صرحت الكاتبة” شيماء هشام سعد” كاتبة رواية “السيدة التي حسبت نفسها سوسة” بأنها اختارت هذا الاسم لأنه معبر عن نفسية البطلة وحياتها، كما أنها تحضر لرواية جديدة لم تنتهِ من كتابتها بعد.
معنا في لقاء الأمنيات الكاتبة “شيماء هشام” الكاتبة المتميزة صاحبة المفردات العذبة ، تتميز بعذوبة الأسلوب وجزالة الألفاظ والرقة في المعاني والأحاسيس، حينما تقع أعيننا على نص من كتابتها نقرأه على عجل مستشعرين جمال المعنى، نشعر وكأنها من جيل العظماء أو امتداد لهم.
س:
هل يمكن أن تخبرينا بنبذة مختصرة عنك؟
- شيماء هشام سعد، 28 سنة، صيدلانية، نشأت في محافظة الإسماعيلية ومقيمة حاليا في محافظة الشرقية.
س:
ما هي هواياتك؟
- القراءة والشطرنج، واستخلاص المعاني الجميلة من تفاصيل الحياة اليومية لو صح لهذا أن يكون هواية بالمعنى المتعارف عليه.
س:
إلى أي مجالات الكتابة تنتمي كتاباتك؟
- لست من هواة التصنيف، أنا مع الفكرة التي أريد التعبير عنها أو القضية التي أود تناولها أيا يكن نوعها، هناك مواضيع بعينها تستهويني ولكنه يكون هوى مرحليا؛ سواء لأسباب شخصية أو عامة، لكن من الصعب -على الأقل الآن- أن أقول أن كتاباتي اجتماعية أو تاريخية أو سياسية… إلخ، ولا أحب أن تكون كتابتي أحادية اللون أو المجال.
س:
متى ولجت إلى عالم الكتابة؟ وكيف تم ذلك؟
- منذ الطفولة، كانت تسحرني قصص الأطفال والمغامرات وكتاب القراءة المدرسي، في البدء حاولت التقليد وكثرت كشاكيلي لهذا الغرض، فيما بعد صارت الكتابة تفاعلًا مع الأحداث اليومية خاصة كانت أو عامة، وبعد القصة كتبت الشعر، فكان شعرا مضحكًا من طفلة لم تبلغ الثانية عشرة، ثم بدأت كتابة الرسائل والخواطر، جميعها كانت استجابات لأحداث كبيرة تخصني أو تخص العالم، وكان هذا قبل أن أقرأ في هذه الألوان الأدبية المتعددة، بعد أن قرأت في كل لون منها أدركت إلى أي مدى اتسمت كتاباتي بالسذاجة، لكن البدايات دائما ما تكون ساذجة نظرا لصغر السن وحداثة عهدنا بالكتابة.
س:
متى بدأت الكتابة ككاتبة محترفة؟
منذ التحاقي بالجامعة تقريبا، في ذلك الوقت بدأت أفكر في الكتابة كأكثر من مجرد هواية لأوقات الفراغ، بالنسبة لكتابات السنوات الأولى فكانت مرتبكة أسلوبا وموضوعات، ثم اكتسبت النفَس الذي أكتب به شيئا من الثقة بدايةً من (2015) .
س:
ما الذي ساعدك على اكتساب تلك المفردات اللغوية القوية واللغة العربية الفصحى المتمكنة جدا؟
هناك أشياء كثيرة، وأعتقد أن أهم عاملين ساعداني كانا كثرة التعامل مع القرآن الكريم منذ الصغر سماعًا وحفظًا وقراءة في تفسيره ومعانيه، ثم اقتناء كتاب “وحي القلم” للأديب الراحل “مصطفى صادق الرافعي”.
كيف استطعت التوفيق بين الكتابة والدراسة والعمل فيما بعد؟
التوفيق المطلق لا أظن أنه وارد، فهناك أوقات تقصّرين فيها في الدراسة لغلبة فكرة ما على ذهنك، وأوقات أخرى تؤجلين البدء في مشروع أدبي أو تضعين رواية في الدرج قبل أن تكتمل لانشغالك بالدراسة والعمل.
