كثر الحديث هذه الأيام عن الأورام الحميدة والخبيثة وانتشارها، ولم يعد الحديث حكرًا على أهل العلم والأطباء وحدهم، بل شاركهم العامة وغير المتخصصين مما أدى إلى اختلاط الحقائق بالاجتهادات الشخصية وأحيانًا بالشائعات، ونحاول من خلال هذا الكتاب المساهمة في توضيح الرؤية ووضع النقط على الحروف، بالإضافة إلى اللقاء الضوء على بعض ما كشفته الأبحاث الحديثة في هذا المجال.
بداية فإن الورم هو نمو غير طبيعي لخلايا عضو من أعضاء الجسم، وقد يكون هذا النمو محدودًا فيسمى الورم حميدًا، أو يكون تكاثر الخلايا غير محدود وينتشر إلى ما حوله بل ويتعدى ذلك إلى الانتشار في باقي أعضاء الجسم فيسمى الورم خبيثًا.
وعلى عكس المعروف، فليس هناك سن معين لحدوث الأورام الحميدة والخبيثة، بل هناك فترة عمرية يزيد فيها حدوث بعض أنواع الأورام ويقل فيها حدوث الأنواع الأخرى، وذلك بدءًا بالطفولة المبكرة حتى الشيخوخة المتأخرة.
ونوضح هنا أن خطورة الورم لا تتوقف فقط على كونه حميدًا أو خبيثًا ولا على حجمه لكنها مجموعة من العوامل التي تحدد -مجتمعة- خطورة الورم والحاجة لعلاجه، ومثال ذلك فإن ورمًا حميدًا في حجم حبة الحمص يصيب الدماغ سوف يسبب أعراضًا أكثر عشرات المرات من ورم خبيث يصيب الغدد الليمفاوية مثلًا.
كما أن بعض الأورام تكشف عن نفسها مبكرًا، مثل أورام المثانة البولية فيسهل علاجها في مراحلها الأولية، بينما بعض أورام المبيض تظل مستترة حتى تصل إلى مرحلة الانتشار دون أعراض تذكر، ولذلك يتم اكتشافها في مرحلة متأخرة ويكون علاجها أصعب.
لماذا أصبحنا نسمع عن أنواع جديدة من الأورام يومًا بعد الآخر؟ ولماذا زاد انتشارها؟
والسؤال الذي يطرحه الكثيرون هو لماذا أصبحنا نسمع عن أنواع جديدة من الأورام يومًا بعد الآخر ولماذا زاد انتشارها عن ذي قبل؟ ونبين هنا أن هتاك ثلاثة أنواع من الزيادة: نسبية وظاهرية و حقيقية.
الزيادة النسبية
هي التي تنتج عن زيادة تعداد السكان، فإذا فرضنا مثلًا أن الأورام تصيب 0.1% من السكان فحين يكون التعداد 10 مليون سيكون عدد المصابين 10000 بينما سيتضاعف هذا العدد حين يصبح تعداد السكان 20 مليون.
الزيادة الظاهرية
أما الزيادة الظاهرية فهي نتيجة القدرة على تشخيص هذه الأورام باستخدام الوسائل الحديثة في التشخيص كأجهزة الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي، بالإضافة إلى التوسع في استخدام المناظير وابتكار أنواع عالية التقنية من التحاليل الطبية ودلالات الأورام.
الزيادة الحقيقية
نأتي إلى الزيادة الحقيقية وتعني أن هناك ازدياد في معدل الإصابة بالأورام نتيجة لحدوث تغيرات بيئية أو سلوكية في المجتمع. فقد وجد أن تلوث الهواء بعوادم السيارات والمصانع بالإضافة لعادة التدخين يتسبب في أورام الرئتين، والإصابة بفيروسات الكبد تزيد نسبة حدوث أورام الكبد وتزداد أورام القناة الهضمية في المجتمعات التي يكثر فيها تناول اللحوم والوجبات الجاهزة.
كما وجد أنه في بعض الدول التي يحدث فيها خلط أعلاف الدواجن بأنواع من الهرمونات بغرض إسراع النمو وزيادة الوزن فإن مداومة تناول هذه الأطعمة يؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة ببعض أورام الثدي والرحم.

الأورام الحميدة والخبيثة
وحتى نستكمل الصورة فإن الأبحاث الحديثة قد أثبتت وجود قابلية وراثية عند بعض الأشخاص للإصابة بأنواع معينة من الأورام. ويمكن تحديد هذا الاستعداد الوراثي عن طريق عمل أنواع من التحاليل الجينية، كما أمكن حديثًا إجراء تثبيط أو استبدال لبعض العوامل الوراثية الخاصة ببعض الأورام وذلك عن طريق “العلاج الجيني”.
هل هناك علاج للأورام؟
من هذا نجد أن الإجابة على سؤال المريض وأهله عن سبب إصابته بالورم ليست بسيطة ولكن يشترك فيها كل العوامل السابقة بنسب متفاوتة من شخص لآخر، وتبقى الإجابة على السؤال الأهم: هل هناك علاج للأورام؟ وإذا كانت الإجابة نعم فما تلك العلاجات؟
للإجابة عن الجزء الأول من السؤال نقول ونؤكد: نعم نعم نعم، يوجد علاج شاف لأنواع عديدة من الأورام الحميدة والخبيثة، خاصة إذا تم تشخيصها في مراحلها المبكرة وعلى سبيل المثال فإن بعض أنواع الأورام الخبيثة للدم والغدد الليمفاوية قابلة للشفاء بنسبة 100%، كذلك المراحل المبكرة لسرطان المثانة والثدي والقولون.
أما عن نوع العلاج فيختلف باختلاف نوع الورم ومكانه ومرحلته، وعمومًا فإن نوعًا أو أكثر من ثلاثة اختيارات تساهم في علاج الأورام: العلاج الجراحي، العلاج الكيماوي العلاج الإشعاعي، بالإضافة إلى أنواع من العلاج التكميلي مثل: العلاج الهرموني، نقل النخاع، زرع الأعضاء والعلاج الجيني.
للمزيد:
علامات تدل على أن جهازك الليمفاوي خامل
علاج الأورام الليفية في الرحم بالأعشاب