الكمالية تعنى أن يطمح الشخص لبلوغ مرحلة الكمال، وهي تنبئ بطموح عال جدا ورغبة في تجاوز الجميع بل تجاوز النفس أيضا بحثها على تحقيق كل ما هو صعب المنال وما قد يفوق قدرتها واستطاعتها، وبالرغم من جمال الطموح والأمل والسعي نحو النجاح والإبداع وتحقيق المستحيل لكن قد يصل هذا السعي للكمالية إلى درجة الهوس، مما يجعل الإنسان قد يوجه لنفسه النقد المستمر واللوم والشعور بالتقصير المستمر، فهو دوما يطمح للمزيد حد الهوس، وهذا ضد الطبيعية الإنسانية، فكل إنسان له طاقته و قدرة محدودة ولذلك نرى الله تعالي يقول في كتابه العزيز
“ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به”
فالله يخبرنا ويعلمنا اننا محدودي الطاقة والقدرة فلابد أن تستوعب هذا كي لا نضغط على أنفسنا ولا نحملها ما لا طاقة لها به، بل وندعوا الله ألا يضعنا في إختبار يفوق طاقتنا، وكذلك نقرأ في الديانة المسيحية ونرى أن هناك صلاة للقديس فرانسيس يدعو فيها أن يجعله يتقبل الأشياء التي لا يستطيع تغييرها، فثمة أشياء هي فوق قدرتنا، تفوقنا، فليس من باب السعي للكمال وأمل بلوغه أن تناطح هذه الأشياء التي تفوقك. وضغطك المستمر على نفسك لن يصل بك لما تطمح. بل سيؤدي بك لمنحدر خطر جدا وهو إضرارك بصحتك النفسية بل و العقلية أيضا.
تأثير الكمالية على الصحة النفسية و العقلية
إن حرصك على الكمالية شيء محمود لكن عندما تراعي قدرتك وتعرف نفسك وقدراتك وكذلك نقاط ضعفك، وتحترم ذاتك وتقدرها. إن الكمال الحقيقي يكون لكل شخص بما يناسبه. فهناك فروق فردية يجب احترامها. فما تراه أنت تقصير منك قد يكون هو أقصى ما يمكن تحقيقه، إذا أنت فعلت كل ما يجب تجاه نفسك وطورت ذاتك قدر المستطاع بل أكثر واهتتمت بكل شيء وفعلت كل واجباتك كاملة، فلومك لنفسك أو خوفك من أن نقد الآخر أو أن يلتقط لك عيبا قد يصل بك حد الوسواس القهري الذي سيجعل من حياتك جحيما،أو قد تصاب بالاكتئاب الحاد نتيجة انك لا ترى إنجازاتك ولا تقدر نفسك. كما أنك ستصبح بفقد الثقة بنفسك وستكون شخصيتك هشه جدا تهزمها اي تعليقات أو انتقادات.
وإذا استمر الضغط على عقلك قد تصاب بالهذيان أو تصل إلى الرغبة في الانتحار والإقدام عليه، فلكم سمعنا عن طلاب ينتحرون لأن أهلهم يريدون منهم الكمال في كل شيء. أو أن يكون الأول في كل شيء، فكيف لأحد أن يسبقك أو يتفوق في أي شيء عليك حتى لو كان في لعبة يمارسها الابن، فكيف لا تتقن الشطرنج وتسمح لزميله أن يهزمك أو حتى تعادلان؟ كيف؟ وهناك الزوجة التي تريد زوجا يخرج من مذكراتها ويكون كاملا مكملا لا نقص به ولا له ولا فيه ولا عليه. فلابد أن يكون الأوسم والأشجع والأكثر مالا و الأعلى منصبا و الأكثر إنجابا و كل شيء به لابد ان يكون كاملا، فتظل تضغط تضغط حتى تجد معها عليل النفس أو مشروع مختل. لماذا نفعل هذا بأنفسنا أو بمن نحب؟
أن الكمالية لابد ان تكون إنسانية. تراعي أننا بشرا وان هناك فرقا فردية لابد أن نعمل على مراعاتها واحترامها، وان تبلغ الكمال يعني أن تبذل كل ما يمكنك بذله لا كل ما يمكن ابشري بذله، لذا لابد أن نحترم أنفسنا وما أودع الله تعالى فينا من إمكانيات وبصمة فريدة،ولابد أن نوازن بين العقل والقلب وان نهتم بالاتزان فهو اساس الكمالية.
إقرأ أيضاً:
هل الشخصية الحدية تختلف عن الشخصية السريعة الغضب ؟ أعرف الإجابة