حوار مع الكاتب التونسي الأمين السعدي ..
س: هل يمكن أن تخبرنا بلمحة عن نشأتك وبداياتك؟
- (لمحة عن البدايات):
- اسمي (الأمين السعدي) .
- ولدت بقرية “الشهب” من معتمدية “جلمة” ولاية “سيدي بوزيد” بالوسط التونسي في العاشر من مايو عام( 1983م).
- درست المرحلة الإبتدائية في مدرسة (القلال) بمعتمدية “جلمة” ، ثم المرحلة الثانوية وبعد ذلك تحصلت على شهادة البكالوريا في شعبة الآداب سنة(٢٠٠٦م).
- التحقت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان، ثم تحصلت على الأستاذية في اللغة والآداب والحضارة العربية سنة(٢٠١١م).
- حصلت على الماجستير في الحضارة العربية بنفس الكلية.
س: ما هي مواهبك؟
س: ما هي هواياتك؟
- منذ كنت صغيرًا في مرحلة التعليم الإبتدائي كنت مغرما بالمطالعة كثيرًا، حيث كنت ألتهم القصص القصيرة وأدب الأطفال التهامًا عجيبًا، وكنت متميزًا جدًا في مادة الرياضيات.
س: كيف كنت تقضي أوقات فراغك؟
- أعشق كرة القدم، لذلك كنت أقضي أغلب أوقات فراغي في لعب الكرة والمطالعة.
س: كيف اكتشفت قدراتك الإبداعية في الكتابة؟ ومتى كان ذلك؟
- في الحقيقة مغامرة الكتابة بدت جلية بوضوح في كتابتي للشعر عندما كنت تلميذًا بالمعهد الثانوي، حيث كنت أقوم بنشر محاولاتي الشعرية بالجرائد التونسية.
- أتذكر أنني كلما قرأت قصة أو رواية، أتركها جانبا ثم أكتب ما بقي في ذهني منها، وأقوم بإضافة بعض الأحداث من خيالي الخاص إلى أحداثها، فأتخيل نهاية أخرى لأحداثها، مخالفة لتلك النهاية التي وضعها كاتبها.
- منذ الصغر تزدحم في رأسي أشياء عديدة، وتصورات كثيرة للمكان الواحد، حتى إذا تكلم شخص أمامي أقول: ماذا كان سيحصل لو تحدث بطريقة أخرى؟ ولماذا لم يقل كذا عوض عن كذا…؟
س: ما الذي أثر في تكوين وجدانك الأدبي؟
- كنت أجلس وقتًا طويلاً مع جدتي تحدثني عن الحروب، والصراعات، ومغامرات الأجداد…
- كذلك كانت أمي تقوم بنفس الدور معي، تحدثني عن مغامرات أبي وشيوخ القرية ونسائهم…
- والغريب أنني كنت أعشق التحوير في الحكاية التي أسمعها منهما عندما أحدث بها صديق لي…
- كل هذا جعلني أعشق الكتابة، وقد فرضت نفسها كتجربة إجرائية خلال سنوات الدراسة الجامعية.
س: متى كانت بدايتك الفعلية ككاتب روائي؟
- أرى أن بدايتي الفعلية في كتابة الرواية جاءت في سنوات الدراسة بالمرحلة الجامعية، ولكنني لم أقم بنشر روايتي الأولى “ضجيج العميان” إلا في عام (٢٠١٨ ).
س : لمن تقرأ من الأدباء؟
* أقرأ للجميع دون استثناء، ولكن أميل إلى النصوص الوصفية في البداية، وقد أتت فترة اقتصرت فيها على قراءة أعمال “جبران خليل جبران” ، شغفت بها حد الهوس، ومع التقدم في العمر اكتشفت أنها أعمال تغيب عنها الحبكة القصصية، وأنها أعمال لا تعبر عن وجع الإنسان وقضاياه المتعددة، فهي مجرد خواطر تهتم بالعاطفة والوجدان في الغالب.
* دفعني ذلك إلى إكتشاف عالم آخر من القصص، فكنت أتردد على أعمال دوستويفسكي، وفغتريغو، ومحمود المسعدي، وطه حسين وغيرهم…
س: ماذا يمثل لك الشعر؟ حوار مع الكاتب التونسي الأمين السعدي
* الشعر هو ديوان العرب، وقد أسس لحضارة كانت تقود العالم.
