كيف أعرف أن طفلي يعاني من حالة نفسية؟!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
فاطمة بَضعةٌ مني يريبُني ما رابَها، ويسوؤنِي ما ساءها.
أطفالنا هم حبات قلوبنا، وفلذات أكبادنا. وليس إنسانٌ يتمنى الخير لغيره أكثر مما يتمناه لنفسه؛ كما يتمناه الأب والأم لأبنائِهما. إن الأم – خصوصا – لتدفع عن أطفالها الألمَ والمرض ولو بكل ما تملك. لكن من المؤسف أن تكون الحال هذه؛ ثم تكون هذه الأم سببا مباشرا في إيلام أطفالها! بالتأكيد؛ إن حَدَث مثل هذا؛ فإنه لن يكون عن قَصدٍ وتَعَمُّد. لكن ينبغي الانتباه للأمر. لاسيما في عصرٍ كَثُرَت فيه الأمراض بنوعيها؛ العضويةُ والنفسية. وفي هذا المقال سوف نخص بالحديث؛ الأمراض النفسية لدى الأطفال.
وهل يَمرض الطفل نفسيا؟!
الطفل الذكر هو رجل صغير، والطفلة الأنثى إمرأة صغيرة. وما ينطبق على الكبار يسري على الصغار. وكما يمرض الصغار والكبار عُضويا؛ فالحال كذلك بالنسبة للأمراض النفسية. نعم هناك فارق في الدرجة التي يستجيب بها الأطفال للضغوط النفسية عن الكبار. لكن ذلك لا يمنع أن تنعكس بعض هذه الضغوط على الأطفال فتجعلهم يمرضون نفسيا! على سبيل المثال؛ ربما تؤدي المعاملة السيئة من قِبل الآباء لأبنائهم إلى الانطوائية. أو الرهاب الاجتماعي، أو الاكتئاب.. إلى غير ذلك.
صعوبة التعرف على إصابة الطفل بحالة نفسية:
- المشكلة أن تشخيص المرض النفسي لدى الأطفال ليس بالشيء اليسير. هو كذلك بالنسبة للكبار أيضا! فما بالك بطفل لا يستطيع التعبيرَ عن نفسه إلا بشق النفس؟!
- ثم إن الأعراض التي يبديها الطفل قد تتشابه مع أعراضٍ لحالات عضوية لا نفسية. فكما سنرى لاحقا؛ يعدَّ فقدان الشهية مثلا أحدَ هذه الأعراض! فلا غَروَ ألا تنتبه له الأم أصلا!
- انشغال الآباء عن متابعة أطفالهم عن قرب. لاسيما إن كانت الأم عاملة. ولديها الكثير من الأبناء.
لكن هناك أعراضٌ ينبغي أن تأخذها الأم بعين الاعتبار؛ إن تواجَدَت لدى طفلها. والمرحلة التي تلي هذا الإدراك؛ أن تراقِب طفلها عن كَثَب. وأن تَلحظ تصرفاته عن قرب. فإن هي اكتشفت أن الأمر متكرر؛ فعليها عند ذلك أن تزور طبيب الصحة النفسية. وقبل أن نذكرَ أمثلة لهذه الأعراض، أود أن أشيرَ في عجالة؛ إلى الأسباب المحتملة لإصابة الطفل الحَدَث بالاضطراب النفسي
أسباب الأمراض النفسية لدى الأطفال:
- التعامل السيء من الآباء لطفلهم. كاستخدامِ الألفاظ النابية معه. أو إهانته. أو تعييره. أو الانتقاص منه، أو مقارنته بأقرانه الذين يفضلونه.. إلخ.
- أن يكون الطفل ذا عاهة جسدية أو عيبٍ خِلقي (كما يسمى مجازا).
- المشكلات بين الأب والأم، وارتفاع أصوات بعضهما على الآخر، والخلافات المستمرة.
- العامل الوراثي.. كأن يكون الطفل أكثر قابلية للانفعال السلبي مع الضغوط الحياتية.
وغيرها من الأسباب الأخرى، والآن ندلف لذكر بعض الأعراض.. التي ينبغي أن تُرعيَها الأم انتباهها.. إن تواجدت، أو بعضها لدى طفلها..
