا؟… كيف يمكن للأرق أن يصل بالإنسان إلى أن يفقد حياته؟
وتعلن الدراسات أن هناك حوالي 35% من البشر يعانون من الأرق الذي يؤثر عليهم وعلى نمط حياتهم. ولكن لا يحدث هذا مع أغلبهم بشكل منتظم ولا يصل إلى الحالة التي تعتبر أرقًا مزمنًا مما يعني أنه لا يعتبر مرضًا يحتاج إلى علاج إلا إذا تحول إلى الحالة المزمنة.
أسباب الأرق الشائعة
- التوتر
- القلق
- الضغوط النفسية بشكل عام
- الخوف، خصوصًا الخوف المرضي
- عدم الانتظام في مواعيد النوم
- العادات السيئة في النوم
- الإصابة بأي من الأمراض النفسية: الاكتئاب على سبيل المثال
- الإصابة بمرض عضوي ما مثلما يحدث مع مرضى الغدة الدرقية
- بعض الأدوية يكون لها آثار جانبية أهمها الأرق أو عدم القدرة على النوم بشكل منتظم
- أسباب أخرى تحتاج إلى طبيب لتشخيصها واكتشافها
الأرق المزمن، والأرق المميت
يختلف التأثير الخاص بالأرق من شخص إلى آخر. ولكن السمة العامة في كون الأرق مرضًا ومزمنًا هي أن يستمر المصاب به يعاني منه لمدة طويلة وبشكل مستمر ودائم لعدد كبير من الأيام. وكما أوضحنا سابقًا أن الأرق قد يكون سببه أمراض نفسية و/ أو عضوية. كما أن الإصابة بالأرق والمعاناة منه لمدة طويلة تتسبب في الإصابة بأمراض عضوية نتيجة التعب والإرهاق وقلة الراحة والنوم. الأمر الذي إذا استمر لوقت طويل قد يؤدي بطريقة أو بأخرى إلى الموت نتيجة الأمراض والإرهاق والتعب.
علميًا، لا يمكن النحديد بدقة مدى ارتباط الأرق بحدوث الوفاة حيث يكون من الصعب ذلك. بل أن الكثير من العلماء قد يجيبون عند سؤالهم عن هذا الأمر بكلمة “لا”. والتي بها يتم نفي ارتباط الأرق بحدوث وفاة للشخص المصاب به. وذلك على الرغم من ارتباط الأرق بعدد من المشكلات الصحية والأمراض على المدى البعيد وأيضًا على المدى القريب.

متى يمكن أن يكون الأرق مميتًا؟… كيف يمكن للأرق أن يصل بالإنسان إلى أن يفقد حياته؟
وقد عبر عن ذلك موقع بيشنت انفو patient.info (مريض المملكة المتحدة)، وهو موقع بريطاني يهتم بنشر المعلومات الصحية لمساعدة المرضى، بأن قال،
لا أحد يموت من الأرق ونقص النوم بمفرده، إلا أن اضطرابات النوم المستمرة تزيد من المخاطر الصحية التي نتعرض إليها بشكل عام.
ولهذا يمكن القول أن الأرق لا يؤدي إلى الوفاة بشكل مباشر. ولكن إذا ما تحول الأرق إلى مرض مزمن يؤدي بالتالي إلى الإصابة بأمراض نفسية وعضوية. وهذه الأمراض الناتجة عن الإصابة بالأرق قد تؤدي إذا ما لم يتم معالجة أسباب الأرق الذي تسبب فيها إلى الوفاة.
إذن الأرق لا يسبب الوفاة/ الموت بشكل مباشر ولكنه قد يؤدي إليه بشكل غير مباشر… فلابد من العلاج بالتعامل مع الأسباب والمشكلات المؤدية إليه وحلها. وهذا ما يقره العلماء بشكل عام، ولكن… هل هذا هو كل شيئ؟ بالطبع لا… فكما ذكرنا مرارًا وتكرارًا أن لكل قاعدة توجد شواذ.
الأرق الذي يكون وراثيًا ومميتاً
يوجد نوع من الأرق الذي يكون متوارث ومنقول ويسمى بـ “الأرق الوراثي المميت”… وهو ما يعتبره العلماء والأطباء النوع الوحيد الذي قد تؤدي الإصابة به إلى الموت بشكل مباشر. وهذا النوع من الأرق والذي يسمى بالإنجليزية Fatal Familial Insomnia هو مرض يصيب المخ وذلك بسبب جزيئات بروتينية ما تتسبب في نقل العدوى.
وهذا المرض نادر الحدوث للغاية، وإذا ما أصيب به إنسان يتطور معه ليصبح مرض أرق دائم. حيث أن الإنسان يمتنع عن النوم ولا يستطيعه حتى يفقد ذاكرته ويعاني من مشكلات صحية جمة تتسبب في وفاته في مدة تتراوح من 7 إلى 36 شهرًا. وهو مرض يصيب المخ كما قلنا ويقوم بالتأثير على جسم الإنسان بالسلب بشكل عام. كما أن من أعراضه المعروفة، نتائج الإصابة به، حدوث ارتفاع ملحوظ في درجة حرارة الجسم مع حدوث تسارع في ضربات القلب.
