لقد فكرت كثيرًا جدًا في معنى السعادة الحقيقية وتساءلت عن حقيقة إحساسي بالسعادة فهل أنا بالفعل سعيد؟ إنه سؤال خطر على بالي فجأة ووجدت نفسي أسرح بخيالي كثيرًا لأتذكر أهم المواقف التي مررت بها في حياتي منذ طفولتي إلى أن بلغت سن الأربعين من عمري.
أنا صديقة.. نعم هذا اسمي الذي تعودت دائمًا على سماعه من عائلتي ولم أقتنع بأي اسم آخر حتى اسمي المكتوب في شهادة ميلادي وفي بطاقتي الشخصية صابرين، كنت أشعر أن الاسم الذي تناديني به والدتي هو أجمل الأسماء التي سمعتها في حياتي بالرغم من أن اسمي في شهادة الميلاد لا تشوبه شائبة، فهو اسم جميل وقد أسماني هذا الاسم والدي الحبيب؛ لأنني كنت أول طفلة تولد في عائلتي ولهذا كتب والدي في شهادة ميلادي اسم صابرين على اسم والدته لحبه الشديد لها ولأنها توفيت قبل أن تراني.
تذكرت الآن تدليل والديَّ لي لأنهما حرما من الإنجاب لسنوات طويلة جدًا حتى أن جدتي طلبت من والدي الزواج من أخرى حتى يكون لوالدي ذرية ويمتد نسل العائلة، لكن والدي رفض بشدة لأنه تزوج والدتي بعد قصة حب عظيمة جدًا وتخطيا معًا عقبات كثيرة ولكنهما في النهاية أصبحا يعيشان في منزل واحد بعد أن كان لكل منهما غرفته في منزل والده ولم أتذكر يومًا أنني رأيتهما يتشاجران، فقد كانا دائمًا يعينان بعضهما على متاعب الحياة.
جدتي صابرين
جدتي صابرين هي الشخص الوحيد في العائلة التي وصلت إلى حد ما إلى معنى السعادة الحقيقي، فجدتي كانت سيدة أرستقراطية وكانت تحب الأناقة حتى أنها كانت تظهر أصغر من عمرها الحقيقي بسنوات كثيرة قد تصل إلى 10 أو 20 عامًا؛ لأنها كانت تهتم بنفسها كثيرًا وتعتني ببشرتها وشعرها وترتدي أفضل وأغلى الثياب وكانت تتصور أن هذا هو المعنى الحقيقي للسعادة.
كان والد جدتي من الأغنياء الذين يمتلكون العديد من العقارات في مناطق كثيرة في الإسكندرية مثل: الأزاريطة ومحرم بك وبحري ولم ينجب سوى جدتي صابرين هانم القناوي، أجل فوالدها كان من أصل صعيدي وترك محافظته التي ولد فيها وهي محافظة قنا وتوجه إلى الإسكندرية ليبني مستقبله، أثناء رحلته في حياته العملية أعجبت به سيدة كانت أرملة ولديها أراضي وأموال في الحسابات البنكية، في يوم طلبت منه الزواج لأنها ترغب في التخلص من وحدتها ولتنجب طفلًا تفرح به قبل أن يكبر سنها.
وكان والد جدتي ممتن لهذه السيدة ويبدو أنه كان يحبها حبًا شديدًا ولكنه كان يعلم أنها سترفض الزواج منه؛ لأنه أصغر منها في العمر وأقل منها في المستوى وفي الثقافة لذلك فقد سعد كثيرًا بعرضها ووافق على الفور، بالفعل تزوج الحبيبين وعاشا معًا أجمل أيام حياتهما سعداء إلى أن حملت زوجته روحية، بدأ الحزن يخيم على حسيب والد جدتي لأن روحية كانت مريضة بالقلب وكان الحمل يشكل خطورة على حياتها، إضافة إلى أن الأطباء أثناء إجراء التحاليل والفحوصات لها اكتشفوا إصابتها بمرض السرطان في الرئة مما جعل الأمر أكثر تعقيدًا وكانت فترة الحمل صعبة جدًا إلى أن حانت لحظة الولادة.
