حروب فيروسية
يستعد الفيروس لمداهمة جسم رامي الذي يشرب سيجارته بهدوء تام، يحشد الفيروس جيشه ويخطط للدخول في جسمه.
صاح القائد كوفيد:
استعدوا أيتها الفيروسات القوية، اليوم يومنا لنشن الهجوم على هذا العالم الفاسد الرديء، سنهلك أجسامًا لا فائدة منها في هذه الحياة، كأمثال رامي هذا وغيره.
فصاحت الفيروسات بهتافات عظيمة: كوفيد كوفيد كوفيد.
والآن، ذهب القائد كوفيد وأخذ معه ستة من أقوى رجاله وقال لهم:
اسمعوا أيها الأقوياء سننتظر ريثما يخرج الدخان من فمه وندخل سويًا إلى حلقه المعتوه هل تفهمون؟
فأجابوا بحماس وعزيمة: نعم.
أطلق الرجل من فمه دخانًا كريهًا، فتسللت الفيروسات بحذر وتخطت أول مراحلها في دخول جسم رامي وتشبثت في منطقة الحلق، لكن لسوء الحظ نفدت سيجارة رامي فلم تستطع الفيروسات الذهاب نحو الرئتين.
أخذ رامي كأس ماء وشربه كله، فتشبثت الفيروسات أكثر فهي لا تريد الذهاب إلى المعدة لأن المعدة تقضي عليهم فور نزولهم فيها.
وبعد مرور نصف ساعة، سئمت الفيروسات من الانتظار فهي عالقة الآن في الحلق وتود الذهاب إلى الرئتين، فانتظرت، حتى أشعل رامي سيجارته الثانية، ففرحت الفيروسات بذلك، حتى أخذ رامي نفسًا عميقًا ملأ فمه دخانًا، وراح يجري إلى رئتيه المسكينتين، فصاح القائد كوفيد حينها: الآن يا أقوياء، وذهبت الفيروسات نحو الخلايا الهدبية.
حصن القائد كوفيد عناصره واستعدوا للهجوم فستكون ملاحم طاحنة في هذه المرحلة.
سمعت الخلايا الهدبية بمداهمة الفيروس لهم، فأعدوا العدة وتجهزوا للدفاع عن جسم صاحبهم، وتعاونوا مع الجهاز المناعي الذي سيحاول أيضًا ردعهم، مع أن الرجل يعرضهم للدخان دائمًا ولكن ليس للخلايا الهدبية مكانًا تسكن فيه إلا هنا في مدينة الرئتين.
نيران الحرب
اشتعلت نيران الحرب، شن كورونا غارات عدة من القذائف الفيروسية على الخلايا الهدبية فسعل الرجل أربع سعلات متتالية، ومن ثم حاولت الخلايا الهدبية صد القائد كوفيد فلم تقدر لشراسة رجاله وإرادتهم تعريض هذا الجسم للفيروس.
سقطت منطقة الخلايا الهدبية تحت أقدام كوفيد، فأحس رامي بضيق تنفس واضطر الذهاب إلى المستشفى حتى يرى ما يحصل له، وعندما وصل لم يعرف الأطباء ما حلّ به إلا أنهم وضعوا له جهاز تنفس اصطناعي حتى يساعده في التنفس.
والآن يستريح القائد مع عناصره في مدينة الرئتين إلا أن يصلهم مدد من مساعده إنفلونزا فجاءه عشرة من رجاله المحنكين، فقال القائد كوفيد في همس سمعه الجنود:
انتظرينا أيتها الكبد، فإننا قادمون إليك بجنود أشداء لا يعرفون الخوف ولا التراجع.
وبعد مرور يوم من حالة رامي الصعبة، زادت حال رامي سوءاً، فقد أخذ القائد كوفيد جيشه نحو الكبد، أدركت السيتوكينات ذلك، فقرعت طبول الحرب لتعلم الكبد أن الخطر قادم لا محالة.
اقترب الفيروس من الكبد فتوزع الفصيل، فذهب بعض من الفصيل إلى الأنسجة السليمة حتى يهدم بيوتها ويشرد أهلها، دخل القائد كوفيد وبعث رسالة إلى حاكم مدينة الكبد بأن يُسَلِّموا أنفسهم أو يقاتلوا فيقتلوا، فضعف الحاكم لكلامه وأحس أنها ستراق دماء كثيرة، ففسح للقائد كوفيد المكان ودخلها.
أشار إلى أحد الجنود بالارتقاء إلى أعلى برج ونصب العلم الأخضر هناك، ففعل ذلك ورفرف العلم في مدينة الكبد، بينما كان رامي يزداد سوءًا بدخول الوباء إلى الكبد، أسرع الأطباء بنقله إلى العناية المشددة، حاولوا أن يعطوه المزيد من التنفس الاصطناعي ولكنه لم يجدي نفعًا، ورامي يقلُّ نفسه رويدًا رويدًا.
توزعت الفيروسات في دمائه وجسده بالكامل، فتوقف قلبه عن العمل، حاول الأطباء أن ينعشوه بجهاز (الإنعاش) ولكنهم سمعوا صوت طنين من الجهاز يقول لهم بأن رامي قد مات.
للمزيد:
قصة دانة راشد من مجموعتي القصصية “حديث النخيل”