حب الذات

كلنا بحاجة دوما إلى تعاطف الآخرين معنا، لإحساسهم بنا، وبأوجعنا وضعفنا؛ ولكن.. هل تساءلت أو بحثت أو ألقيت نظرة، عن التعاطف مع الذات لديك أنت، عن إحساسك بنفسك، عن رحمتك بك أنت؟!

أنت.. أدرىٰ الناس بكل أوجاع قلبك وندوب روحك..  والأعلم بكلِ المرات التي وقعت بها، وكم كان وقوعك يومها مؤلمًا، وكم كان وقوفك ثانيةً معجزة..

لذا دعنا نلقي نظرة سويًا في هذا المقال عن التعاطف مع الذات، بداية الطريق نحو صحة نفسية أفضل. 

ما هو التعاطف مع الذات؟

إذا سألتك عن أفضل شخص عندك، ولِم يعد الأفضل؟ 

ستكون إجابتك لأنه يحبني، يقدرني، يعتني بي، يقبلني حين أُخطئ، يتودد إليّ دائمًا، رحيم بضعفي،

ببساطة هذا هو من أبسط التعريفات عن التعاطف مع الذات، أن تعامل نفسك على أنها الشخص المفضل إليك، وأن تتودد إليها كما تحب أن يتودد إليك شخصك المفضل، أن تتجاوز عن زلاتها كما تحب أن يفعل، أن ترحم ضعفها كما تود أن يكون هو. 

ولكن لماذا يبدو  التعاطف مع الذات أمرًا غريبًا أو غير مألوف؟ 

دعني أخبرك أنه وللأسف الشديد، مفهوم التعاطف مع الذات عند أغلبنا مشوه، ومختلط بأوصاف وتعاريف كثيرة سلبية، حتى أصبح وكأنه وصمة عار أن تكون شخصًا متعاطف مع ذاتك. 

فكثيرًا ما وبخنا في صِغرنا حين فضلنا أنفسنا ولو مرة على أحد؛ واتهمنا بالأنانية، وسمعنا محاضرات عن حب الغير والإيثار وفضائل تفضيل الآخرين على الذات، وغيره. 

وكم وصمنا أيضًا بالغرور حين أعجبنا بأنفسنا أو بمظهرنا أو تفوقنا، وبدأت محاضرات عن فضائل التواضع وشؤم العجب بالذات ومدحها وغيره. 

وكيف وصفوك بالمتكبر، حين قلت لا لشيء أو لشخص أو لتصرف أو معاملة لا ترضاها، وأخذت دروسًا في كيف تكون هين وتعامل الآخرين بلطف، لتكون الولد المحبوب اللطيف. 

كل تلك المفاهيم المغلوطة عن التعاطف مع الذات وغيرها، جعلتنا أسوأ أعدائنا، وأقسى الجلادين لأنفسنا، وأبعد ما يكون عن رحمتنا بأنفسنا خوفًا من وصمة العار التي لحقت التعاطف مع الذات. 

كل ما ذكرنا لا يعني أبدًا التقليل أبدًا من كل تلك الفضائل كالإيثار والتواضع وحسن معاملة الغير، واللطف بهم. 

ولكن من قال أني لا أستحق أنا في المقدمة أن أُقدم تلك الفضائل لنفسي، وأكون بكل هذا اللطف مع ذاتي!!ومن قال أن تعاطفي مع نفسي يتعارض مع إحساسي بالآخرين واللطف بهم!!

بل إن علاقتي الطيبة مع نفسي هي أول الطريق لعلاقة طيبة مع الآخرين، وسنرى كيف يحدث هذا ولكن، هناك سؤال يطرح نفسه مسبقًا..

كيف أفعل هذا، وكيف أُكوّن تلك العلاقة الطيبة مع نفسي؟! 

دعني أُقدم لك بعض المقترحات التي قد تساعدك في بناء جسر التعاطف مع الذات لأول مرة، وتذوق العلاقة الطيبة مع نفسك:

اعرف ذاتك:

أول خطوات التعاطف مع الذات هي أن نعرفها، إذ كيف نتعاطف مع من لا نعرف. 

هل تعرف نفسك؟ ماذا تحب.. وماذا تكره، ماذا يحمسك.. وما هو أكثر شيئ يحبطك، مميزاتك، نقاط ضعفك، احتياجاتك، مشاعرك، أفكارك.. لا بأس دعنا نبدأ الآن. 

لديك مكالمة واردة:

تخيل أن تأتيك مكالمة واردة، وحين نفتح الخط تجد نفسك هي من تحدثك، أخبرني ماذا قالت لك؟! 

