ملح وغراب
ولج الكهف مع الوالجين
فناموا إلى ما شاء الله
استيقظوا واستيقظ
خرجوا ولم يخرجْ..
أيها المنتظِر المنتظَر
الساكنُ الكهف
المسكونُ بالكهف
لماذا خالفت المواعيد
وخيبت الانتظارات؟
هل خُنت رفاقك
أم هم الخائنون؟
أهلك وأقاربك وكل معارفك
في شوق وترقب
منذ أمد بعيد
أتعبتْ قوافلَ انتظارهم
رحلاتُ الصيف والشتاء..
وفي أحاجيهن للأطفال
ربطتْك الجداتُ بالملح والغراب
كبُر الأطفال
وكبر السؤال عنك
أزهر الملح في الحقول
وشاب الغراب
حدثتِ “المعجزة” ولم تأتِ؟
إلى متى الانتظار؟
انتظرتك بصبر أيوب
بتحمل “سيزيف”
لتخرج من جديد
مع السالمين
من سفينة نوح
بيدك عصا موسى
أو بإصبعك خاتم سليمان
فلم تأتِ أبداً..
أيها الأمل التيه الضياع
أيها الحلم الكابوس
أيها المجهول المجهول
إن المستضعفين والمظلومين
بين النيران المتأججة ينتظرون
بين البحار المتعاقبة يستنجدون
فهذه تقذفهم قذفاً
وتلك تلْتهمهم التهاماً
فإلى متى الانتظار؟
من قال بعذابنا في الدنيا؟
نارٌ سقر
بالليل والنهار
في كل الفصول
لا برداً فيها ولا سلاماً
تكوي جلودنا
دون هوادة أو تُؤدة
وكلما نضجتْ واحدة
استبدلناها أخرى
فمن قال بعذابنا
بجهنم في الدنيا؟
ومن قال
إنا استملحناها طوعاُ
أو ارتضيناها قدراً؟
أحلامي وعبار جزيرة “الوقواق”
آمالي روافدها نضبت
وحبالها اهترأت
وعبء حملها يثبطني
فوق كاهلي
مثلما صخرة “سيزيف”..
وأحلامي أخرستِ الأطباء
صمّتِ النفسانيين منهم
فبادر الوعاظ بالقول:
لَكمْ نصحناك..
وقلةٌ من ذوي الشطحات قالتْ:
عليك بجزيرة “الوقواق”
بها شخص عنده ضالتك..
عبّار للأحلام
قد أوتي من فضل الله
علم “يوسف”
لكن الجزيرة
وراء بحارٍ وضبابٍ
والقوارب أحرقها “طارق”
والخرائط المتبقية
إما مضللة أو ملغومة
وما لي سلطة أو سلطان
بهما أقوى
على عفريت سليمان
فآمره بإحضار العبار
فالبلاد والعباد في الجزيرة
حصن منيع
منطقة محظورة
لا يخترقها
مارد أو عفريت
سماؤها نجومٌ عسس
لا تتقاعس أو تتناعس
فيها حاكم من آل “العزيز”
لا يسلم العبار
المقرب الأمين
ولو نازعتْه كل القوى
الظاهرة والخفية
سيقاومها ولن يساوم
للحاكم مع العبار صولة وشأن.
جمال بني أقيْش
“زلزلتِ الأرض زلزالها”
ولم تقلْ ما لها؟
وما تخلص الكهف
من عبء ثقله..
“وقعتِ الواقعة”
تماديت وأصررت
وقلتَ: وقعتها كاذبة
صُرف السلام استسلاماً
وقلتَ: من يدري
وأنت تتجاهل
أن “من يدري”
سمكٌ بلا ماء
صرخةٌ في واد
ممنوع من الصرف
في كل القواميس..
أن تخرج أو لا تخرج
أو أكون أنا الخارج
هما “أمران أحلاهما مر”
فالقوم قومي
وقومك عقروا “الناقة”
باؤوا بغضب من ربهم
بعقاب عظيم
وعذاب أليم
“صم بكم عمي فهم لا يفقهون”
“ضرب عليهم العنكبوت بنسجه”
“في الحضيض الأسفل”
وقعوا في شرك “حيص بيص”
فتفرقوا “شذر مذر”
ما زالوا في لغات “خاز باز”
يعربون ويتناقرون..
صالح أو طالح
لا فرق..
فالقوم قومي وقومك
أعجب من هذه الجمال
في قول الشاعر العربي:
كأنك من جمال بني أقيْش .. يقعقع بين رجليها بشنّ.
اقرأ أيضًا:
غزوة أحد دروس وعبر.. قصيدة شعرية من تأليف محمد يوسف محمد المحمودي
قصيدة تستغرق كتابتها عشر سنوات