- فيما يتعلق بي فقد ساهمت علاقتي المرتبكة والمتعثرة بالكلية في تأجيل وإلغاء كثير من مشاريعي الأدبية، ما زلت أجد أثر هذا الارتباك والتعثر جليا في علاقتي بالكتابة من حيث التفرغ وتوفير الوقت، لكني أحاول أن أسدد وأقارب بقدر ما استطعت.
س:
لماذا تكتبين؟
- هذا سؤال وجودي ويمكن لأي كاتب -خصوصا الروائي- أن يحمّل الإجابة فلسفات كثيرة ومعقدة وأحيانا مبالغ فيها من قبيل أننا نكتب لنجعل العالم أجمل أو لننتصر في قضية ما بطريقتنا الخاصة، عن نفسي أكتب لأن المآسي الشخصية والعامة أقسى من أن يحتملها قلب واحد، ولأن شخوصا كثيرين في رأسي يدقون الجدران في محاولة للخروج؛ وأعتقد أن من أسباب كون الروائي روائيا امتلاكه خيالًا واسعا كمحيط، ولأن الكتابة طريقة مثالية جدا لإثارة أسئلة في واقع يفرض الخمول تجاه قضايا مصيرية، وطريقة مثالية كذلك لتمرير تاريخ المهزومين للجيل التالي لتكون لديه نسخة من التاريخ لم يكتبها المنتصر.
- الكتابة لا شك خيار شخصي بحت، وقد يبدو القول بأسباب أو دوافع أخلاقية للكتابة مثالية أكثر من اللازم، لكنني أؤمن أن الكتابة من أجل الكتابة وفقط لن تكون إلا محاولة مني لحشو فراغ، الكتابة (بما تشتمل عليه من لغة وخيال وأسلوب وغيره) هي الأداة التي تمكنك من التعبير عن فكرة موجودة لديك مسبقا، وإلا فالبحث عن فكرة أو قضية لتكتبي عنها سينزع عنها مصداقيتها وربما قابليتها للإقناع.
- وبناء عليه يمكن القول أنني أكتب لأن لديّ الكثير جدا مما أريد قوله قبل أن أعرف الكتابة كطريقة لفعل ذلك.
س:
لمن تهدين كتاباتك الأدبية؟
- لكل الذين ساهموا في أن تُكتب، ولكل من يفهمها أو يهتم بما أريد قوله، ولكل من تلمس فيه شيئا ما أو ترمم لديه شعورًا مكسورًا أو تُصلح فكرة محكومة بالعطب.
س:
ذكرت احترافك الكتابة منذ عام (٢٠١٥) فما الذي عطلك كل هذا الوقت كي تخرج روايتك الأولى للنور؟
- لا أقول احترافا لأن هذا التعبير مُشوش بالنسبة لي، ولكن بدأت التفكير جديا في الكتابة (كالشيء الرئيس الذي أود فعله في حياتي) في( 2015)، تأخرت في خطوة النشر لأنني كنت مترددة جدا في استحقاق ما أكتب لأن يُنشر، خفت من التبعة والمسؤولية، إلى جانب أنك تستغرقين بعض الوقت حتى تنضج شخصيتك الأدبية إلى حد ما، ما يعني أن عام ( 2015) كان بداية التفكير في الكتابة كفعل منتظم لا بداية الجاهزية للنشر.
س:
انتشرت ظاهرة كتابة الرواية في أسبوع وأحيانا أقل؟ ما وجهة نظرك بهذا الموضوع؟
- أعتقد أن الوقت الذي تستغرقه كتابة الرواية ليس مقياسًا للجودة، إذا كان العمل جيدًا وله ما يميزه فلا فرق إن كُتب في يومين أو في عشر سنين، ما يهم القارئ هو القيمة، ومن أجل القيمة سيُحاكم الكاتب إذا كان العمل رديئًا وسيسأله القارئ لماذا لم تأخذ الوقت الكافي؟ أما إذا كانت روايةً جيدةً ومميزة فإنه سيعتبر قصر وقت كتابتها عبقرية أو طوله مجهودًا عظيمًا من قبل الكاتب للخروج بعمل جميل.
