هدية السماء قصة قصيرة
علت صوت الزغاريد بالقاعة ،أشرقت شمس الفرحة بقلوب المدعويين. فاليوم حفل زفاف علا من سامح بعد قصة حب مرت بالكثير من الصعوبات والمتاعب.
سامح شاب وسيم من عائلة ثرية كان مطمع للكثير من فتيات العائلات الراقية ،لكن قلبه اختارها هي.
إنها علا زميلته بنفس كلية التجارة تعد فتاة عادية لكنها لفتت نظره ببساطتها وعفويتها الملحوظة رغم اعتراض أهله في البداية لأنها من أسرة بسيطة لا تتناسب مع مستواهم الاجتماعي لكنهم وافقوا في النهاية لتعلق ابنهم بها ولرغبتهم في قدوم حفيد من ابنهم الوحيد يرث كل هذه الأملاك.
مرت الأيام والشهور الأولى من الزواج سريعا ارتشفا فيها من كأس السعادة .
كل يوم يمر علي سامح يزداد تعلقه بأميرة قلبه علا التي كانت مثالا للزوجة الصالحة بكل معني الكلمة ،كانت تهتم به في أدق تفاصيله من ملبس ومأكل وعمل ،لا تحمله أي أعباء رغم تعرضها للكثير من المضايقات من أفراد عائلته ،فلقد تقبلوا الزيجة فقط ارضاءََ لابنهم الوحيد.
الصدمة
لكن ما نغص عليهم حياتهم أنهم لم ينجبا بعد مرور ثلاث سنوات من الزواج ،كثر القيل والقال بين أفراد العائلة مما جعلهم يترددا على الكثير من الأطباء ولم يتوصلا لإجابة شافية حتي صارحهم طبيب مقرب أن علا لن تستطيع الإنجاب لأسباب وراثية لن تفلح معها الأدوية.
صدم سامح وانهارت علا لم تستوعب الصدمة لكن سرعان ما تمالك سامح مشاعره وهون عليها الحال.
-لن أتخلي عنك يا مهجة القلب فأنتي طفلتي- وأمي وأختي.
-لكنه حقك أن يكون لك ولد يحمل إسمك وأنا- للأسف لن أستطيع تحقيق ذلك الحلم.
-ماذا أفعل بولد إنت لست أمه فأنت دنياى ولا- أريد سواك.
انهمرت دموع علا علي وجنتيها كأمطار الشتاء تبلل زهور الوادي وطلبت من سامح أن يتزوج من أخرى ليحقق حلمه بالانجاب ،لكنه رفض بشدة ،اتفق معها أن لا يخبرا أهله بذلك منعاََ لمضايقتها بل سيقولا أن السبب مرتبط به حفاظا علي مشاعرها.
فعلا تغير معاملة أهله لعلا لتحملها ذلك الوضع وأشفقا علي ابنهما لعدم قدرته على الإنجاب.
عوض سامح حبه للأطفال باهتمامه بأطفال دور الأيتام فكان يغدق عليهم بالهدايا والملابس الجديدة كل عيد ويصطحب معه زوجته علا فيعيشا مع هؤلاء الأطفال أسعد لحظات عمرهم.
حتي اقترحت عليهم مشرفة دارالأيتام كفالة طفل بشكل دائم.
كفالة طفل
رغم قلق سامح من الفكرة لكنه وجد بريق الأمل بعيون زوجته بعد أن أوشك علي الإنطفاء فوعدها بالتفكير في الأمر.
بعد تمعن في التفكير وافق علي الفكرة ،اصطحب زوجته لتختار طفلا صغيرا كان ينتظرهم كل زيارة ويفرح بهداياهم وبعض الحلوي.
بمجرد دخول ذلك الطفل حياتهم صار هالة نور بالمنزل و أصبح مصدر فرحة الجميع ، تعلق به سامح كثيرا،واهتمت بتربيته علا علي أحسن ما يكون.
مرت السنوات بسرعة وصار الولد شابا يشار له بالبنان لذكائه وخلقه، كان متعلق بوالدته تعلق غريب بل كان يشبهها في الكثير من الصفات. .
لكن الرياح لا تأتي بما تشتهي السفن فلقد مرض ذلك الابن مرضا شديدا ،احتجز بالمشفي و احتاج متبرعا بالدم ففصيلته نادرة لم يجد سوي علا الذي لم تلده لتتبرع له ويشاء الله أن يكون نفس فصيلتها، لكن القدر لم يمهلها للأسف بعد تبرعها له فلقد اكتشف الاطباءأثناء فحوصات دمها مرضها مرض صعب الشفاء منه ،فارقت الحياة بعد عدة أشهر.
لم يتبقى أثر لها سوي دمها الذي اختلط بدم ذلك الولد البار.
كان صعبا علي ابنهما في البداية لتعلقه الشديد بأمه لكنه بعد تمالك نفسه و رغم معرفته أنها ليست من ولدته، كان يسيرعلي خطاها بخطي ثابتة كأنه من صلبها فأكمل نفس أعمالها الخيرية و هون علي أبيه غيابها .
أما سامح رغم فقده إياها وشوقه لها ظلت حبيبته التي لا ينساها أبدا .
اتفقا سويا تخليد ذكراها بالتبرع بمبني جديد لنفس دار الايتام وإطلاق اسمها علي المبني كما تم تكريمها بحفل الام المثالية بدار الايتام، كان حفلا جميلا اختلطت فيه ضحكات الأطفال بدموع سامح وابنه لكن ما صبر قلوبهم اجتماعهم معا علي حبها. .
كأنها كانت تخشي على زوجها الوحدة فأهدته ذلك الطفل المختار ليكون هدية السماء له ما تبقي من العمر
بقلمي 💜 بانسيه محمد فضل
#قصة_كل_جمعة