* هو أول الفنون العربية وأكثرها ثباتًا في التاريخ…
* علاقتي به هي علاقة عشق أبدية، وقد كانت بدايتي في الأدب مرتبطة بالشعر، أحفظ الكثيرمن الأشعار، وخاصة لأبي الطيب المتنبي ومحمود درويش ونزار قباني…
* ولكن هذا العصر هو عصر الرواية بإمتياز، وذلك لأن الحراك الاجتماعي والتحولات الجذرية في الحضارة والثقافة أثرت كثيرًا على الشعر، وجعلته يتراجع من حيث التأثير، على الرغم من كثرة الإنتاج العربي في النظم…
* سيعود الشعر إلى مكانته المعهودة ولكن ليس الآن ، فمن يريد أن يقرأ فما عليه إلا الخوض في الرواية لأنها تعبر بشمولية مطلقة عن هموم الإنسان وتطلعاته…
س: ماهي القضايا التي تتبناها في كتاباتك؟
- الأديب هو ضمير زمانه المعذب، حامل هموم مجتمعه وقضايا عصره…
- يجب أن يلعب الأديب دور المراقب لجميع الأشياء، فهذا هو الأديب الفعلي والمثقف بصفة عامة، أرى أنه هو المسؤول عن كل ما يحدث، مثل انتشار الفقر، وغياب العدل، وظلم الحكام، وتفشي الرداءة وكلها نتيجة لتقصير الأديب والمثقف بصفة عامة…
- لذلك تناولت كتاباتي كل ما يهم المجتمعات العربية والإنسانية بصفة عامة…
- كتبت عن علاقة الإنسان بذاته وبالآخر وبالطبيعة وبمؤسسات الدولة والسلطة، والجدلية العقيمة بين المثقف العربي والسلطة، الحب ودوره في المجتمع…
- طرح قضية المرأة في جانبها العقلي، وخاصة لأن المرأة عقل قبل كل شيء، الأرض والحياة، السلم والحرب..
- أكتب في العموم عن القضايا المهملة والمسكوت عنها والمنسية، فأسلط الضوء عليها…
س: هل للأديب أن يتأثر بما حوله من أوضاع اقتصادية، سياسية، اجتماعية أم عليه أن يفصل بين كونه مواطن وكونه كاتب؟
- الأديب هو مواطن بالأساس، وكما سبق وذكرت أن الأديب مسؤول عن كل شيء في وطنه، أخطاء العلم وأخطاء الساسة وغياب العدل وتفشي الطبقية…
- الأديب هو المراقب وهو داحض الجفاف والعقم ومنتج الخصب والسعادة…
- الأديب هو المؤثر والمتأثر، ولا يمكن الحديث عن أديب وأدب خارج هذا العالم، عالم الإنسان والإنسانية…
س: ما هو رأيك في حال الأدب في تونس في الفترة الأخيرة؟
- وضع الأدب في تونس في العقود الأخيرة وخاصة في عشرية ما بعد الثورة هو وضع مد وجزر، فوجدنا كثرة في الإنتاج، ثم استثناءات في المهارة وتحمل هموم المجتمع، وهناك من أحسن التفاعل مع اللحظة، لكن مع الأسف الأغلبية مازالت متورطة في الماضي وقوالبه العقيمة التي لا تفيد المجتمع ولا الأدب بشيء…
- الأديب التونسي توفرت له أسباب النجاح أكثر من غيره، ولكنه لم يحسن استثمار اللحظة بكل ما للكلمة من معنى، وأظن أن سبب ذلك (السطحية ) في المعرفة ومحدودية الخيال، وعدم فهمه لمتطلبات العصر والمتغيرات التي تحدث في العالم…
- فالأديب يجب أن يكون مطلعا على كل شيء، وأن يكون له زاد كبير من الفلسفة والفكر والسياسة…
- وخاصة معرفته بالعلوم الإنسانية في مختلف أبعادها…
س: هل الكتابة موهبة بالفطرة أم دراسة واجتهاد وذكاء من الكاتب؟
- الكتابة هي فعل إبداعي، يأتي إلينا ولا نذهب إليه، أي أنه موهبة بالفطرة…
- يبقى أن ما يميز كاتب عن كاتب آخر (الفطنة) وحسن فهم الواقع ومتطلباته، وكما سبق وذكرت أنه من أهم شروط الأديب أن يكون مطلع على شتى العلوم والمعارف، وخاصة العلوم الإنسانية والفلسفة، وأن يكون خياله خصب بدرجة أولى..