س:
ما رأيك في الدروس والدورات التي تقام حول فن تعلم أساليب كتابة الرواية في أسبوع؟
- رأيي الشخصي أن هذا سخف وهزل ولا يمكن الإستفادة منه بأي حال من الأحوال.
س: هل فكرت في نشر قصص قصيرة على صفحتك بالفيس بوك لزيادة التفاعل أم تتركين أعمالك للنشر الورقي؟
- في الحقيقة لا أهتم بزيادة التفاعل بهذه الطريقة أو غيرها، لكن أنشر أحيانا قصصا قصيرة على صفحتي، ولا أعتقد أنها من النوع الذي يزيد التفاعل.
س:
كيف استطاعت الكاتبة “شيماء هشام” جمع هذا القدر من المتابعين على وسائل التواصل الإجتماعي؟
- لم أعمد إلى ذلك لأستطيعه ، أعتقد أن الناس يتابعون كل من يعبر عن أشياء لا يستطيعون التعبير عنها في الغالب، ربما كان هذا هو السبب.
س:
ما رأيك في الأقلام النسائية المتواجدة على الساحة الأدبية؟ ومن منهن الأقوى أدبيا من وجهة نظرك؟
- أنا غير مُطّلعة للأسف على أعمال الكتاب الحاليين؛ ليس لشيء إلا لتأخري في قراءة الأدب وإلزام نفسي بقائمة مزدحمة جدا.
- لكنني لا أحب تصنيف الأدب الجيد إلى نسائي ورجالي، وإن تكن هناك كتابات لنساء تحتّم هذا التقسيم لدورانها في فلك المشاعر الأنثوية ورؤية المرأة للرجل والعالم وقصص الحب التي تنتهي دائما نهايات سعيدة وما إلى ذلك.
- بالطبع هناك كاتبات على الرأس طبعا، لم أطلع على كتاباتهن اللهم إلا قليلات منهن كالروائية الجميلة “رضوى عاشور” ، ومع حبي لكتابتها لا أحب أن أسميها قلمًا نسائيا، هي أديبة وحسب، لأن تعبير “قلم نسائي” يفترض طبيعة معينة للمكتوب سواء من حيث الأسلوب أو القضايا المتناولة أو اللغة، وهذا ليس صحيحا بالضرورة، فالأدب هو أدب فقط سواء كتبه رجل أو امرأة، وكما لا يوجد أدب رجالي لا يوجد كذلك أدب نسائي. يمكننا القول:” أدباء وأديبات” .
- هناك أيضا الروائية الكويتية “بثينة العيسى” ، أحببت كثيرا ما قرأت لها، لكنها في رأيي روائية ولا أسميها قلما نسائيا، لأنها وغيرها من الكاتبات المُجيدات والأديبات لا يكتبن للنساء فقط أو عن النساء فقط، وربما لو مسحتِ اسم إحداهن عن غلاف روايتها صعُب عليكِ تخمين جنس الكاتب.
س:
لم أقصد بالقلم النسائي أن تكون الأديبة متبنية فكرة التعبير عن النساء، قصدت تواجد الأديبات في العموم فهل أخذن حقهن في التواجد؟
- العمل الجيد يفرض نفسه، لا أعتقد أن هناك أديبة أو روائية في زمننا هذا تُسلب فرصة الظهور أو التواجد لأنها امرأة، إن حدث هذا فأظنه لأسباب أخرى غير جنسها.
