ماضينا وحاضرنا حافلان بأعاجيب ودرر من الردود الذكية المذهلة، وقد يتوهم البعض أنها حكرٌ على كبار السن والشيوخ الذين علَّمهم الدهر ووسَّع مداركهم ومعارفهم، لكنَّ التاريخ والواقع يشهدُ بأنَّ العُمرَ ليس شرطًا في الحصول على ملكة الردود الذكية، ربما يكونُ عاملًا مساعدًا لكنوز الخبرات والتجارب والمواقف التي يختزلها، ولكنَّ الميدان واسعٌ، فأذكياء الردود منهم الأطفال والرجال والنساء والجدود، وهو مجالٌ كبيرٌ ليس له حدود.
لا، لن أحدثكم عن قصص ومواقف وشخصيات خلَّد التاريخُ ردودهم الذهبية، فهذا يحتاجُ إلى مجلدات لأننا سنغوص في الأعماق لنخرج اللآلئ، ونحلق في السماء لنعانق النجوم، مع أنَّ ذلك شيقٌ وممتع، لكنَّكم ستجدونه في الكتب والمواقع والصفحات الإلكترونية المتنوعة.
إنَّ هدفي من هذا المقال أن أضيء السبيل، وأرسم خارطة للوصول إلى شاطئ الذكاء والفطنة في الردِّ المُبهِر المدهش، لعلي أن أكون بوصلة تهدي إليه وتشحذ الهمم للإقبالِ عليه.
تعالوا معي إلى القصرِ الذي يوجدُ في آخره عرشُ الردِّ الذكي الذهبي، نعم، هذه البوابةُ: إنها القراءةُ والاطلاع في المعاجم والسير للأعلام السابقين والمعاصرين، وخذ محبرتك معك لتدون كل ردٍّ عجيب، بعد أن تعيش الموقف بكلِّ تفاصيله لتعرف وتعي أسرار ذلك الرد وأبعاده.
الحمد لله فُتحت البوابة ودخلنا القصر، انظروا إلى تلك النافذة التي تمر من خلالها خيوط الضوء السحرية، هذه نافذة الهدوء والتركيز، لينطلق بعدها ردك كالسهم المشدود إلى وتره بإحكام المصوب إلى هدفه بإتقان.
كيف أتعلم الردود الذكية؟
والآن لنستريح قليلًا حول نافورة التوقيت المناسب، فإنه لا بد لك أن تختار اللحظة الحاسمة لردودك.
دعونا نحتسي كوبًا من القهوة في حديقةِ الحكم والأمثال، فإنه خير زاد لجمال الرد والمقال.
ما هذا؟! إنه حوض أسماك، هذه الأسماك تتعرفُ على الشخصيات التي تراها ومحبوباتها ومنغصاتها، لن تكون ذكيًا في ردك ما لم تلامس مشاعر واهتمام الشخصية التي تقابلها.
وهنا قفص البلبل الشادي، إنه يطربُ للشعر والقصيد، فاحفظ منه الجميل والقوي والسديد، فهو للرد الذكي عقدٌ فريد.
ها قد وصلنا إلى معرض اللوحات الفنية، التي تنبثق منها جمالياتٌ وإبداعاتٌ كثيرة، مع هدوء الألوان وقلة الرسومات في اللوحة، فأوجزوا ردودكم وأتقنوا تلوينها بعمقٍ فكريٍ مبدع.
ما أجمل هذه القطة الأليفة، تحب مخالطة الناس وتأنس بهم، إياكم أن تكون القطة أذكى منكم، لا للانطواء والعزلة، وسِّع علاقاتك ومعارفك بانتقاء، تقوى ردودك وتزدهر بمجالستهم والاحتكاك بهم.
لقد اقتربنا من العرش، ونحن نسير الآن على جسرٍ زجاجي لامع نقي، طهروا قلوبكم من الضغائن، والبسوا ثياب التواضع، ولا تنتصروا لأنفسكم، عندها تصفو وترتقي ردودكم.
ألا تلاحظون أن مقتنيات هذا القصر وزعت فيه بدقة متناهية في أنسب مكان لها، كذلك الرد الذكي يحتاج في بعض الأحيان إلى مكان مناسب تختاره بذكاء.
هذه الكتاب الذي يضم توقيعات الزائرين وانطباعاتهم، عليكم أن تحملوا في جيوبكم مذكرة لتسجيل أجمل الردود في مشاهداتكم اليومية، ولسوف تصبح تلك المذكرات كنزٌ عظيم من الردود الرصينة الرائعة.
الآن وصلنا إلى عرش الردِّ الذكي، جديرٌ بكم جميعًا بعد أن تلموا بما سبق، وتُحسنوا تعلمه وإدراكه، أن تجلسوا على هذا العرش بكل ثقة وتواضع واعتزاز.
إقرأ أيضاً:
تعرف على أهمية وضع الخطط لتحقيق الأهداف