هل شكرتك على حسن ضيافتك لها، أم تراها اشتكتْ من سوء المعاملة، هل بكت إليك شدة قسوتك بها، هل لامتكَ على طول الهجر، هل تساءلتْ بشكٍ عن مدى حبك لها.. وهل وهل؟! 

تذكر أنت بشر:

من تراه أوهمك بأنك ملاك منزل، من سلب حقك في أن تكون بشرًا، كانت أول صفات ظهوره في الجنة أنه أخطأ، أنه ضَعف وعصىٰ.

ولهذا نحن هنا على الأرض، نحن هنا لنختبر ضعفنا، ونستمتع بحقنا في الخطأ البشري، نحن هنا لأنا نملك اختيار أن نخطئ، ولهذا خلقت الجنة، لأننا نملك اختيار أن نكون ساكنيها. 

ضع حدودك، وعد جيشك:

هل رأيت قبلًا دولة بلا حدود أو جيش، أنت دولتك وأنت جيشك، تعلم أن تضع حدود لدولتك، وأن تبني جيشك وتقويه وتزوده بما يحتاجه من أسلحة ثقة بالنفس، وقبول للذات، واحترام وتقدير لحقوقها، ومعرفة مميزاته ومواطن قوته، ولا تسمح لأحد بتجاوزها. 

تعلم أن تقول “لا”:

تلك الكلمة على صغرها كفيلة بإحداث المعجزات حين تتعلمها، تلك الكلمة كفيلة وحدها ببناء جسر التعاطف مع الذات، لا هي أقوى أفراد جيشك. 

تعلم أن تقول لا، لا لكل شيء أو شخص، أو هدف أو طريق لا يشبهك، لا لكل جلاد يمسك سوطًا يريد جلدك على أخطائك، وأولهم أنتَ، لا لكل ابتزاز عاطفي، وأفكار مشوهة، وعلاقات مؤذية، وكل تعدي وكل سلب حقوق. 

وانتبه أنها ربما تخرج عنيفة أو مهزوزة بعض الشيء في أول الأمر، لكثرة ما كُبتت قبلًا، ولكن لا تقلق، مع الوقت ستتحسن لتخرج حازمة هادئة. 

من فضلك أغلق الخط:

ماذا ستفعل إن اتصل بك شخص ووجه لك كلامًا سيئًا، ظلّ يصفك بالفاشل، والقبيح، وقليل الحيلة، والضعف، ظل يذكرك بكل اخفاقاتك وحماقاتك وأخطائك السابقة، ستغلق الهاتف بوجهه، وقد لا تعرفه ثانيةً، أليس كذلك؟

تذكر لا تكن هذا الشخص مع نفسك. 

إنتبه جيدًا إلى حديثك الداخلي مع نفسك، إلى وصفك لها، إلى عباراتك القاسية معها، لا بأس إن أخطأت، لا بأس إن ضعفت وقصرت، هيا نُفكر كيف نصلح كل هذا، ونحن بالفعل نستطيع. 

أنتَ أنت:

أنت لست أي شخص آخر على الكوكب، لكل منا طريقه وخطواته، ظروفه وقصته التي لا تشبه أي شخص آخر، وأنت أعلم الناس بقصتك، بكل ما مررت به، بنقاط ضعفك وقوتك، حماسك ويأسك.

فلا تقارن قصتك بأخرى، ولا تقارن خطواتك بخطوات شخص آخر، لديه قصة أخرى، في ظروف أخرى. 

وإذا كنت مصممًا على المقارنة، قارن نفسك بأمس، كيف تغيرت وتطورت، كيف حتى تعلمت من كل الاخفاقات السابقة، وارسم خطتك أنت، بما يناسب خطواتك. 

كن مشجعك الأول:

كلنا بحاجة إلى التشجيع حتى لأبسط إنجازاتنا، ولكن هذا قد لا يكون متاحا دائما.

لا بأس؛ كن أنت مشجعك الأول، فكيف يكون التعاطف مع الذات بغير تشجيعها، والاحتفال بأبسط خطوات تقدمها وتطورها، وتذكر أنت أعلم الناس بكيف كانت هذه الخطوات كبيرة وإن لم ير أحد هذا، وأنت أعلمهم بكيف تحب أن تلقى التشجيع. 

صادق ذاتك:

كن صديقك المفضل، الذي يحسن الاستماع إليك، يدعمك، يشاركك لحظاتك السعيدة والأخرى المحبطة. 

اجعل لنفسك وقتا خاصا بها، تتحدث إليها بالطريقة التي تود هي، اكتب، غني، ارقص، سجل، قف أمام المرآة، وانظر لها هذه المرة من أعماق قلبك، وكن الصديق الذي لا تمل صحبته. 