س:
برأيك كيف يستطيع الكاتب التعبير عن نفسه والظهور وسط هذا الزخم والمنافسة الشرسة بين الكتاب؟
المسؤولية هنا تقع على دور النشر أكثر من الكُتاب، الكاتب فعل ما يستطيعه بكتابة عمل جيد، وظيفة دار النشر أن تنضبط معاييرها لاختيار ما تنشر، فتُعلي الجودة والموهبة على ما سواهما، وهذا مُفتقد جدا للأسف، فلو استثنينا دور النشر محترفة النصب فإن كثيرا من الدور المحترمة ليس لديها الصبر الكافي لتصنع شهرة كاتب منذ البداية، تجدين ميلا واضحا للكاتب المشهور “جاهزًا” بغض النظر عن قيمة المكتوب، آمل أن يتغير هذا قريبا، وأن يكون القارئ أكثر وعيا وأن يبحث عن الجودة والقيمة، وهذا ما يمكن أن يغير الوضع القائم.
س:
هل يمكن أن يستغل الكاتب المبتدئ السوشيال ميديا لصالحه؟
- طبعا، لكن بدون أن يتبع أساليب مبتذلة أو تحط منه ومن عمله، مثل أن يتسول القراء أو أن يدعو صراحةً لشراء كتابه.
س:
ما الخطأ في الترويج لعمله؟
- هو بهذا التصرف يكون عمله “مُسوّقًا” لكتابه وليست وظيفة الكاتب أن يُسوّق عمله، الدعاية من مهام دور النشر والمكتبات، إلى جانب أن زخم الأعمال التي تُنشر اليوم يجعل دعوة الكاتب للناس أن يشتروا عمله طريقة رديئة جدا وحرصًا مذمومًا -في رأيي الشخصي- على الحظوة بمكان، الكاتب ليس تاجرًا يدل على بضاعة.
س:
ماذا يفعل إذا كانت دور النشر لديها كم هائل من الأعمال ولم تقدم لعمله دعاية وخصوصًا إذا كان كاتبا مبتدئا؟
- يمكنه أن ينشر مقتطفات من عمله بهدوء وبدون تسول اهتمام.
س:
هل يمكن أن يشترك الكاتب المبتدئ في تجربة الكتاب المجمع كبداية له؟
- الكتاب المجمع -في رأيي الشخصي- لا يُعول عليه كخطوة مطلقا.
س:
ما هي الخطوات التي يجب عليه أن يخطوها إذا وصولا للنجاح؟
- في البداية يقوم بعرض كتاباته على قراء يثق في ذائقتهم ويستمع لرأيهم، وإذا احتاج العمل على موهبته أكثر فليفعل، وعندما ينتهي من كتابة عمل جيد بالنسبة له وبشهادة مستشاريه الموثوقين تأتي خطوة البحث عن ناشر.
س:
ما رأيك في معرض الكتاب هذا العام من حيث التنظيم والأعمال المشاركة؟
- بالنسبة لي كان أفضل معرض كتاب ذهبت إليه حتى الآن، لم أقتنِ شيئا يذكر من إصدارات هذا العام لكن هناك طفرة واضحة في الاهتمام بأغلفة الكتب وأسمائها، إضافة إلى أن التنظيم كان جيدا إلى حد بعيد، وهذا ما جعل تجربة المعرض هذا العام ممتعة جدا.
س:
لمن تقرأين من الأدباء؟
- أحب القراءة “للرافعي”، وفي الرواية “لنجيب محفوظ” و “خيري شلبي” و “غسان كنفاني” و “عبد الرحمن منيف” و “رضوى عاشور”.
- ومن الأحياء تعجبني كتابات “ماجد طه شيحة” و “سعود السنعوسي” و “زياد خداش” و “عبد الله ناصر” و “أحمد إبراهيم إسماعيل” و “عبد اللطيف السعد ” و “بثينة العيسى “، مع حفظ الألقاب للجميع.
- وفي الأدب المترجم أحب دوستويفسكي وساراماجو وماركيز وملڤل وقسطنطين چورچيو وإيزابيل ألليندي، القائمة طويلة.