وقت الولادة
أثناء شعور روحية بآلام الولادة الشديدة توفيت قبل أن تلد الطفل الذي كانت تتمنى أن تراه ولكن الأطباء اكتشفوا أن الطفل لا زال على قيد الحياة فأجروا عملية الولادة لها قبل أن تتجمد الجثة ولا يستطيعوا عمل أي شيء وبهذا يموت الطفل، شعر حسيب بشعور جديد عليه فقد أصبح أبًا لطفل جميل لكنه لم يستطع أن يفرح بإحساس الأبوة؛ لأن حبيبته التي رافقته في طريق نجاحه في عمله توفيت قبل أن تحقق أمنيتها الأخيرة وهي أن ترى طفلها الأول.
أثناء بحث الأب حسيب على سيدة ترضع طفلها المسكين الذي لا حول له ولا قوة ترك عمله وخصص وقته فقط لمحاولة إنقاذ هذا الطفل من الموت لعدم وجود مرضعة له مما جعله يوشك على الفصل من عمله، لكن القدر أراد له الحزن مرة ثانية لأن طفله الجميل محي قد توفي لأنه لم يأكل لمدة يومين.
حالة الاكتئاب

معنى السعادة الحقيقي
دخل حسيب في حالة من الاكتئاب الشديد جدًا واستمر في هذا الحال إلى أن ذهبت إليه شابة جميلة في العشرينات من عمرها محجبة، طويلة، بيضاء اللون، عيناها عسليتين وكانت ترتدي ملابس ألوانها زاهية ربتت على كتفه وقالت له: أعلم أن حزنك شديد لكن عليك أن تعلم أن هذا الطفل الجميل الذي توفي من أيام أصبح أحد الملائكة في جنة الرحمن لأنه لم يرتكب أي ذنب كما أن زوجتك منزلتها منزلة الشهداء لأنها كانت طيبة القلب ولم تتسبب في أذى لأحد كما أنها كانت تساعد الجميع.
عليك الآن أن تفيق من أزمتك يا باشمهندس حسيب وتعود إلى عملك لأنه الطريقة الوحيدة التي ستنسيك ما أنت فيه الآن، قال لها: كيف أنسى أنني أصبح وحيدًا بلا أهل ولا زوجة ولا أطفال؟
قالت: يا سيدي لقد كنت مثلك في يوم من الأيام ذهبت إلى الجامعة وحينما عدت وجدت منزلنا مهدوم وتوفي أهلي جميعًا وأصبحت وحيدة وشريدة أيضًا وقد حزنت كثيرًا لكني حولت حزني هذا إلى طاقة تساعدني على أن أحاول استكمال حياتي، فأنا فتاة وليس لي أحد وأصبحت أعيش في الشارع فلا مجال للحزن الآن يجب أن أحاول أن أتمالك نفسي، بالفعل خبأت حزني بداخلي وبحثت عن عمل أستطيع أن أنفق على دراستي من خلاله وبعد مرور 3 أو 4 أيام وجدت فندقًا يطلب فتاة تعمل في مجال الهاوس كيبر كنت على وشك أن أرفض هذا العمل لأنني طالبة في نهائي هندسة لكني تذكرت أنني لا منزل ولا نقود أعيش بها فما كان مني إلا أن عملت في الفندق وطلبت منهم أن تكون لي غرفة أسكن فيها لأن أهلي جميعًا توفوا في حادث وليس لي أحد في الإسكندرية.
اجتياز المحنة
كما طلبت منهم أن أعمل في فترة المساء وفي أوقات محددة لأنني طالبة في كلية الهندسة وأحتاج أن أذاكر دروسي لأحصل على البكالوريوس، بالفعل كان صاحب الفندق متفهم ظروفي خاصة أنه كان يعلم بحادث العقار الذي سقط في منطقة باكوس وبالفعل كنت أذاكر في أوقات الراحة من العمل والحق يقال أن صاحب الفندق أوصى المشرفين على الهاوس كيبر ألا يعطوني عملًا ثقيلًا؛ لأنني في نهاية الأمر سأصبح مهندسة بعد أشهر بسيطة ولا يليق لي هذا العمل لولا ظروفي فأنا كما قال صاحب الفندق عني عزيز قوم ذل.
اجتزت المحنة وانشغلت في عملي وفي دراستي إلى أن حصلت على البكالوريوس بدرجة جيد جدًا وبالرغم من سعادتي بتخرجي بهذا التقدير بالرغم من أنني غير متفرغة للدراسة إلا أنني كنت أتعس إنسانة على وجه الأرض لأنني لم أجد من يشاركني هذه الفرحة، عدت إلى حزني ويأسي إلى أن كافأني صاحب الفندق على تفوقي بمنحي فرصة عمل في شركة صناعة السيارات التي يملكها صاحبه (عمر).. قاطعها: هل تعملين في شركة ع.س.ح لصناعة السيارات؟ قالت: له نعم وفي نفس القسم الذي تعمل فيه يا حسيب فأنا زميلتك في الجامعة وفي العمل أيضًا.