س: هل قمت بنشر أعمالك الأدبية إلكترونيا أم نشرتها ورقيا فقط؟
- نشرتها ورقيا فقط، وذلك لأن دار النشر هي التي تملك حقوق النشر والتوزيع، وقد تبنت رواياتي ولا علم لي بالتفاصيل…
س: ما هي أعمالك المنشورة؟ حوار مع الكاتب التونسي الأمين السعدي
- – ضجيج العميان(رواية)
- – المنفى الأخير (رواية)
- – ظل الشوك (رواية)
- – تحت الطبع: رواية “مدينة النساء ” ستصدر في شهر سبتمبر(٢٠٢١) عن دار “عليسة” للنشر والتوزيع تونس.
س: هل فكرت في كتابة سيرة ذاتية عنك؟
- السيرة الذاتية للكاتب مبثوثة في جميع أثاره الأدبية…
- أما سيرتي الذاتية بأتم ما للكلمة من معنى أي تخصيص عمل مستقل لا تشغلني كثيرا، ولا أفكر فيها، وقد يحدث وأكتب سيرة ذاتية، وإذا كتبتها ستكون إعترافات مذهلة، أكشف فيها كل الأسرار المتعلقة بحياتي…
س: هل يمكن للروائي أن يؤرخ الأحداث التاريخية (إذا كان يكتب الرواية التاريخية) ويتم الإستناد إليها لمعرفة تاريخ أحد الحقب الزمنية في أي بلد من البلدان؟
- نعم ، وذلك لأن الرواية التاريخية هي نص تاريخي بأسلوب أدبي فني أكثر عمقا…
- الرواية تؤرخ بشكل أو بآخر للحقبة الزمنية التي كتبت فيها، وللأماكن التي اختارها صاحبها محورا للأحداث…
- لذلك تلعب الرواية دورا هاما في حفظ التاريخ، ونقل الأحداث، وبذلك تتضاعف قيمة العمل الروائي بتقدم الزمن…
س: ما هو رأيك في التصنيفات التي ظهرت حديثا للروائيين فوجدنا(الرعب، الفانتازيا، التاريخ….وهكذا؟
- الرواية هي أكثر الأجناس الأدبية تعقيدا وعمقا، فهي الفضاء الذي يمكننا من قول ما نريد بحرية تامة بشرط عدم المساس بحرية الآخرون.
- بالطبع الرواية تتقدم مع تقدم الزمان فتأخذ اشكالًا عديدةً، وألوانا مختلفة، مرتبطة بقدرة الأديب على انتاج منهجه الخاص في كتابة نصه…
- أما التسميات في رأي ليست مهمة كثيرًا، وهي من اختصاص النقاد بدرجة أولى…
س: ما هو رأيك في الكتاب الشباب هل وجدوا الدعم الكافي لإبراز مواهبهم؟
- في الحقيقة هناك معاناة كبيرة، وصعوبات شتى يواجهها الشباب العربي مع إصدار أولى تجاربهم الكتابية، خاصة وأن هذا الأمر تختلف حدته من بلد إلى بلد آخر…
- وذلك الأمر مرتبط شديد الإرتباط بمدى اهتمام الدولة بمبدعيها خاصة الشباب…
- أُحدثك عن بلدي تونس مثلاً الأمر هنا صعب ومرهق جدًا..
وهذا يحدث مع العديد من المواهب وأراه بعيني…
لا أعرف ما هي وظيفة وزارة الثقافة في البلدان العربية؟!!
الحقيقة هو سؤال محير !!!
س: ما هي مشاريعك القادمة في الكتابة؟
- كما ذكرت سابقًا ستصدر روايتي الجديدة “مدينة النساء” في شهر سبتمبر(٢٠٢١) عن دار “عليسة” للنشر والتوزيع.
وستكون مفاجئة سارة في جميع تفاصيلها.
وستكون متوفرة في جميع البلدان العربية.
س:ما هي أمنياتك للمستقبل؟
- أمنياتنا أن تنهض الشعوب العربية بعد هذا السُبات الطويل، لأن الشعوب هي التي تصنع الحضارات…
- وأن يعي المثقف العربي أن دوره يتجاوز الصالونات والمسارح وغيرها من الفضاءات…
- المثقف هو ابن المجتمع وهو المسؤول الأول عن نشر المعرفة ورسم مناهج فاعلة في التربية والتعليم والسياسة…
- يجب أن يخوض المثقف العربي عمليًا في كل ما يهم مجتمعه ووطنه…
- وأود أن أشكركم على اهتمامكم بالأدب والأدباء من أجل مجتمع عربي أكثر نضجًا ووعيًا…