س:
ما هو الكتاب الذي تنصحين بقراءته؟
- هذا سؤال فضفاض جدا، بطبيعة الحال سأنصح كل يوم بالكتاب الذي قرأته وأعجبني وهكذا لن تنتهي القائمة والكتب كثيرة، لكن كإجابة عامة يمكن أن أنصح بقراءة كل كتاب سمت فكرته وعبّر عنها الكاتب بلغة رشيقة وأسلوب ممتع.
س:
ما هو العمل الذي تمنيتِ أن تكوني مؤلفته؟
- من الصعب أن يحدث هذا؛ لأنني عندما أقرأ كتابا أو رواية أقرأ بشخصيتي كإنسانة وككاتبة لكاتب له شخصية مختلفة، فلا يخلو كتاب من أشياء لو كنت مكان الكاتب لقلتها بطريقة أخرى أو لم أقلها، لكن أحيانا أقرأ كتبا ورواياتٍ أتمنى أن أكتب ما ينافسها جمالا وجودة، حدث هذا مع روايات كثيرة مثل: (العمى) لساراماجو، (المسخ) لكافكا، (المعطف) لجوجول، (رجال في الشمس) لغسان كنفاني وغيرها.
س:
هل تأثرت بقراءاتك للرافعي وغيره من الأدباء من ناحية الكتابة والأسلوب؟
- أعتقد أنني تجاوزت مرحلة التأثر، وهي مرحلة يحاول فيها الكاتب مضاهاة كاتب آخر في أسلوبه ولغته وموضوعاته، حتى ينضج له أسلوب خاص به ولغة تميزه، ويهتم بموضوعات مختلفة حسب تجاربه الشخصية أو تفاعله مع قضايا عصره.
س:
بمَ يتّصف القارئ المفضل لكتاباتك؟
- أحب القارئ المهتم، ذلك الذي ينتبه لأصغر ثقب في النص، يستطيع وضع يده على الأماكن التي حذفتُ منها، وينتبه لكل حفرة في السرد، لكل عثرة في الحوار، لكل محاولة فاشلة مني لرأب صدع ما في الزمن أو الحبكة، قارئ كهذا مقلقٌ لكني أعرف ضروري لتطوري.
س:
ما هي أعمالك المنشورة؟
رواية” السيدة التي حسبت نفسها سوسة” وهي صادرة عن دار المعرفة هذا العام.
س:
ما الذي ألهمك لكتابة رواية “السيدة التي حسبت نفسها سوسة” وسبب اختيارك للاسم؟
- البداية كانت رسالة من أحد شخوص الرواية للشخصية الرئيسة فيها، وطبعا كنت أعرف الموضوع الذي أريد تناوله، ثم في زيارة للقاهرة وتحديدا العباسية رأيت رئيفة في إحدى بنايات المدينة وبدأ كل شيء، كأنما كانت الرواية تنتظر المكان حتى تستجيب شخوصها للكتابة.
- أما عن الاسم فلأنه معبر عن نفسية الشخصية وإلى حد كبير عن قصتها.
س:
ماذا كنت تقصدين بلفظة ” سوسة’ التي وردت بالعنوان؟
مفهومها اللغوي:
- مفرد كلمة “سُوس”، وهي حشرة تداهم البيوت لتتغذى على مخزونها من الحبوب والدقيق وغيرها، وطبعا هي غير مرغوبة في البيت بالمرة.
بالنسبة للمقصد:
- أعتقد أن مقصود الكاتب من اسم الرواية مما يُترك لاستكشاف القارئ.
س:
ما هي رسالتك للقراء بشكل عام والقراء المهتمين بك “المتابعين” بشكل خاص؟
- للقراء بشكل عام: كونوا انتقائيين أكثر، الكتب الجيدة أكثر بكثير مما تتسع له أعمارنا المحدودة، وأمام كل كتاب تافه تضيع إلى الأبد فرصة قراءة كتاب جيد.
- لقرائي بشكل خاص: أتمنى أن تحتفظوا دائما بنزاهتكم، وألا يكون حبكم لشخصيتي الأدبية باعثا لكم على مجاملتي أو عدم تنبيهي لأخطائي؛ لأن تطور الكاتب يحتاج فيما يحتاج حساسية القارئ المتجرد.
