تختلف أسباب الخوف من الموت فبما أن حب الحياة والتعلق بها لما تحويه من حب وعواطف ولذات ومغريات مادية ملموسة أمر طبيعي وفطري موجود داخل كل إنسان، فإن الأمر الطبيعي أيضًا هو الخوف من فقدان هذه الخصائص التي تنتهي بشكل نهائي بمجرد دخول الإنسان في مرحلة الموت.
وحتى نحيط بالأسباب التي تجعل الإنسان يخاف الموت ضمن النطاق الطبيعي أو يبالغ بالخوف منه لدرجة الوسواس المخالف للمألوف، لا بد لنا أن نتعرف على هذا المصطلح الذي يدرك حقيقته كل إنسان اكتمل وعيه موجود على سطح هذه الأرض.
ما الموت؟
الموت هو انتقال الإنسان من عالم الحياة الدنيا المؤقتة إلى عالم البرزخ، والذي يكون بانفصال الروح عن الجسد، حيث يعتبر عالم البرزخ الزمن أو المدة التي يقضيها الإنسان وحيدًا في قبره إلى يوم القيامة، أي أن البرزخ هو الحاجز بين عالم الحياة الدنيا وعالم الآخرة.
أما الروح التي تنفصل عن الجسد، والتي تعني موت وفناء الإنسان، يبقى مصيرها وعلمها عند الله تعالى، فهي سر من أسراره التي لم يطلع عليها أحدًا من البشر.
فالموت هو الحقيقة الخالدة المجهولة التوقيت، والتي يدرك الناس جميعًا باختلاف أعراقهم وألوانهم أنها قادمة لا محالة، وفي لحظة لا يمكن لأحد أن يتوقعها.
ومع ذلك فإن مسألة الخوف من الموت تنقسم إلى قسمين:
- الخوف الفطري.
- الخوف المرضي.
أولًا: الخوف الفطري
لا شك أن الخوف هو أمر طبيعي وفطري موجود في الإنسان، ومع ذلك فإن هناك عدة أسباب تجعل الإنسان يتملكه هذا الخوف، وذلك لوجود عدة أسباب:
1 – حب الحياة:
فالإنسان الذي يعيش في هذه الحياة الدنيا ويسعى فيها للعمل والكسب والوصول لأعلى المراتب، ويشقى ويتعب لجني المال والاستمتاع بما تحويه من لذات ورغبات تدخل المتعة والسرور إلى نفسه، يخشى عليها من الزوال أو الفقدان أو الانفصال عنها.
2- الحب والعاطفة:
حب الإنسان لأهله وعائلته ولأصحابه، والخشية من فقدانهم، والخشية من الألم الذي سوف يرافق ذلك، يجعل الإنسان يخاف من الموت.
3- الخوف مما قد يحصل لأسرته وأحبائه من بعده.
4- التوقيت المجهول:
فساعة الموت وتوقيته لا يعلم زمانه ومكانه إلا الله، ولا يمكن لأحد من البشر معرفته أو الاطلاع عليه.
ثانيًا: الخوف المرضي
تعتبر هذه المرحلة مرحلة خطيرة تدخل الإنسان بنوع من فوبيا الموت، حيث يدخل في حالة مرضية ووسواس قهري يؤثر على تفكيره وعلى حياته العملية والاجتماعية.
أسبابه
1 – الرفض
هو عدم القبول بفكرة أن الحياة الدنيا هي مرحلة مؤقتة وستنتهي في أي لحظة، والرفض وعدم القبول يؤدي للتركيز على ما يرفضه ويخافه، وذلك يعني مزيدًا من الخوف والألم الذي يؤدي إلى الاكتئاب ومن ثم إلى حالة نفسية مرضية تسيطر على عقل الإنسان.
لذلك فإنه من الأهمية بمكان الإيمان بالقضاء والقدر خير وشره، والإدراك بأن هذه الحياة الدنيا دار امتحان واختبار ومرحلة مؤقتة، إما أن تفوز فيها فتنجو، أو تخسر فتسقط في الهاوية.
2 – فقدان السيطرة على النفس
يكون ذلك بسبب الانهيار الذي ربما قد يحصل بفقدان أحد الأحبة التي ربما تربط أحدهم به علاقة عميقة وشديدة، ويكون ذلك الشخص ضعيفًا نفسيًا وضعيف الإيمان.
3 – صورة أو فكرة عالقة في الذهن منذ الطفولة عن أحداث تتعلق بالموت، مما يجعل الإنسان يمر بقلق دائم من هذه المسألة ما لم يتخلص منها.
4 – الضعف النفسي والفكري يجعل من الإنسان أداة سهلة للسقوط في مستنقع الخوف والوسواس والاكتئاب.
5 _ الأفكار السلبية والشيطانية التي تسيطر على الإنسان بسبب قلة المعرفة والإيمان اليقيني بالله تعالى.
لذلك فإن كل هذه الأسباب تدفعنا لأن ندرك بشكل أعمق وبإيمان أكبر بأن الحياة هي مرحلة مؤقتة لا بد إلا وان تنتهي، وأن الإنسان خليفة الله على أرضه وأمره إلى الله، وهو مأمور بأن يعمر الأرض إلى آخر ساعة من حياته وإلى أن يأتيه الموت في اللحظة التي لا يعلمها إلا الله.
وأن نحب الموت كما نحب الحياة؛ لأننا في النهاية ننتقل من مرحلة إلى مرحلة، وخصوصًا أن الموت هو الحقيقة الخالدة التي يدرك الجميع أنه لا بد منها.
اقرأ أيضًا:
الموت هادم اللذات!.. الوجه الآخر من المشهد