معنى السعادة الحقيقي
قال حسيب: وكيف لا أعرفك وأنتي كما تقولين زميلتي منذ 15 عامًا؟ قالت له: لأنك كنت قليل الحديث ولم تنتبه لأي زميلة من زميلاتك سوى سلمى فقط لأنك كنت تحبها حتى بعدما تركت الجامعة وتزوجت من شخص ثري يلبي لها احتياجاتها من ملبس ومسكن وقيمة اجتماعية بركوبها سيارة فارهة وغالية الثمن لكنها اكتشفت أن ما فعلته ليس المعنى الحقيقي للسعادة؛ لأن زوجها كان يهوى النساء وكل يوم يخونها إما من خلال زواجه عرفيًا من أخريات أو حتى بدون زواج وكان كثير الشرب فكان يضربها ويعذبها إلى أن تركته وعادت إلى منزل والدها.
حب العمر
قال لها: فعلًا كنت أحبها بجنون حتى أنني لم ألاحظ في الجامعة بأكملها سواها وطالما أنتي تعرفين هذه القصة فأنتي بالفعل إحدى زميلاتي اللاتي لم ألحظ وجودهن فما اسمك؟ قالت له: صابرين، شعر وقتها حسيب أن اسمها عبارة عن رسالة أرسلت له من فوق سبع سماوات فلماذا جاءت هذه الفتاة إليه في هذا الوقت تحديدًا؟، أفاق من حزنه وقام فاغتسل وأثناء ارتدائه لملابس جديدة بدلًا من ملابسه الرثة التي ظل بها عدة أيام لأنه كان جالسًا في غرفته لا يبرحها، قامت صابرين بعد سؤاله عن مكان المطبخ فجهزت له طعامًا شهيًا وقالت له: أنت لم تأكل شيئًا منذ موت طفلك لذلك أعددت لك طعامًا أتمنى أن يعجبك وسأنظف لك المنزل حتى تنتهي من طعامك.
رفض حسيب لأنه لم يرغب في أن يجهدها فالشقة لم تنظف منذ الشهور الأخيرة من حمل زوجته لأنه انشغل بمرضها الشديد الذي أقعدها في المستشفى في آخر شهرين من الحمل إلى أن توفيت فيها، لكنها أصرت وقامت ونظفت لكنه قال لها سأساعدكي حتى ننتهي سريعًا ولا تمكثي معي كثيرًا ونحن وحدنا.
أومأت برأسها بالموافقة وبالفعل أمسك حسيب بالمقشة وقام بكنس الشقة بأكملها ثم مسحها، سكت حسيب ثم تحدث فجأة قائلًا: ما الذي دفعك للمجيء لي في هذا الوقت ولماذا تحاولين مساعدتي بهذه الطريقة؟ قالت: ألا تعلم السبب حتى الآن؟ قال لها: لا، قالت: لأنك حب عمري الذي لم أحب غيره منذ أن رأيتك في الجامعة وكنت أحاول لفت انتباهك لكنك لم تستجب لي.
نعم الابنة لأبيها
شعر حسيب بالخوف لأنه بعد وفاة زوجته أصبح يخاف من أن يحب مرة ثانية فيفقد حبيته ظل لفترة يحاول إبعاد صابرين ومضايقتها حتى تتزوج من شخص آخر يسعدها ويكون لها نعم الزوج لكنها ظلت في البداية مصرة على موقفها ثم تزوجت بالفعل ولكنها لم تستطع الاستمرار مع زوجها؛ لأنها كانت لا تزال تحب حسيب، فما كان منها سوى طلب الطلاق من زوجها والعودة مرة ثانية لإقناع حسيب باستكمال حياتهما معًا، بعد فترة من الزمن استجاب حسيب لها وتزوجها وأنجبت له عماد طفله الأول الذي توفي في حادث سيارة أثناء عودته من المدرسة إلى المنزل وكانت في هذا الوقت حاملًا في طفلها الثاني ولما أنجبت طفلتها أسماها صابرين لكن زوجته رفضت لأنه حين ينادي على صابرين فمن فيهما التي ترد فقال لها حينما أقول صابرين فأنا أنادي على ابنتي بينما أنادي عليكي بقلبي أو بحبيبتي.