س:
ما هي خطواتك القادمة؟
- أعمل على رواية جديدة، لا أعرف ماذا قد تكون الخطوة القادمة غير هذا.
س:
ما هي أمنيات الكاتبة “شيماء هشام” القريبة والبعيدة للمستقبل؟
- أتمنى أن أتفرغ ولو جزئيا للكتابة، وأن أمتلك بيتًا في غابة غير مهجورة، ومكتبة عامرة بكتب منتقاة بعناية.
ختاما نتمنى لك التوفيق والنجاح.
باقة من كتابات الكاتبة “شيماء هشام” الندية العطرة.
كانَ يلتقطُ كتابَ هندسةٍ فراغيةٍ من الرفّ، وكانَ من الخفةِ والصدقِ بحيثُ أخبرَني ضاحكًا بوداعةٍ أنه ما زالَ “حمارًا” في الرياضياتِ وأنه لم يدخل المكتبةَ ليقرأ كتابًا في الهندسةِ الفراغيةِ وإنما ليُكلِّمني. كانَ يسوقُ لي مُلابساتِ عداوتِنا القديمةِ وأنا تحتَ وطأة الدهشة؛ كيف كانَ يُحبُّ شعري ويكرهُ نفسَه لأنه أحبَّ شيئًا ما، أحدًا ما، خالعًا ما سمَّاه له أهلَه “الرجولةَ” وما عرفَ بعدَ الكثير من الخساراتِ الفادحة والسنين أنَّه موتُ القلب، وكيف كانَ يسخرُ مني ليضبطَ ميلَه إليَّ ويُعدِّلَ من وضعِ قلبِه، وكيف أكلَه الندمُ “مثلَ فأرٍ يقرضُ مريضًا بالشللِ يعجزُ عن الاستغاثةِ والنطق” -على حدِّ وصفِه- عندما مدَّ يدَه على الإنسانةِ الوحيدةِ التي يُشعرُه وجودُها أنَّه يريدُ أن يعيشَ ويضحك، وكيف كانت وستظلُّ تلك الإنسانةُ هي أنا!
عندما عرضَ عليَّ الزواجَ ذلك اليومَ أضحكتني طريقتُه، الضحك الذي يُحبُّه القلبُ ويتلبسُ بالسخرية. قالَ لي بجديةٍ فيها شيءٌ من خجلِ تلميذٍ لم يكتب الواجب:
“لا أستطيعُ أن أحلَّ مسائلَ الرياضيات، أنتِ تعرفين أنني كنتُ ذلك التلميذ البليدَ في حسابِ الأعداد، لكنني أستطيعُ أن أحلَّ مسائلَك، كما أنني لم أستخدمِ الحسابَ في حبِّك، أي، كما ترين، ليس مهمًّا”.
“ماتت زينب وتركت عينيها مُشرعتَين مثل سؤالين كبيرين ورباطًا ضاغطًا كانت تلفُّه على ألمٍ في كفِّها اليسرى، ماتت ولم تُخبرْني ماذا أفعل، وأنا بدوري كنتُ مُصرَّةً على رجائها أن تقوم لأني لا أستطيعُ تحملَ فكرة ألا يعود لي صاحبة اسمها زينب بعد الآن، لقد جئنا إلى هنا معًا فلماذا أرجعُ من هنا وحدي؟ لماذا تأتي زينب إلى هنا على قدميها ثم تتمدد أمامي الآن على الأرض؟ لماذا تتركُ لمساتِها باعتيادية على كلِّ شيءٍ في الشقة قبل أن نأتي ثم لا تعود إلى تلك الشقة أبدا؟ لو أنَّ أواخرَ الأشياءِ تتخذُ شكلًا أكثرَ جلالًا واختلافًا عن هذه الاعتياديَّة يا زينب؛ لربما كان استيعابُ الفقد أسهل!”.