تشغل التفاعلات الكيميائية حيزًا لا بأس به في حياتنا اليومية. فهي لا تقتصر على مادة الكيمياء فحسب، بل تتعدى ذلك لتشمل الكثير من الحوادث والمتغيرات التي نراها من حولنا. لا بدّ إذاً لتفسير هذه الظواهر التي يمكن مصادفتها في حياتنا اليومية من معرفة خلفيتها التفاعلية أي التفاعلات الكيميائية التي تكمن وراءها.
نعرض فيما يلي:
- تعريف التفاعل الكيميائي.
- مؤشرات التفاعلات الكيميائية.
- عناصر التفاعل.
- المعادلة الكيميائية للتفاعل.
- معدل التفاعل الكيميائي.
- أمثلة من حولنا.
تعريف:
التفاعلات الكيميائية هي تحوُّل كيميائي تتغير بموجبه خصائص المواد لنحصل على مواد جديدة بخصائص مختلفة. وهذا يتم عن طريق تكسير الروابط الكيميائية في المواد المتفاعلة، لإنتاج روابط جديدة في المواد الناتجة، ما يؤدي إلى تكوين مواد جديدة مختلفة.
مؤشر التفاعل الكيميائي:
دلائل عدة نراها تدلّ على حدوث تفاعل كيميائي أبرزها أربعة:
١. تغير اللون
يكفي أن يتغير اللون أو أن يختفي ليدلّ ذلك على حدوث تفاعل كيميائي.
أمثلة:
- عندما يتغير لون التفاحة المقطوعة من الأصفر إلى البني يدل على تفاعل مادة في التفاح (polyphenol) مع أكسجين الهواء ما نسميه الأكسدة في الكيمياء.
- تحوّل لون الحديد من الرمادي إلى البرتقالي عند وجود الرطوبة خاصة، يدل على أن الحديد تفاعل مع أكسجين الهواء فتشكل الصدأ.
٢. انبعاث غاز أو الفوران
يدل تصاعد الغاز الذي غالباً ما نراه على شكل فوران أو فقاعات على حدوث تفاعل كيميائي.
أمثلة:
- عند وضع أقراص فيتامين c في الماء نرى فقاعات من غاز ثاني أكسيد الكربون يتصاعد، ما يدل على تفاعل يحدث في المواد المشكِّلة لقرص الفيتامين.
- جرِّب عصر بعض الليمون الحامض أو الخل على قشر البيض المطحون أو على طبشورة كلسية مطحونة، ستشاهد فوراناً واضحاً عبارة عن انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وهذا يدل على حدوث تفاعل بين المادة الحمضية والمادة الكلسية.
٣. تشكل ترسّبات
إذا لاحظنا ظهور ترسبات في محلول ما عند إضافة مادة إليه، هذا يعني أن تفاعلاً قد حدث بين المادتين.
مثال:
- لنقم بخلط ملعقتين من الخل مع الحليب الفاتر وتحريكها على نار هادئة، سنلاحظ ظهور الترسّبات في المزيج والتي هي عبارة عن الجبن. بهذه الطريقة التفاعلية تتم صناعة الجبن.
٤. تبادل الطاقة
هنا يوجد احتمالات عديدة، فالتبادل يعني امتصاص أو انبعاث الطاقة. أما الطاقة فيمكن أن تكون حرارية، كهربائية أو حتى ضوئية.
أمثلة:
- احتراق المازوت يؤدي إلى انبعاث حرارة، هذا يدل على وجود تفاعل بين المازوت والأكسجين نتج عنه طاقة حرارية. (لا بد من الإشارة هنا إلى أن كل عمليات الاحتراق هي عبارة عن تفاعل المادة مع الأكسجين وليس مع النار، فالنار هي محفز للتفاعل فقط).
- اشتعال مادة البارافين في الشمعة يعطي ضوء، وهذا ما يدل على التفاعل بين مادة البارافين والأكسجين مؤدياً إلى انبعاث طاقة ضوئية.
- الطاقة الكهربائية التي تنتجها البطارية هي أيضاً مؤشر على حدوث تفاعل كيميائي في البطارية يؤدي إلى انبعاث هذه الطاقة الكهربائية.
عناصر التفاعل:
هذه العناصر هي المواد التي تساهم والتي تنتج عن التفاعل الكيميائي وعليه تتوزع إلى مجموعتين:
١. المواد المتفاعلة.
٢. المواد الناتجة.
المادة المتفاعلة هي المادة التي تفاعلت أي التي كانت موجودة في بداية التفاعل.
أما المادة الناتجة فهي المادة الجديدة التي نتجت أي التي حصلنا عليها نتيجةً للتفاعل.
من المهم التنويه إلى أن المادة المتفاعلة ممكن أن تكون عبارة عن مادة واحدة تحللت أو تفككت؛
(A —-> B + C)
وممكن أن يكون هناك مادتين متفاعلتين أي مادتين تفاعلتا معاً؛
(A + B —-> C+ D)
كذلك الناتج، يمكن أن يكون مادة واحدة عندما يتشكل نتيجة اتحاد أو اندماج بين متفاعلين؛
(A + B —-> C)
أو يكون مادتين وأكثر بعض الأحيان؛
(A + B —-> C + D + E)
عدد المواد المتفاعلة والناتجة تحدده أنماط التفاعلات الكيميائية.