وكان هذا مولد جدتي العزيزة صابرين التي توفيت والدتها وهي في الثانية عشر من عمرها فكانت نعم الابنة لأبيها، كانت تراعيه وتلبي له احتياجاته وفي نفس الوقت كانت مجتهدة في دراستها وكانت تشبه والدتها كثيرًا مما جعل والدها متعلق بها بشدة حتى أنه زوجها لابن أحد أصدقائه بعد عدة مشاكل وبعد أن أقنعه الكثيرين بأن الفتاة يجب أن تتزوج؛ لأنك لو تركتها لا قدر الله ستصبح وحيدة ليس لها أحد وأنت جربت هذا الشعور، فوافق حسيب على زواج ابنته الوحيدة بشرط أن يعيش الزوجين مع الأب في منزل واحد وبالفعل تمت الزيجة وقد توفي الأب بعد زواج ابنته بعام واحد.
طريقة تعارف والدي بوالدتي
أعرف أنكم ترغبون في معرفة الطريقة التي تعرف بها والديَّ وقصة زواجهما إلى أن ولدت أنا؛ كان والدي هو المهندس حامد عبد السلام عماد مهندس ميكانيكا وكان يعمل في إحدى شركات تصنيع السيارات، ولذكاء والدي وتفوقه وتفانيه في عمله تدرج بشكل سريع إلى أن أصبح مديرًا لإحدى فروع هذه الشركة المنتشرة في محافظات متعددة ومنها بالطبع محافظة الإسكندرية التي نعيش فيها إلى الآن.
في إحدى الأيام أثناء ممارسته عادته اليومية وهي السير على كورنيش الإسكندرية سمع صوت صراخ لفتاة يبدو أنها كانت تتعرض للسرقة أو لمشكلة ما فتوجه بالفعل لمصدر الصراخ، فوجد الفتاة تحاول التنصل من شخص يحاول الاعتداء عليها في سيارة تاكسي، أمسك والدي بهذا الشخص وسار به إلى أن وجد ضابط يقف على إحدى إشارات المرور فقص له ما رآه.
ترك المهندس حامد (والدي) الجاني مع الضابط وتوجه مرة ثانية إلى السيارة ليجد فتاة جميلة جدًا في حالة رثة وملابسها ممزقة فما كان منه إلا أن خلع جاكته الجلد ووضعه على كتفيها وأنزلها من السيارة لتجلس على الكورنيش وتقص عليه ما حدث:
شكرًا لحضرتك على ما فعلته معي كنت متوجهة من منزل خالتي ببحري إلى فيلا والدي وأثناء محاولتي ركوب سيارتي وجدتها معطلة لا تعمل فما كان مني سوى إيقاف تاكسي لأذهب إلى المنزل، لكن سائق التاكسي لم يكن حسن النية حاول مغازلتي في الطريق ولما لم أجبه وأتحدث معه بنفس النهج أغلق الأبواب الخلفية للسيارة؛ لأنني كنت أجلس خلفه وذلك لأنني حاولت النزول من السيارة حينما وجدته يتجاوز لكنه توقف في هذا المكان وفعل ما شاهدته أنت الآن وأشكرك مرة ثانية على إنقاذي من هذا الوحش.
بداية قصة الحب
شعر حامد بأن قلبه يخفق بحب هذه الفتاة الجميلة ولكن هل يحب فتاة لا يعرفها ولا يعرف عنها شيء، طلبت منه رقم تليفونه ليتصل به والدها ويشكره على ما فعله معها وطلبت منه عنوانه أيضًا لتعيد له الجاكت بعد غسله وكانت هذه هي بداية قصة الحب بين والدي حامد وفاتن.
توجهت فاتن إلى منزلها في سان ستيفانو هي فيلا فخمة جدًا بحديقة واسعة وممر طويل يوصل إلى الباب الرئيسي للفيلا بعد صعود درجتي سلم من الرخام وجانبي الممر حديقة مليئة بالأزهار متعددة الألوان، الفيلا عبارة عن طابقين الأول عبارة عن ريسبشن كبير جدًا يحتوي على عدة أطقم من الأنتريهات الفاخرة والتي يتضح من شكلها أنها غالية الثمن جدًا وغرفة مكتب يبدو أنها تخص والدها فهو رجل أعمال كبير ومعروف في الإسكندرية، بمجرد الدخول من باب الفيلا تسير في ممر مفروش عليه سجادة حمراء متناسقة مع ألوان الحوائط الكافيه والنجف الضخم الموجود في صالة الاستقبال للضيوف.
