ما السبيل لبلوغ السعادة؟ عندما نتحدث عن السعادة فإننا نتحدث عن غاية ثابتة لدى كل إنسان في الحياة، إذ تعتبر السعادة في جوهرها غاية وهدفا وجوديا، فالحديث عن الوجود الإنساني لايكتمل إلا من خلال الإحاطة بكل المحددات والشروط الذاتية والموضوعية التي تطبع وجوده الإنساني هذا، سواء تعلق الأمر بما هو ٱجتماعي علائقي أو تعلق بما هو نفسي سيكولوجي، فالسعادة هنا تشكل أحد محدداتها، أي من المحددات السيكولوجية والسوسيولوجية على حد سواء. فإذا نظرنا إلى الجانب الإجتماعي نجد أن سعادة الفرد تتحقق من خلال وجوده الإجتماعي أي داخل وسطه الذي يعيش فيه من عائلة وأصدقاء وأقرباء … إذ يمثل المحيط الخارجي للفرد مصدرا هاما للعديد من المشاعر المختلفة والأحاسيس من قبيل الطمأنة والإحساس بالوجود وكذلك الإحساس بنوع من السعادة.
ما السبيل لبلوغ السعادة؟
فقد يحدث ويصادف الشخص في حياته حالة من حالات القلق والحزن، غير أنه بمجرد ما يلتقي بأشخاص معينين فقد يؤدي ذلك إلى تغيير مشاعر الشخص بصورة كبيرة، أو بمجرد أن يجد الشخص نفسه داخل الوسط الذي يرتاح فيه فهذا أمر كفيل أن يجعل الشخص يعيش لحظة من السعادة، وأما في مايخص الجانب السيكولوجي والنفسي فنجد أن سعادة الشخص من هذا المنطلق تتحدد من خلال وجوده مع نفسه، معنى ذلك أن الشخص قد لايحتاج إلا لنفسه وأن يتصالح مع ذاته ويعود إليها عبر تأملها وتعقل خصائصها، فكلها أدوات وطرق يمكن للشخص من خلالها أن يتذوق طعم السعادة.
_ إن السعادة كمفهوم إنساني قد شغلت التفكير على مر العصور خاصة من الفلاسفة والمفكرين منذ العصور اليونانية مرورا بالعصور الوسطى والحديثة ثم المعاصرة، إذ نجد أن من بين أهم الفلاسفة الذين تطرقوا للحديث عن مفهوم السعادة
” الفيلسوف أفلاطون” إذ تحدث هذا الفيلسوف عن السعادة من خلال دعوته إلى ضرورة التحرر والتخلص من مسألة الرأي Doxa، والإنتقال إلى ماسماه بالفكرة أو المثال Idos، بحيث ٱعتبر أفلاطون أن الإنتقال من الدوكسا إلى الرأي يعني الإنتقال من ذلك الرأي الجزئي أو الميكانيزمي والمتغير الحسي إلى الفكرة أو المثال الذي يتميز بكونه تعبيرا شاملا وصادقا ومعبرا عن الحقيقة الأسمى، تلك الحقيقة التي لا تقبل الشك، وهي الحقيقة المتميزة بالموضوعية والمصداقية مما يؤدي إلى بلوغ كل الغايات الروحية والفكرية بما في ذلك السعادة.
_ سؤال ما السعادة وما السبيل والطريق لتحقيق السعادة، يعتبر سؤالا جوهريا لاسيما وأنه يشكل مركز ٱهتمام الكثير من الناس فإذا ما وجهنا هذا السؤال كيف تتحقق السعادة ؟ إلى مجموعة من الناس والأشخاص بشكل عشوائي فإنه بكل تأكيد سوف نحصل على العديد من الإجابات المتنوعة، غير أن كل هذه الأجوبة ستبقى تعبيرا عن أجوبة شخصية وتعبيرا عن آراء الناس الخاصة بهم ونظرتهم لموضوع السعادة والوجود الإنساني.
مفهوم السعادة
ومن هنا توجب وضع مفهوم السعادة تحت مجهر التأمل والمجهود العقلي، وذلك حتى تتأتى الإستطاعة على أن نجيب على السؤال الذي يشكل منطلق الأساس وهو ” ماهي السعادة وماسبيل بلوغها” حيث يساعد التمحيص العقلي والتفكير التأملي في هذا المفهوم في إعطاء الفرصة للوصول إلى أجوبة عقلانية وصادقة بعيدة عن الإجابات المفتقرة لمبدأ توحيد الفكرة والمضمون.
_ السعادة في نظر الفيلسوف ” باروخ سبينوزا” هي سعادة وسطية، بمعنى ذلك أن الإنسان في سعيه لتحقيق السعادة لابد وأن يعمل وفق مبدأ الإعتدال في إشباع حاجاته الطبيعية سواء ماهو بدني أو نفسي، لاسيما أن مبدأ الإعتدال والوسطية لايمكن وأن يتحقق للإنسان ولا أن تتسنى له الفرصة لبلوغه إلا عن طريق معرفة دوافع الرغبة إلى السعادة والعمل على عقلنتها وتنظيمها بتوافق مع المحيط الخارجي والنفسي، وبهذا يخرج سبينوزا بخلاصة هامة وشاملة حيث يقول :
” إن دور الرجل الحكيم في ما أرى أن ينعش نفسه بالإستمتاع والتزود بالطعام والشراب في ٱعتدال وبأطيب الروائح والنباتات الخضراء الجميلة والعزيمة والموسيقى والرياضيات والمسرح وغيرها من الأشياء المشابهة “.
_ إذن يمكن القول بناءا على كل ما سبقت الإشارة إليه أن السعادة هي مفهوم شامل و اسع الأفق بين المذاهب الفكرية المختلفة، غير أن الثابث أن السعادة من حق أي شخص أن ينعم بها ويطمح لوصولها وتحقيقها، وذلك من منطلق الموازنة بين متطلبات الجسد والروح.
إقرأ أيضاً:
عشر طرق للوصول إلى البساطة فى حياتك وتبسيط حياتك مفتاح السعادة
3 تعليقات
برأيي السعادة حالة ظرفية مؤقته يمكن الشعور بها لأوقات قصيرة وهي تتضمن الفرح والضحك والاطمئنان النفسي. تلك الحالة هي فترة قصيرة مقارنة بحالات القلق والأرق التي تتصف بها حياة الإنسان، وقد ورد ذكر شقي وسعيد في القرآن الكريم معرفا السعداء بالذين يدخلون الجنة، جعلكم الله وإيانا منهم
شكرا لك على التعليق وكلامك تمام
نعم كلامك صحيح فالسعادة كما سبق ذكر ذلك هي سعادة تأتي من خلال الوسطية والإعتدال في الحياة مما يضمن الإطمئنان
النفسي …