المعادلة الكيميائية للتفاعل:
في معادلة التفاعل يتم كتابة المواد المتفاعلة قبل السهم أما المواد الناتجة عن التفاعل فتُكتب بعد السهم.
لتصبح كتابة المعادلة الكيميائية للتفاعل على الشكل التالي:
متفاعل1 + متفاعل 2 ——> ناتج 1 + ناتج 2
دون أن ننسى أنه من الممكن أن يكون المتفاعل عبارة عن مادة واحدة أو اثنتين أو أكثر، كذلك الأمر بالنسبة للناتج.
مثال1:
نكتب معادلة احتراق البنزين مثلًا كالتالي:
بنزين + أكسجين ——> ثاني أكسيد الكربون + بخار الماء
(في هذا التفاعل؛ المواد المتفاعلة هي البنزين والأكسجين أما المواد الناتجة فهي غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء)
مثال2:
تفكك الماء إلى أكسجين وهيدروجين يكتب كما يلي:
ماء ——> أكسجين + هيدروجين
( بهذه الحالة؛ الماء هو المادة المتفاعلة الوحيدة إذ أنه يتحلل أي يتفكك أما المواد الناتجة فهي الأكسجين والهيدروجين).
مثال3:
احتراق الكربون بوجود الأكسجين ينتج عنه غاز ثاني أكسيد الكربون وتُكتب المعادلة كما يلي:
كربون + أكسجين ——> ثاني أكسيد الكربون
(هنا نلاحظ وجود مادتين متفاعلتين، الكربون والأكسجين، ومادة ناتجة واحدة هي ثاني أكسيد الكربون).
معدل التفاعلات الكيميائية:
إن معدل التفاعل يحدده تغير كمية المواد المتفاعلة أو المواد الناتجة مع الوقت.
لتقريب الصورة لاحظ المثالين التاليين:
مثال1: إذا قمنا بوضع قرص من فيتامين C في الماء البارد وقرص آخر في الماء الساخن، نلاحظ أن سرعة اختفاء القرص أكبر في الماء الساخن. وعليه فإن معدل هذا التفاعل يكون أكبر على حرارة أعلى.
مثال2: عند استعمال الخميرة نلاحظ الانتفاخ بطريقة أسرع من عدم استعمالها، والانتفاخ يدل على كمية غاز ناتجة أكبر عند إضافة الخميرة. بالتالي معدل هذا التفاعل يكون أعلى في حال استعمال الخميرة.
ذكرنا هنا أهم عاملين مساهمين في زيادة معدل التفاعلات إجمالاً وهما الحرارة والأنزيمات، لكن عوامل أخرى لها دور أيضاً في معدل التفاعلات الكيميائية.
تجدر الإشارة إلى أن معدل التفاعل يختلف نسبياً بين تفاعل وآخر؛
- فهناك تفاعلات سريعة جداً أبرزها الانفجارات مثل: انفجار الديناميت أو انفجار غاز الهيدروجين مثلاً والتي تحتاج أجزاء من الثواني.
- وهناك التفاعلات السريعة مثل: احتراق المازوت والبنزين وغيرها وهي تتطلب بعض الثواني إجمالاً.
- التفاعلات البطيئة تحتاج لأيام كتشكّل الصدأ على مسمار من الحديد.
- أما التفاعلات البطيئة جداً فمن الممكن أن تمتد لسنوات مثل: تحلل بعض المواد الكيميائية، البلاستيك مثلاً يحتاج لأكثر من 400 سنة ليتحلل.
يبقى هذا التوزيع لمعدل التفاعل نسبياً، يعتمد على المقارنة وليس الحصر.
أمثلة تفاعلات من حولنا:
الكثير من الظواهر التي نراها حولنا تكون التفاعلات الكيميائية هي مصدرها فهل تعلم أن:
- اصفرار أوراق الشجر في الخريف هو ناتج عن تفاعل كيميائي في الورقة.
- الصواعد والهوابط في المغارات هي عبارة عن تفاعلات كيميائية حمضية- قاعدية.
- انتفاخ المعجنات والكعك عند إضافة بيكاربونات الصوديوم ناتج عن تفاعل كيميائي يتمثل بتفكك البيكربونات بسبب الحرارة إلى غاز ثاني أكسيد الكربون المسؤول عن الانتفاخ مع نواتج أخرى.
- المواد الكلسية المترسبة على مختلف الأوعية والأمكنة ممكن إزالتها باستخدام الخل. حيث تتفاعل المادة الحمضية مع الكلس المترسب ما يؤدي إلى إزالته والتخلص منه.
تفسر التفاعلات الكيميائية مختلف الظواهر التي نشاهدها من حولنا، ويتشعب الحديث عنها كلما تعمقنا أكثر، وكلما رغبنا بتفسير أوضح لما نراه ونشاهده.
اقرأ أيضًا:
أهمية دراسة علم الكيمياء للإنسان