والآن، مع الذين يهتمون بتعرف الأرق وأضراره. يدور دائمًا سؤال حول مقدار الوقت الذي يمكن للإنسان أن يقضيه بلا نوم بشكل متواصل…
كم ساعة يمكن للإنسان أن يقضيها بلا نوم بشكل مستمر ومتواصل؟
بلغت أقصى مدة رصدتها الدراسات العلمية للقدرة على الاستمرار دون نوم بشكل متواصل ما قدره حوالي 11 يوم. اي ما يساوي حوالي 264 ساعة (11 أيام X عدد 24 ساعة = 264 ساعة). وهذه الدراسة تمت على شاب في سن المراهقة بلغ من العمر 17 عامًا استطاع أن يبقى كل هذه المدة دون أن ينال من النوم ولو لحظة.
جدير بالذكر أن هذه التجربة التي مر بها هذا الشاب قد أظهرت أنه بداية من اليوم الخامس أصابته أعراض عصبية (بعض من الهلاوس). إلا أن الإيجابي في الأمر ورغم طول المدة التي قضاها بلا نوم لم يصاب الفتى بأمراض مزمنة أو بعيدة المدى. كما أنه استطاع أن يعود إلى النوم بشكل منتظم بعد مروره بهذه التجربة بعدها بأيام ليست كثيرة.

متى يمكن أن يكون الأرق مميتًا؟… كيف يمكن للأرق أن يصل بالإنسان إلى أن يفقد حياته؟
نصيحة،،،
لا ننصح بأن يقوم اي أحد بتجربة هذا الأمر مثلما فعل هذا الشاب الذي كان تحت الملاحظة لعمل دراسة في عام 1964. وننصح بأن يكون هناك انتظام في النوم بشكل كافي ما بين 6 إلى 8 ساعات كل يوم من اجل تجديد الطاقة والراحة التي يتطلبها الجسم. مع اللجوء إلى الطبيب إذا ما عانى الإنسان من الأرق المستمر دون معرفة أسبابه بوضوح. وانه إذا ما تم معرفة أسباب الأرق فعلى الإنسان أن يتعامل معها بجدية ويتخلص منها و/ أو يعالجها بشكل صحيح.
فمن المؤكد أن عدم القدرة على النوم لأوقات ومدد طويلة يؤثر على الصحة العامة للإنسان. كما يؤثر على وعيه وإدراكه للأشياء من حوله، وذلك لأنه يجهد العقل ويؤثر على النفس والقدرة على الانتباه والإدراك والتفكير.
لذلك فإننا هنا ننصح بالتالي من أجل التعامل بشكل جيد مع الأرق:
- يجب أن يمارس الفرد الرياضة بشكل منتظم، فالرياضة والنشاط يساعدان في التخلص من الضغوط والتوترات التي قد يعاني منها الإنسان. كما أن التعب الناتج من ممارستهما يجعل الجسم على استعداد للنوم والراحة.
- يجب ان يراجع الفرد مع طبيبه الأدوية التي قد يكون مضطر لتناولها بسبب أي مرض ما. وذلك لتعرف وتحديد أي منها قد يسبب الأرق كعرض جانبي او عرض أساسي. حتى يمكن تحديد سبب الأرق والتعامل معه.
- يحب البعض أن ينام لوقت قصير أو طويل في النهار (القيلولة). وقد تتسبب هذه القيلولة في الأرق عن موعد النوم مساءًا. فعلى الفرد أن يمتنع عن النوم في النهار حتى يكون قادرًا على النوم ليلًا.
- أن يقوم الفرد بتحديد موعد ثابت يخلد فيه للراحة والنوم ليلًا.
- لا تتناول مشروبات كثيرة قبل النوم خصوصًا المشروبات المنبهة كالشاي والقهوة. ولا تتناول وجبة كبيرة في العشاء قبل النوم بالطبع.
- إذا ما وجدت صعوبة في النوم، فلا تعاند وتجاهد من أجل إجبار نفسك على النوم. بل استرخي ودع الوقت يمر واخرج من عقلك فكرة أنك تجد صعوبة في النوم. فالاسترخاء سوف يستدعي النوم إليك لا المقاومة لليقظة التي ستزيد من انتباهك واستمرار يقظتك.
عافانا الله وعافاكم!
الكاتب/ اسامة الأديب
استشاري تعليم وتنمية
إقرأ أيضاً:
العوامل المؤثرة في الصحة النفسية
كيف تتحكم في أعصابك عند الغضب؟
كيف يحسن الإنسان من حالته النفسية؟