الاحتفال بعيد الميلاد وماذا قال الإنجيل والقرآن عنه؟ .. عيد ميلاد يسوع المسيح والاحتفال به… سبق وأن نشرنا هنا على موقع الأمنيات برس مقالاً بعنوان (الكريسماس، وحقائق قد لا تعرفها!) وأوضحنا فيه بالحقائق التاريخية وقمنا بالرد على السؤال: لماذا يحتفل البعض بالكريسماس (عيد ميلاد يسوع المسيح) في 25 من ديسمبر. بينما البعض يحتفل بتذكار ميلاد المسيح (عيد الميلاد/ الكريسماس) في 7 من يناير من كل عام.
وهو الاختلاف الذي، كما أوضحنا، يخص التعديل في التقويم اليولياني الذي يتبعه حتى الآن المسيحيون الشرقيون. ويحتفلون بعيد الميلاد في 29 كيهك (أحد الشهور في التقويم القبطي) وهو الذي يوافق يوم 7 يناير. بينما الغربيون بعد التعديل في التقويم الذي تم بقرار من البطريرك والبابا الكاثوليكي جريجوري (أو غريغوري) بخصم 13 يوم منه فلا يزالون يحتفلون به في 25 ديسمبر.
الاحتفال بعيد الميلاد وماذا قال الإنجيل والقرآن عنه؟
بذلك، فإن المسيحيين الشرقيين ومنهم المسيحيين المصريين يستعدون للاحتفال بعيد الميلاد (عيد ميلاد المسيح). في اليوم السابع من شهر يناير والذي سوف يوافق يوم الجمعة المقبل هذا العام 2022. فما قصة الميلاد المعجزي للمسيح كما يؤمن بها المسيحيون؟
ماذا قالت الأناجيل عن ميلاد المسيح؟ ما الأحداث التي دارت قبل وأثناء وبعد هذه الولادة المعجزية؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سوف نقوم بالإجابة عليها في هذا المقال.

الاحتفال بعيد ميلاد يسوع المسيح
قصة الميلاد المعجزي للمسيح
يؤمن المسيحيون بأن البشارة بميلاد المسيح جاءت منذ مئات السنين قبل ميلاد المسيح. وذلك في نبوءة مكتوبة في سفر إشعياء النبي (أحد أنبياء اليهود في العهد القديم). وهي الآية المكتوبة في الإصحاح السابع من سفر إشعياء، في العدد (الآية) رقم 14. والتي نصها:
ولكن يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذارء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه “عمانوئيل”. (إش 7: 14)
وهي بشارة ونبوءة عن الميلاد المعجزي للمسيح في أنه سوف يولد من عذراء، بدون زرع بشر. وقد جاء الميلاد في عهد الوالي الروماني هيرودس الذي كان يحكم منطقة الجليل واليهودية في ذلك الوقت. وكل المناطق التي كان يعيش فيها اليهود والتي كانت تسمى حسب الآناجيل: متى، لوقا، يوحنا، ومرقس. وهي أناجيل العهد الجديد الذي كتبه بالوحي رسل وتلاميذ المسيح (الحواريون).
فماذا حدث قبل ميلاد المسيح؟
في ذلك الوقت، كانت اليهودية (المدن والقرى التي يسكنها اليهود)، وأورشليم (القدس) محتلة من الرومان. وقد أصدر أغسطس قيصر (الإمبراطور الروماني) أمرًا بأن يتم عمل تعداد عام وإحصاء لكل الناس التي كانت تعيش وتسكن في كامل ربوع الإمبراطورية الرومانية، ومنها مدن وقرى اليهودية.
الذي من شروطه أن يعود كل إنسان إلى موطنه ومكان ميلاده لكي يقوم بتسجيل نفسه في السجلات الرومانية في المكان الذي جاء فيه. مما اضطر يوسف النجار الذي كان خاطبًا لمريم العذراء أن يأخذها ويسافرا سويًا إلى بلدتهما. بيت لحم، تلك المنطقة التابعة لمدينة الناصرة في منطقة الجليل. وقد كانت مريم العذرا في ذلك الوقت “حبلى” بدون زواج. ويقول إنجيل متى في الإصحاح الأول، في الأعداد (الآيات) من 19 إلى 21.
19 فيوسف رجلها إذ كان بارًا، ولم يشأ أن يشهرها، أراد تخليتها سرًا. 20 ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور، إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلمٍ قائلاً: “يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. 21 فستلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم”.
وهو يوضح هنا أن يوسف وجد خطيبته “العذراء” حبلى، ولأنه في قلبه فكر في أن يفك الخطبة سرًا بدون أن يشهر بها. في تأكيد على أن أمر الخطبة لم يصل إلى الزواج، وأن ولادة المسيح جاءت من العذراء بدون زواج كما قالت النبوءات.
ولكي يطمئن يوسف النجار الرجل البار الذي يعرف النبوءات ومنها نبوءة إشعياء في سفره في العهد القديم. والذي آمن بالرؤيا وأكمل حياته في خدمة العذراء وشهد ميلاد المسيح ورباه في كنفه وشهد الكثير من معجزاته منذ لحظة ميلاده.

