هل أنظمة الحكم الفردية قادرة بشكل أفضل على تقوية دعائم الدولة ؟
الطريقة : جدلية .
طرح المشكلة:
ما هو متعارف عليه أن الدولة بأنها كيان السياسي و الاجتماعي يمثله مجموعة من الأفراد التابعين لهيئة منظمة تهتم بشؤونهم وفقًا للقوانين. يحتلون فيها منطقة جغرافية بحدود معروفة . وهي مصدر السلطة والسيادة داخل المجتمع وخارجه. لذلك فالسلطة من أركان الدولة المهمة. ومع ذلك ، يختلف الفلاسفة والمفكرون حول طبيعة الدولة. السلطة والأسلوب الذي يجب أن يحكم الدولة أولئك الذين يعتقدون أن أنظمة الحكومة الجماعية هي التي تحافظ على الدولة وبقائها ، ومن ثم فإننا نطرح الاشكال التالي : هل الأنظمة الفردية للحكومة قادرة على الحفاظ على كيان الدولة بشكل أفضل؟ .. أو بعبارة أخرى ، أيهما أفضل لسياسة الحكم هل هي الأنظمة الفردية أم الأنظمة الجماعية ؟
محاوله حل المشكلة:
الموقف الأول :
يعتبر الإتجاه الأول أن الأنظمة الفردية للحكم هي الأفضل في تقوية خصائص الدولة والحفاظ على ركائزها . ويتم تمثيل هذه الأنظمة في كل من الملكية المطلقة والحكم الاستبدادي أو الديكتاتوري. يأخذ القائد الحكم بالقوة ويفرض سلطته بالقوة . لأنه لا يوجد اعتراف بالدساتير والقوانين . ولا يوجد إيمان بالتعددية الحزبية ، ولا يوجد فصل بين السلطات ، ولا يتم استشارة القائدمن قبل رعيته .
ويتسم هذا النظام الأخير بالقسوة والقوة. يقول مكيافيلي: “الغاية تبرر الوسيلة”. لأن الحاكم يمنع كل الحريات والتمسك بالسلطة. وهذا النوع من الحكومات هو الأكثر قدرة لأنه يقضي على الفتن و الإنقسامات. و ما ذهب اليه توماس هوبز في هذا الإتجاه حيث يقول : ” الإنسان ذئب لأخيه الإنسان ” أي أن طبيعة هذا الإنسان تقوم داءما على الشر فمن الممكن ان تكون هناك سلطة مطلقة لردعه . وهذا ما رأيناه في الفلسفة النازية مع هتلر و الفلسفة الفاشية مع الإيطالي مورسليني .
نقد و تقييم الموقف الأول : رغم كل هذا فإن هذا النوع من الحكم يؤدي إلى اضطرابات وفوضى ومشاكل بسبب القمع المعتاد ، ومعظم الدول التي طبقت هذا النوع من الحكم محكوم عليها بالزوال بسبب انعدام العدالة.
الموقف الثاني :
من ناحية أخرى ، يرى الموقف المعاكس أن أنظمة الحكم الجماعية الممثلة في حكم الشعب أو فيما يسمى بالديمقراطية هي الأكثر قدرة على تعزيز خصائص الدولة ، لأن الناس هم الذين يختارون من سيحكمهم. . لأن هذا النوع من النظام يقوم على أساس فصل السلطات عن بعضها البعض ــ السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية و السلطة القضائية ــ وكذلك احترام حقوق الإنسان ، ويقوم على الانتخابات المباشرة وكذلك الانتخابات المباشرة. وكذلك الديمقراطية المباشرة التي حدثت في اليونان أو من خلال ممثلي الشعب المنتخب من قبل الشعب بمحض إرادته ، و تقوم الديمقراطية على الشفافية .
يقول جون جاك روسو: “إن تأسيس الحكومة ليس عقدًا بل قانونًا . وأولئك الذين أوكلت إليهم السلطة التنفيذية ليسوا أسياد الشعب بل خدمهم . ويمكن للناس إحضارهم أو إزالتهم..” و المعارضة والتعبير والملكية والحريات الأخرى، يقول هنري ميشيل : “الهدف الأول للديمقراطية هو الحرية”. كما نجد الاشتراكية الديموقراطية أو الاشتراكية التي دعت إلى العدالة الاجتماعية بدلاً من الحريات السياسية مثل المساواة وتكافؤ الفرص ونبذ الاستغلال.
نقد و تقييم الموقف الثاني: صحيح أن قيم الديمقراطية رائعة ، لكن الواقع يثبت أن الديمقراطية أصبحت شعارًا وأداة للوصول إلى السلطة ، حتى الديمقراطية المباشرة في اليونان استبعدت فئات من الناس مثل العبيد والمواطنين دون سن العشرين. وأولئك الذين لم تكن والدتهم من الأثينيين ، وأهملت الديمقراطية السياسية و العدالة الاجتماعية ، بينما أهملت الديمقراطية الاشتراكية الحريات السياسية و الحريات الفكرية .
تجـــاوز :
ملاحظة هامة : في هذه الحالة نستعين بالتجاوز و ليس التركيب ؛ لأننا سنتجاوز الموقفين بموقف ثالث الذي هو الموقف الإسلامي ..
وبعد عرض الموقفين المتعارضين ــ الفردي و الجماعي ــ نجد أن أفضل طريقة للحكم هي طريقة النظام الإرشاد الإسلامي الذي يشمل جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ـ شورى الله تعالى الذي يقول : ” و شاورهم في الأمر” ، وقال: “و أمرهم شورى بينهم ” ، وهكذا فإن الشورى من الأنظمة التي تسمح للناس بالمشاركة في الشؤون الحكومية .. و كــرأي شخصي ، أفضل النظام الجماعي القائم على سياسة الشورى كما جاء بها الإسلام الحنيف .
حل المشكلة:
وفي النهاية نختتم بالقول أن قيام الدولة وأساس بقائها لا يمكن تحقيقهما إلا بضمان الحريات بكافة أنواعها ومشاركة الشعب في إدارة شؤونها. وهكذا فإن الحكومة الجماعية هي الأقدر على تعزيز خصائص الدولة و تقويتها ، ولعل نجاح نظام الشورى الإسلامي هو أهم دليل على ذلك.
إقرأ أيضاً:
مفهوم الحقيقة عند فلاسفة اليونان
مقال فلسفي حول العدالة بين التفاوت و المساواة
تحليل نص مقال فلسفي : قيمة الفلسفة لرينيه ديكارت