كيف أعرف أن طفلي يعاني من حالة نفسية
- الشعور المبالغ فيه بالقلق. نعم عندما يكون القلق زائدا عن الحد، فلا تمررينَ الأمر مر الكرام! لأن عدم الاكتراث له؛ قد يعني دخول طفلك في سلسلة لا منتهية من الاضطرابات النفسية.
- البكاء المستمر والتوتر الغير مُبرر
- ضعف الشهية، والعزوف عن الطعام
- فقدان الوزن دون سبب عضوي ظاهر
- زيادة الوزن أيضا دون سبب عضوي واحد
- الشعور بالإرهاق والإعياء المستمرين (دون وجود سبب عضوي واضح كَالأنيميا مثلا)
- التفكير في إيذاء النفس (قد يفكر الطفل أحيانا في الإنتحار!). إذا وجدتي أن طفلك مثلا يقول: يا ليتني أموت حتى تستريحوا مني، فخذي الأمر على محمل الجد.
- الافتقار إلى القدرة على التركيز. وضعف التحصيل الدراسي. وملاحظة مدرسيه شرودَه الدائم وسَرَحانه.
- السلوك العدواني، أو الهجومي. كأن يقوم الطفل بضرب أقرانه والإعتداء عليهم دون مبرر، أو أن يقوم بتكسير ألعابه أو بعض أغراض المنزل أو غيرها.
- المزاج المتقلب بحدة. فمن أعلى الفرح إلى حضيض الإكتئاب وشدة الحزن. ربما يكون مؤشرا على الإصابة بالتوحد أو الإنفصام. ويعرف هذا المزاج المتقلب لدى الأطباء النفسيين بـ (الاكتئاب ثنائي القطب) (بالإنجليزية Bipolar depression)
- الحزن الشديد. والذي قد يدفع الصبي إلى الانزواء على نفسه. ومن ثم الانسحابية. وأخيرا التوحد أو ما شابهه.
- كما ينبغي الانتباه لسلوك الطفل إثر التعرض للصدمات النفسية. كموت أحد الأشخاص المقربين إليه والذين يتعلق بهم كثيرا. أو كتعرض الطفل نفسه لحادث. في هذه الحالات لا تنتظري حتى تبدو على طفلك أعراض. وإنما ينبغي أن تكوني قريبةً منه وتحتضنيه. ينبغي أن تُهَوني عليه، وتخففي أحزانه
- الحَرَكة المفرطة. بحيث يُصبح من المتعسر جدا، أن يبقى الطفل في مكان واحد. أو أن يكون مكثرا من الحركات الشديدة والسريعة. ولكنها في الوقت نفسه غير ذات جدوى!
- الخوف المرضي phobia هو نوع من الأمراض النفسية. ليس شيئا طبيعيا أن يخاف الطفل من القطط، أو من ركوب المِصعد أو غيرها!
خاتمة
إن الاهتمام بصحة طفلك لا ينبغي أن يقتصر على الجانب المادي فقط! ليس الصواب قطعا أن ينصرف تركيزك إلى الطعام والشراب وحده. إلى تأمين مُستقبله المادي فقط. أو إلى الاعتناء بملابسهم ونظافتهم فحسب. أو على سنِّ قوانينَ صارمةٍ لا يُخالفها، ثم تتركينَ بناءَه النفسي يتهاوى عى مر الزمان. بالقطع لا ينبغي أيضا أن تدعي لطفلك الحبل علي الغارب. وأن تكون جميع طلباته قيد التلبية. لأن التدليلَ المفرط أيضا سبيل إلى فساده. فكما قال الشاعر:
قَسا لِيزدجِروا، ومن يَك حازما يقسو أحيانا على من يَرحَمُ
فالتوسطَ والاعتدالَ. وعليكِ أن تتذكري أن اهتمامَك بطفلك (بالقدر المناسب) قد يحمي مستقبله. قد يَقِيه شرورا وويلاتٍ لا قِبل له بها.. من الأدواء النفسية المختلفة.
إقرأ أيضًا
الخروج من الحالة النفسية السيئة