الاحتفال بعيد ميلاد يسوع المسيح
الميلاد في مذود للبقر
يذكر الإنجيل أنه عند وصول يوسف النجار وخطيبته مريم العذراء التي كانت حبلى بالمسيح من الروح القدس إلى بلدة بيت لحم. لم يجدا في المدينة التي توافدت إليها الوفود من أجل التعداد أي مكان في أي نزل أو فندق أو بيت للمبيت. لم يجدا سوى مكان لتربية الحيوانات، زريبة/ حظيرة، فيها البقر والمواشي ترعى وتتربى وتكبر.
اضطرا لقضاء الليل في المكان لاقتراب موعد الولادة الذي كان قد حان آوانه. فتضع العذراء مولودها في الحظيرة، وتلفه وتضعه في المذود (الذي هو المعلف الذي تأكل فيه الدواب). والمذود الذي وضع فيه المسيح حسبما توضح الآثار كان مصنوعًا من الخشب. ولا تزال توجد حتى الآن في القدس قطعة خشبية أثرية منه ويتم عرضها للجمهور في القدس. ثم يتم نقلها إلى بيت لحم التي ولد فيها يسوع المسيح ليتم عرضها مع شجرة الميلاد في كنيسة المهد أو في قربها.
أحداث معجزية صاحبت ميلاد المسيح
جاء مولد المسيح في حد ذاته كمعجزة كبرى، حيث تمت ولادته من عذراء ظهر لها الملاك جبرائيل وبشرها بالميلاد وطمئنها. كما ظهر الملاك لخطيبها، يوسف النجار، وأعلمه بالأمر وبشره وذكره بالنبوءات التي يعرفها.
وأخبره بأن المولود من العذراء هو مولود “من الروح القدس” وليس من إنسان فلا يخاف أو يخشى. كما أن مكان الميلاد في بيت لحم التي كانت هي مدينة داود النبي والملك والذي يأتي المسيح من نسله. وقد قالت النبؤات أن المسيح سوف يولد في الناصرة كما سوف يُدعى “ناصريًا”، وبيت لحم هي تابعة للناصرة ومنطقة الجليل. وفوق كل هذا، فقد ظهرت بعض المعجزات الأخرى التي صاحبت الميلاد نفسه ومنها:
ظهور النجم الساطع الذي يعلن عن ميلاد شخص عظيم
إذا عدنا إلى إنجيل القديس والحواري (متى)، فإنه في الإصحاح الثاني يحكي قصة المجوس الذين جاءوا من المشرق ويقول:
1 ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية، في أيام هيرودس الملك، إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم. 2 قائلين: “أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له”.

الاحتفال بعيد ميلاد يسوع المسيح
والمجوس هم من بلاد فارس يعملون في التنجيم ومراقبة النجوم والفلك. وقد وجدوا نجمًا عظيمًا ساطعًا عرفوا من خلال ظهوره المفاجئ بمولد شخص عطيم بل وملك. وقد تابعوا النجم وساروا خلفه ليقودهم إلى اليهودية. ولأنهم كأي من البشر قد ظنوا أن مولد ملك جديد بالطبع سوف يكون في قصر الملك.
فقد توجهوا فور وصولهم إلى أورشليم القدس لقصر الملك هيرودس وسألوه عن الملك المولود الجديد الذي سوف يكون ملك اليهود. وقد أزعج هذا هيرودس الوالي الروماني والملك على منطقة اليهودية وطلب منهم أن يحددوا بالضبط أين تمت ولادة هذا الملك. لكي يذهب هو أيضًا ويسجد له معهم.
ولكنه كان يضمر شرًا في نفسه ويرغب في قتل الملك المولود حتى لا ينزع المُلك منه عندما يكبر. ظنًا منه أن المولود يهتم بالمُلك الأرضي الزائل مثله. وبعد هذا تحكي الأناجيل أن المجوس خرجوا من قصر هيرودس الملك واتبعوا النجم الذي أرشدهم حتى مكان ولادة المسيح.
وقد دخلوا مذود البقر وسجدوا للمولود وقدموا له 3 هدايا. هدية من الذهب (رمز الملك)، وهدية من اللبان الذي هو البخور (رمز الكهنوت ورئاسته الدينية)، وأخيرًا الهدية الثالثة من المُر. وهو رمز للآلام التي سوف يعاني منها المسيح كما يؤمن به المسيحيون.
رحيل المجوس وهروب العائلة المقدسة ومذابح أطفال بيت لحم

