أول نفس وحياة جديدة تكتب على كل روح لحظة ولادتها , تبدأ رواية جديدة عنوانها أنت و تنتهي بفنائك أنت. لعل تلك الدموع التي تبكيها لحظة ولادتك هي دموع تهليل و فرحة بك ؛ وتبدأ بطولتك الآن.
لحظة تتبعها التالية ؛ و دقيقة تتبعها ساعات و ورائها أيام وليالي, لحظة غضب و الأخرى السعيدة.. نحن كبشر متقلبون و متأرجحون ككفتي الميزان؛ تارة نكون على مايرام و تارة أخرى أشبه بشعلة أوقدها كبريت تائه يبحث عن لهب يتغذى من ثورانه ( ثوران نفسك على نفسك) .
كم هي غريبة هذه الحياة و الأكثر غرابة هي نحن ؛غريبة هي معتقداتنا و طريقة تفكيرنا و أسبابنا ولعلنا أكثر غرابة عندما نفرض أحكاما على أنفسنا و نحاسب أنفسنا على مخالفتها و هي بالأصل مجرد قيود وضعناها على عاتقنا ليس لها جدوى في حياتنا سوى إرهاقنا ووضعنا في مواقف يرثى لها؛ يستجوب الشفقة على أنفسنا , نعم نحن من نتسبب بكل ما هو مثير للشفقة و السخرية لأنفسنا فنحن من نعليها شأناً ونحن من نزجها في أعماق الأراضين السبعة.
لحظاتٌُ سعيدة أهلاً بها و الأخرى التعيسة سحقاً لها ؛ متمردون نحن ؛ على أنفسنا و على أقدارنا و التي يستوجب علينا مهما جرى ان نبقى على يقين و إيمان أن كل ما يحصل لشأن ؛ رغم أن معذبي أنفسهم لا يستفيقون ولو أمضوا على هاذا النحو دهراً كاملاً.
عقلٌ يتحكم و قلبٌ مُتحكم وهل هناك سبيل للتفرقة ؛ عقلٌ عاصٍ و قلبٍ حنون و هل يجتمع الخبيث و الطيب كمثلِ هذا التعبير ؛ يُقال أن القلب أبلى و يدهور الإنسان و أن العقل أسمى وأحكم بنا! أتراهم على حق أم أنها مجرد ترهات ؛ أودعت بالقلب المظلوم سجيناً رهن أعتقال أساليبهم الغبية و لومهم المعتاد على أن ما جرى لهم من سوء هو بسبب طيبِ قلوبهم ؛ و ما يجهلوه ربما أن مسبب عنائهم هو المدبر المنفذ ذاك العقل الجاهل ومفتعل المشاكل بأمتياز.
ألم أقل لكم أننا في متاهة داخلنا؛ بيننا وبين أنفسنا قبل أن ندرك أننا نعيش في متاهة الحياة ؛ نستفيق على أمل يوم جديد جيد ولربما قد يعوض عن أيام مضت كانت رفيقتها الدموع و الأخرى الأبتسامة ؛ و لعل حقيقة الإنسان مجهولة ولا يعلمها أحد سوى خالقها , وكلُ ما نتحدثهُ الآن هو مجرد رواية من روايات أحد الأشخاص و أمثالهُ الكُثر المتواجدون على هذه الحياة.