سامح ذاتك:

لا أحد يسعد بصحبة شخص لا يزال يذكّره بأخطائه، ويرفع سوطه بوجه.

افتح دفترًا جديدًا مع نفسك، سامحها على كل الأخطاء التي وقعت بها، ببساطة هي لم ترد أبدًا أذيتك، كل ما فعلته كانت تحسب أنه لمصلحتك، وأخطأت، فلا تحاسب نفسك بوعي اليوم على أخطاء الأمس.

بعد كل ما تناولناه من اقتراحات تساعدك على التعاطف مع الذات، هل اتضحت لك الصورة؟ 

كيف يعتبر التعاطف مع ذواتنا هو أول الطريق لتعاطفنا مع الآخرين؟ 

تخيل شخصًا مثل هذا، يحسن صحبة نفسها، يعرف ذاته ويقدرها، يغفر لها أخطائها ويشجع إنجازاتها، يحمي حدودها، ومتواصل معها ومع مشاعرها واحتياجاتها، كيف ستكون صحبته مع الآخرين وكيف سيكون تعاطفه؟! 

وفي نهاية مقالنا عن التعاطف مع الذات دعني أذكرك بمقولة ” الأقربون أولىٰ بالمعروف”، وأنت أقرب الأقربون بك، وأولاهُم بحسن معروفك. 

هيا أخبرني بم نويت أن تبدأ رحلتك نحو علاقة طيبة بك؟ 

اقرأ أيضًا

كيفية التخلص من جلد الذات؟

المهارات الناعمة.. طريقك نحو النجاح

الحفاظ على الهدوء النفسي من خلال ١٣ طريقة سحرية

الأذكياء .. لطالما كان الأذكياء متميزين في كل في كل شيء ..طعامهم لباسهم عاداتهم و بالطبع تفكيرهم و معتقداتهم ! لكنهم كغيرهم بشر .. و البشر خطائون ” جميع بني آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ” ..
ومن جملة أخطائهم و عثراتهم المشهورة التالي :

الأذكياء و تفضيل التفكير على الفعل :

بالطبع ! فكونهم أذكياء الشيء الوحيد الذي يميزهم هو التفكير ، لذا تجدهم يضيعون معظم وقتهم فيه بدل القيام و فعل شيء ما .. هكذا هم ! و هم بذلك يضيعون معظم الفرص المهمة للنجاح و العمل في حياتهم ..

الأذكياء و تجاهل التصميم و الجماليات :

أن يكون الشخص ذكيا .. يعني أن يهتم أكثر بالمضمون و المحتوى بدل الشكل .. لكن ! معظم الناس العكس تماما .. لا يفقهون شيئا و لكنهم يرون و يقيمون الشكل .. و من أبسط الأمثلة على ذلك اهتمامهم بالشكل لا الصفات ! .. و يجب أن يضع الأذكياء هذا أيضا في الحسبان .. و يعتنون أيضا بالمظهر و الشكل !

الأذكياء و إبداء احترام للشخصيات العامة و المشهورة :

نعم ، احترامك للشخصيات المشهورة ” العظيمة ” و خصوصا التاريخية منها ، قد ينم عن ذكاء متفرد ..لكن التقدير و الاحترام المبالغ فيه قد يفقدك الثقة بنفسك و بقدراتك كشخص ذكي ” .. كن معتدلا في حب الشخصيات ، لا تجعل هذا الشعور يتحول الى هوس مفرط و مشاعر سلبية .. فلن يؤذي هذا الاحساس سواك أيها الذكي ..

الأذكياء و التقليل من الجهود و الأفعال :

كونك ذكيا .. مجددا هذا يعبر عن اهتمامك بالمواهب الفطرية المتأصلة فيك ! أقل من اهتمامك بتطوير مهاراتك المكتسبة عبر الزمن .. فلا يمكن أبدا مقارنة شيء تحب القيام به على شيء تجيد القيام به ..!!  لا تنس ، نعم ، تطوير مواهبك بين الفينة والأخرى .. لكن إرع أكثر مهاراتك و ربِّ أخرى ! و لا تندم او تقلل أبدا من جهودك في هذا الأخير أبدا ..

يرون دائما أنهم على صواب :

حسنا .. هذا أمر مفروغ منه للأسف ، فالأذكياء دائما يشعرون بأنهم مميزون في كل شيء  حتى في الرأي .. لكن ليس بالضرورة أن تكون دائما على حق في وجهة نظرك ، فقد تكون هناك زوايا لا تبصرها مهما كنت عبقريا و شديد الملاحظة .. يجب أن تحرص على تقبل وجهات الآخرين و حتى نقاشاتهم البناءة ..