الملاك ميخائيل وسر تعامد الشمس على مذبح كنيسته في عيده… إبداع المعماري المصري مستمر في كل زمان: من العصر الفرعوني إلى العصر القبطي وعلى مر العصور… من الأحداث السنوية في مصر يقوم المسيحيون المصريون بالاحتفال في يوم 12 من شهر بؤونة القبطي. والذي يوافق يوم 19 من شهر يونية من كل عام. بعيد رئيس الملائكة ميخائيل حسب الإيمان المسيحي الأرثوذوكسي في مصر.
أصل الاحتفال بعيد رئيس الملائكة ميخائيل في مصر
يعود الاحتفال بعيد الملاك ميخائيل في مصر إلى ما قبل انتشار المسيحية في أرض وادي النيل. حيث كان هذا التاريخ يحتفل المصريون فيه، في العصر الوثني وعصر الآلهة المصرية القديمة، بعيد للإله “حابي” إله النيل. حيث كان المصريون يحتفلون ببدء قدوم الفيضان. وذلك حيث كانوا يعتقدون أن إله النيل “حابي” يذهب طائرًا في زمن التحاريق (ومعناها انخفاض منسوب المياه في النيل إلى أدنى مستوى له) إلى منابع وادي النيل في جنوب القارة. ومأخوذًا بالرحمة بمصر وبالمصريين التي تحركه، يقوم حابي بإلقاء قطرات الماء من فمه والتي تتبخر وتصعد إلى السماء لتكون السحب وتصبح سحب كثيفة تسقط سيولاً وأمطارًا منهمرة. فيفيض النيل يالماء الذي يتدفق في مجراه ويروي الأرض وينمو الزرع ويعم الخير ويفرح المصريون. وكان هذا العيد يسمى بعيد “يوم النقطة” Night of the Drop.

الملاك ميخائيل، وسر تعامد الشمس على مذبح كنيسته في عيده…
وتعبيرًا عن الفرحة بماء النيل واحتفالاً بإله النيل كان المصريون يأكلون الفطير ويتبادلون الهدايا فيما بينهم. ولكن مع تحول المصريون إلى المسيحية، وزوال عبادة الأوثان بالتدريج فقد تم تحويل هذا الموعد إلى الاحتفال برئيس الملائكة الجليل الملاك ميخائيل. وذلك لكونه هو رئيس الملائكة التي تقف أمام عرش الله ترفع له صلوات المؤمنين به وطلباتهم بالخير فيفيض الله عليهم بالماء والفيضان والزرع الذي يعم عليهم بالخير وبالرخاء في وادي النيل.
كنيسة الملاك ميخائيل في الشرقية وتعامد الشمس على مذبحها
في الكنائس الأرثوذوكسية والكاثوليكية يوجد تقسيم للكنيسة التي في الغالب يتم بنائها على مثال فُلك نوح نبي العهد القديم أو نبي الطوفان. ومن ضمن هذا التقسيم يوجد مكان أو جزء من الكنيسة يسمى بالـ “هيكل”. ويكون بداخله مذبح يقدم عليه القربان (وليس الذبائح كما كان في المعابد اليهودية في العهد القديم قبل مجيئ المسيح).
وعلى هذا المذبح تقام الصلوات ويتم ممارسة سر الأفخارستيا (التناول) كمثال للعشاء الرباني الذي صنعه المسيح مع تلاميذه قبل تسليمه لليهود من قبل يهوذا الأسخريوطي أحد تلاميذه. والذي نطلق عليه تاريخيًا لقب “الخائن” ونقوم باتخاذ قبلته مثلاً في الخيانة وهي المعروفة باسم “قبلة يهوذا”.
وكعادة الإبداع المصري في البناء والتعمير منذ أقدم العصور، والأهرامات والمعابد تشهد على ذلك. فقد قام المهندس الذي أشرف على بناء كنيسة الملاك ميخائيل في محافظة الشرقية بتصميم موضع المذبح بحيث تتعامد الشمس عليه يوم الاحتفال بعيده. وهو الأمر الذي سبق وأن أبدعه المعماري المصري القديم في العصر الفرعوني. والذي جعل الشمس تتعامد على وجه الملك رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل مرتين في العام. وذلك في أكتوبر (يوم مولده) وفي فبراير (يوم تتويجه كملك على أرض مصر) من كل عام. في دليل على عبقرية المصري في علم الفلك وحساب حركة الشمس في التوقيتات المختلفة.

الملاك ميخائيل، وسر تعامد الشمس على مذبح كنيسته في عيده…
وقد أبدع أحفاد البنائين العظماء في إنتاج مباني كيفما شاؤوا بالعلم وبالخبرة المتوارثة. وفي كفر الدير بمنيا القمح التابعة لمدينة الزقازيق، توجد كنيسة الملاك ميخائيل. والتي فيها تتعامد الشمس صباح يوم عيد الملاك ميخائيل على مذبحه أثناء إقامة صلاة قداس العيد. ولذلك قام المركز الثقافي القبطي الأرثوذوكسي يوم 19 يونية 2022 بنشر بيان وصور لهذا الحدث على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
إقرأ أيضًا
الأماكن الأكثر غموضًا في العالم
أسوان بلاد الذهب وبوابة جنوب الصحراء المصرية
فيلم مصرى نادر وعلاقته بشم النسيم