الاحتفال بعيد ميلاد يسوع المسيح
بعد انتهاء زيارتهم ورؤيتهم للمسيح وسجودهم له وتقديمهم لهداياهم، أوحي للمجوس ألا يرجعوا ويخبروا الملك بمكان الطفل يسوع. وقد نفذوا بالفعل ما أوحي به لهم ورحلوا من طريقٍ أخرى.
وبعدها توالت المذابح التي ارتكبها هيرودس بقتل أطفال بلدة بيت لحم من سن عامين فأقل. وهو الزمان الذي احتسبه من وقت زيارة المجوس له وإبلاغه بموعد ظهور نجم ولادة الملك الجديد. لكي يقضي على الملك الجديد ويقتله في المهد خوفًا على ملكه وملك أولاده من بعده. وقد عرف مكان ولادة المسيح من النبوءات التي ذكرت أن المسيح سوف يولد في “بيت لحم”. والتي بالفعل قد صدقت وحدثت.
الميلاد والرعاة
يذكر إنجيل لوقا في الإصحاح الثالث منذ العدد الأول، قصة الرعاة الذين ظهرت لهم الملائكة تبشرهم بميلاد يسوع المسيح. وقد تغنت الملائكة بعد أن قامت ببشارة الرعاة وقد سطع أمامهم نور عظيم من السماء بالترنيمة الشهيرة في العدد/ الآية 14 من الإصحاح، والتي تقول:
14 المجد لله في الآعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة
وهي الترتيلة التي تدعو وتمجد الله ساكن السموات، وتعلن أن الأرض تستحق السلام الذي يحمله ميلاد المسيح. كما أن هذا الميلاد أدخل على نفوس الناس المسرة والسعادة والفرح والسرور.
وقد ذهب الرعاة الذين رأوا الملائكة وسمعوا تراتيلها وابتهاجها إلى بيت لحم لكي ينظروا ميلاد المسيح. وبالفعل ذهبوا ووجدوا الطفل المولود ومعه أمه العذراء مريم ويوسف الذي تم تسميته من قبل الكنيسة فيما بعد بـ “خادم سر التجسد الإلهي”. وقد بشر الرعاة بما رأوه وخبروه عن معرفتهم بميلاد المسيح في كل المنطقة المحيطة.

الاحتفال بعيد ميلاد يسوع المسيح
ماذا ذكر القرآن الكريم عن ميلاد المسيح (عيسى بن مريم)؟
ذكر القرآن الكريم قصة ميلاد المسيح المعجزية من مريم العذراء وذلك في سورة مريم وقال:
“وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا.. فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا.. قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا.. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا.. قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا.. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا.. فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا”
وهي القصة التي تؤكد على أن المسيح/ عيسى لم يولد إلا من عذراء بتول نقية. وأن ولادته قد حدثت بدون تدخل من بشر وأنه من روح الله. كما أن القرآن يذكر أيضًا في مواضع أخرى أن المسيح هو “روح الله وكلمته”.
وهو الأمر الذي يتفق فيه المسيحيون والمسلمون على حد سواء، حتى ولو اختلفوا في أي نواحي أخرى. فالمسيح يسوع أو عيسى هو المولود من العذراء مريم البتول النقية التي مجدها القرآن وأنزل سورة باسمها، “سورة مريم”. كما يبجلها المسيحيون ويحتفلون بها ويقدسونها كأم للمسيح عاشت وماتت بتول نقية وتقية.
إجازة عيد الميلاد هذا العام في مصر (الخميس 6 يناير)
تمنح الدولة منذ سنوات يوم 7 يناير من كل عام إجازة للعاملين في القطاعين العام والخاص وقطاع الأعمال العام… إلخ. وتكون الإجازة مدفوعة الأجر. وقد تم الإعلان عن قرار الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء باعتبار يوم الخميس 6 يناير 2022 القادم. بأنه إجازة للعاملين في القطاع العام، وقطاع الأعمال العام، والقطاع الخاص بدلاً من يوم الجمعة الموافق 7 يناير 2022. وذلك للاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح الذي يوافق يوم جمعة هذا العام.

الاحتفال بعيد ميلاد يسوع المسيح
ختامًا
وإلى هنا تنتهي حكايتنا مع قصة الميلاد المعجزي للسيد المسيح التي يحتفل بها المسيحيون في العالم أجمع. سواء كان هذا الاحتفال في 25 ديسمبر كما يفعل المسيحيون في الغرب. أو في 7 يناير كما يحتفل المسيحيون في الشرق وخاصةً المسيحيون الأرثوذوكس في مصر. وقد ذكرنا القصة بالشواهد من الأناجيل، وذكرنا ما كُتب في القرآن الكريم عن الميلاد المعجزي للمسيح من العذراء مريم.
وكل عام ومصر والعالم العربي مسلميه ومسيحييه في خير وسلام ومحبة ووحدة.
اقرأ أيضًا:
ما حكم احتفال المسلمين بالكريسماس والفرق بينه وبين رأس السنة؟
أدعية المطر والرعد وهبوب الريح