لقد إستعاد نفسه قصة قصيرة عن تحدي الذات
حاول جاهدا أن يتماسك ولم يكن بيده أي حيلة أخرى..تلقى الخبر كالصدمة..إنهم يراهنون على حياته..غدروا به وباعوه كسلعة ثمن وفائه لهم..تلك اللحظة ستكون الفصل الحاسم لتفصل ذاته عن ذاته..اما ان يتحرر فقيرا ..أو يعيش كالعبد غنيا..فأيهما سيختار حريته و كرامته..أم المال والرفاهية؟؟
صمت لبرهة ..طنت في أذنيه بقوة ..وبدأت ترتسم شفتاها في مخيلته ونظراتها المغرورة اللئيمة وهي تقول له: ( أنت مطرود).
في كل منا شيء غريب يحاول اخراجه من نفسه جاهدا لكنه لا يستطيع..ربما بعض الكلمات العالقة في القلب..المترددة على اطراف اللسان تكون بمثابة تحدي لنا بين نفسنا وإثبات وجودنا.بدأ يشعر أن الكلمات تنزلق من فمه..لتخرج تعبر عما في قلبه ..لكنه لم يجد نفسه إلا ان لسانه خذله وشفتيه خذلتاه فهي لا تزال صامتة..والدموع لازالت في عينيه تنسكب بصمت وهدوء..
مسك قبضة الباب ليفتحه..ويخرج لينفجر ببكاءه ويتكلم بكل مافي قلبه.
الكلام يريد أن يخرج ويمنعه..شعر بنفسه أن يجب عليه ان يصرخ لمن يسمعه..لكن يديه تراخت على مقبض الباب..واصابه شعور غريب ..صوت يقول في داخله لا تخنع ولا تستسلم..يجب ان تواجه نفسك بنفسك..وقال في نجواه..إلى متى أهرب من ذاتي لذاتي..
أدار ظهره..ونظر إلى عينيها بنظرة خاطفة قوية مليئة بالتحدي ..حدق بها مليا دون أن ينبس بكلمة واحدة..
كانت نظراته مختلفة هذه المرة..لم تكن نظرات الضعف والاستعطاف والذل ..التي تطلب المغفرة والسماح..بل كانت نظرات التحدي التي تقول صارخة أنا هنا ولاركوع بعد اليوم.
انا هنا ولدت من جديد وليد هذه اللحظات لأكون إنسانا آخر..ولن أقبل أبدا أن اعود عبدا ذليلا..أنا موجود فاحذروا مني.
لاول مرة شعرت بخوف ورهبة منه ..وشعرت أنه وحش يريد أن ينقض عليها لينتقم أشد إنتقام.
لقد إستعاد نفسه
بدأت تخاف منه..فقد اعتادت عليه خافض الرأس ..ذليلا مطيعا ..لكنه لأول مرة نهض من جديد واستيقظ من غفوته وفضل كرامته عن المال .. لقد إستعاد نفسه شعر بقيمة نفسه لاول مرة منذ سنين حين بدأت تخاف منه ..لأول مرة يحدق بوجهها بكل هذا التحدي..فما عاد لديه شيء يخسره والإنسان حين يحارب وليس لديه شيء يخسره لن يخيفه شيء إطلاقا..
اقترب منها بصمت وسار ببطء وهو لايرفع نظره عن عينيها..نظر مليا لعينيها الخائفة..بدأ يتقدم خطوة خطوة ببطء نحوها وهي تتراجع خطوة خطوة ورجليها ترتجف ويديها ترتعد..صرخت ..ماذا ستفعل ايها المجنون؟
أجابها بسخرية..سأفعل ما كان علي أن أفعله منذ زمن بعيد..
تناول سكينا وهجم عليها فصرخت خائفة ساعدوني ساعدوني …
باغتت الطفلة الصغيرة مدخله وقالت لست انت من تفعل ذلك..وليس من حقك أن تحرمني طفولتي لتنتقم من امي..صدمته كلمات الطفلة البريئة ..عادت يديه ترتجف وسقطت السكين منها ..بكا من جديد ..لكنه استعاد قواه ومسح دموعه واشار باصبعه اليها مهددا بسبابته ..
اياكي..اياكي..ان تظني أن الماضي معي سيعود يوما..صار لحمي مرا فاحذري مني..
اغلق الباب بغضب وخرج..وصل بيته وقال لصديقه ارسل لها طلب استقالة ثم اغلق النعاس عينيه وسقط نائما.