وبمجرد النزول 4 درجات سلم تبدأ ملامح غرفة استقبال الضيوف في الظهر فتجد أمامك المكان واسعًا وفي الجانب منضدة سفرة مكونة من 12 كرسي من الذهب الخالص وبجوارها سلم عريض للطابق الأعلى الذي يحتوي على 4 غرف و2 حمام ومكان في الجهة اليسرى ركنة بسيطة بمنضدة لجلوس الأسرة عليها وبعد هذه الركنة بعدة خطوات تراث كبير عبارة عن بانوراما ترى البحر بوضوح وبجوارها غرفة فاتن.
عزة النفس
دخلت فاتن إلى غرفتها وكان والدها لمحها أثناء صعودها الطابق العلوي فتوجه لغرفتها ودق الباب يستأذن بالدخول فلما أذنت له فتح الباب ودخل ووجد ملابس ابنته رثة وممزقة وترتدي فوقها جاكت جلد يبدو من شكله أنه رخيص، فتعجب الأب من منظرها سارعت فاتن إلى أبيها واختبأت في أحضانه وبكت بشدة فهي تعودت ألا تظهر ضعفها أمام أحد إلا والدها فقط وأحيانًا تخبئ ضعفها عن الجميع، ربت الأب على كتف ابنته وهدأ من روعها ووعدها بأن يشكر حامد في الصباح.
في صباح اليوم التالي اتصل سليم بالمهندس حامد وطلب منه الذهاب لشركته في محرم بك ليكافئه عما فعله مع ابنته في الليلة السابقة فتوجه حامد بالفعل للشركة وقابل سليم، لكنه رفض أن يحصل على أي مبلغ مادي مقابل إنقاذه لابنته فأعجب الأب به وطلب منه أن يعينه في الشركة كبير مهندسين لعزة نفسه وأمانته لكنه رفض؛ لأنه اعتبر أن هذا مقابل بشكل غير مباشر لما فعله لابنته خاصة أن حامد بدأ يترقى في شركته التي يعمل فيها ويتقاضى مرتبًا جيدًا فلا يوجد ما يجبره على ترك عمله.
استعاد حامد جاكته الجلد من والد فاتن الذي حاول أن يهديه جاكت غالي الثمن لكنه أيضًا رفض هدية سليم وقال له أنه لن يرتدي إلا الملابس التي يشتريها بماله الخاص حتى لو كانت رخيصة الثمن فهي عنده أغلى من أي ملابس حتى لو كانت الملابس الأخرى مصنوعة من ريش نعام.
معارضة هذا الحب

معنى السعادة الحقيقي
بهذا بدأت قصة الحب بين فاتن وحامد مع معارضة والد فاتن (سليم) ووالدة حامد (صابرين) ولكل منهما سببًا في رفضه لهذه الزيجة، فالأب رفض لأن حامد بالرغم من ثراء والدته إلا أنه لم يحاول اللجوء لها لتلبية طلبات سليم التي طلبها منه لكي يزوجه من ابنته الوحيدة فاتن.
والأم رفضت الزيجة لأن ابنها لا يعرف فاتن جيدًا لكنه تعرف عليها في ظروف صعبة وهي من عائلة من وجهة نظر الأم من الطبقة الراقية التي لها عادات وتقاليد تشبه عادات وتقاليد الأجانب والتي لا تليق معهم لكن فاتن وحامد أصرا على موقفهما وبالفعل تزوجا الحبيبين دون رغبة الوالدين مما أدى لحرمان فاتن من ميراث أبيها بينما صابرين لم تستطع اتخاذ نفس الموقف؛ لأنها كانت تحب ولدها بجنون فهو الولد الوحيد على عدة فتيات، ليس هذا فحسب بل إنه كان ولدها من الإنسان التي أحبته وتزوجته ثم توفي وتزوجت بآخر وأنجبت منه ابنتين ميرفت وهيام كما أن حامد كان يشبه والدها بدرجة كبيرة جدًا.
بعد مرور فترة من الزمن وافقت الأم على أن يعيش ابنها وزوجته في إحدى شقق العمارة التي تملكها ظنًا منها أنها ستستطيع أن تنهي هذه الزيجة بأي ثمن خاصة أن هذا الظن كان ينمو في عقلها كلما تأخر حمل أمي إلى أن مرضت أمي جدًا وكانت لا تتحرك لأنها أصيبت بشلل مؤقت مما دعى والدي للذهاب إلى والدها لإبلاغه بمرض ابنته، بالفعل ذهب الأب لرؤية ابنته التي كانت طريحة الفراش لكنها أصبحت أفضل حينما رأت والدها وبدأت تتماثل للشفاء وبدأت تتحرك، فسامحها والدها وبدأت رحلتهم مع الأطباء في محاولة منهما للإنجاب.
مولدي
حاول والدي الإنجاب لسنوات متعددة وتوجها إلى أطباء كبار كُثُر والجميع أقر أن الزوجين بصحة جيدة ولا يوجد ما يمنع الحمل نهائيًا، لكنها فقط مسألة وقت واستمر الحال هكذا إلى أن توفيت جدتي والدة والدي بعد مرور أقل من سنة حملت أمي ومر حملها سهلًا دون أن تشعر به كما كانت تقول لي دائمًا وبالفعل ولدت أنا.. وهنا بدأت المشكلة الأولى بين الزوجين هي تحديد اسم الطفلة فكل منهما يريد أن يسمي طفلته على اسم والدته وفي النهاية استقرا على أن يكتب اسمي في شهادة ميلادي صابرين على اسم جدتي والدة والدي، وأن تناديني أمي بصديقة لأنها كانت تعتبرني منذ حملها في أنني صديقتها، فأمي كانت وحيدة وأيضًا ليس لها سوى صديقة واحدة هي ابنة خالتها التي كانت تودعها لأنها ستهاجر إلى كندا مع زوجها وكان ذلك يوم أول لقاء بينها وبين أبي.
كنت أعيش في منزل والدي معززة ومكرمة وكان جدي يدللني كثيرًا حتى أنني كنت أقيم مع جدي في أوقات إجازته من عمله وهو يوم أو يومين في الأسبوع كان يخصصهما لي وحدي، إلى أن كبرت وتخرجت في الجامعة وحصلت على ليسانس الآداب قسم مسرح وتعرفت على أحد زملائي ونشأت بيننا علاقة حب لكن جدي رفض أن يزوجه لي لأنه فقير ولن يستطيع أن يلبي احتياجاتي وبالرغم من عدم ممانعة والديَّ على زواجي من يحيى إلا أنهما استجابا لرغبة جدي؛ لأنه كان مريضًا في هذا الوقت وزوجوني من شخص ثري (شريف) ابن الأصول كما يقال عنه، لكنه لا يمت بصلة لهذه الكلمة فهو يهوى لعب القمار ويدمن المخدرات لكنني أنجبت منه طفلين سليم وسامح ولا أرغب في أن يعيشا في أسرة مفككة دون أب أو دون أم، لقد تحملت زوجي إلى أن كبر الطفلين التوأم والحقتهما بمدرسة داخلية حتى لا يعيشون معي مأساتي مع أبيهم المدمن للقمار وللمخدرات فيصبحان معقدين.
معنى السعادة الحقيقي
وأنا الآن أفكر حقًا في معنى السعادة الحقيقي هل سعادتي في بقائي زوجة وأم حتى وإن كنت أعذب من زوجي بسبب النقود لأنه باع كل ما يملك ليسدد ديونه بسبب القمار، أم أضم أبنائي لي وأعيش وحيدة بلا رجل؟
ما معنى السعادة الحقيقي؟ وأثناء تفكيري في هذا الأمر وفي إجابة هذا السؤال ارتمى زوجي على الأرض وتوفي لحصوله على جرعة مخدرات زائدة وكان حبيبي الأول هو الطبيب الذي كتب له شهادة وفاته، فهو عين في وزارة الصحة وفي الوحدة الصحية التابع لها سكني.. مرت سنة على وفاة زوجي وبعدها تزوجت من حبيبي يحيى وأنجبت ابنتي الصغيرة غرام وأصبحت بالفعل أعرف معنى السعادة الحقيقي.
للمزيد:
قصه بنت تزوجت وظلت بنت بنوت ل25 عاما دون علم أحد
قصة حقيقية .. قسوة لحد الموت والم أم لحد البكاء