قصائد أدونيس والتي استطاع من خلالها الشاعر والناقد والمفكر العبقري السوري ” علي أحمد سعيد اسبر” وقد سمي بهذه الاسم نسبة للاسطورة الفينيقية أدونيس وقد نال العديد من الجوائز العالمية، كما أنه عضو الهيئة الاستشارية لموضوع كتاب في جريدة، وهو من الكتاب القلائل الذي تم ترجمة أعماله الى ما يقارب من 13 لغة، كما أنه لم يقتصر في كتابته على التنظير فقط، بل كانت كل مواقفه هي مواقف تساؤلية تجعل القارئ يبلغ الرضا والبهجة، وسوف نستعرض بعض من تلك القصائد.
شعر أدونيس في الحب
وهكذا كان هناك له الكثير من الأقوال الرائعة التي قدمها أدونيس عن الحب والتي منها:.
- لست متشائماً. أنا ثائر على كل شيء، والمتشائم لا يكون ثائراً بل يكون منهزماً. وأنا القائل: يرق لي تمرّدي فأشتهي تمرّداً حتى على التمردِ.
- ا تقطع صديقاً وإن كفر , و لا تركُن إلا عدوِّ و إن شكر .. تعاشروا كالإخوان , وتعاملوا كالأجانب ..
- لا تُمازح الدنيء فيجترئ عليك
- أنت لا تكرهني ، أنت تكره الصورة التي كونتها عني ، وهذه الصورة ليست أنا إنما هي أنت
- قُل دائماً: لا. ربما لا تليق كلمة نعم، إلا بذلك الزائر الأخير: الموت.
- هل أقول لليلى غِبتِ ، لكن وجهكِ يأتي ويذهب في مقلتي ؟
- وقصيدة “حب” وقال فيها : يُحبّني الطريقُ والبيتُ .. وجرّةٌ في البيت حمراءُ .. يعشقها الماءُ .. يحبّني الجارُ .. والحقل والبيدر والنارُ .. تحبّني سواعدٌ تكدحُ .. تفرح بالدنيا، ولا تفرحُ ..ومِزقٌ منثورةٌ من أخي .. من صدره المرتخي .. يخبئها السنبل والموسمُ .. عقيقةً يخجل منها الدّمُ .. كان إله الحبّ مُذْ كنتُ -ما يفعل الحبّ، إذا متّ ؟
قصيدة وجه أمرأة
- سكنتُ وجه امرأَة تُحبُّ أن تكونْ
في دميَ المُبحر حتى آخر الجنونْ
مَنارةٌ مطفأة .. سكَنتُ وجه امرأة
تَسكنُ في موجةٍ
يقذفها المدُّ إلى شاطئٍ
ضيَّع في أصدافه مرفأه.
سكنتُ وجه امرأَة
تُميتني، تُحبُّ أن تكونْ
في دميَ المُبحر حتى آخر الجنونْ
مَنارةٌ مطفأة.
شعر أدونيس عن الوطن
أرض بلادي.. كنتُ في وعيها وكنت نجواها وأعماقها ، أَبدؤُها
أعيدُها في دمي وفي فمي براعماً ، أوديةً ، أحجرا ،
أنقلها للورى ، رسالةً تُريه ما لا يُرى .
أرض بلادي قصّةٌ لم تزل تقلبُ كفُّ الكون أوراقها ، تحملُها الشمس ، فإن أغْلِقتْ آفاقُها ، تفتحُ آفاقَها … خلاّقتي فأيّ شيءٍ أنا إن لم أكن بالحبِّ خَلّاقَها.
قصيدة قالت الأرض
قالت الأرض في جذوري أبادُ
حنين، وكلُّ نلضي سؤالُ
بيَ جوعٌ إلى الجمال، ومن صدريَ
كان الهوى، وكان الجمالُ
ماليَ اليوم أستفيقُ، فلا حقلي
نضيرٌ، ولا تلالي زواهِرْ
لا النواطير يسمرون مع النّجم
ولا الضوء راتعٌ في المحاجرْ
أنا كنزٌ مخبّأٌ، أين أبنائي
فكلّي صوتٌ، وكلّي حناجرْ.
ربّما أنهكتْهمُ ضربةٌ عمياءُ
فاستسلموا لها واستلانوا
ربّما أُلبسوا ثياباً سَرَت فيها
أكفُّ الأوثان، والأوثانُ
ربما..ربما، كأن الحروف السود
صُمّت في وقعها الآذانُ
فكأن لم أطلعْ على الأرض ميلاداً
ةيُخلقْ من صدرَ الإنسانُ.
قُمْ مع الشمس يا شبابي، وحرِّكْ
عالماً ساهِمَ البصيرة، جامِدْ
أنتَ علّمته الحياة قديماً
وستبقى له دليلاً ورائدْ
أنا سوّيتُ من عروقيَ أبنائي
وربّيتهم ذرىً وجبالا
يتسامحون فالطموح مدىً جدبٌ
ويحيون في الزمان مثالا
أنا سوّيت من عروقي أطفالي
وسوّيتُ فيهمِ الأطفالا.
قصائد أدونيس قبر من أجل نيويورك
ومن أجمل قصائد أحمد سعيد أسبر أيضا كانت “قبر من أجل نيويورك”، والتي كتب فيها :.
حتى الآن، تُرسم الأرض إجَّاصةً .. أعني ثدياً
لكن، ليس بين الثدي والشاهدة إلا حِيلةٌ هندسية:
نيويورك،
حضارةٌ بأربعِ أرجل؛ كلّ جهةٍ قتلٌ وطريق إلى القتل،
وفي المسافاتِ أنين الغرقى.
نيويورك،
امرأةٌ- تمثال امرأةٍ
في يدٍ ترفع خِرقةً يسميها الحريةَ ورقٌ نسمّيه التاريخ
وفي يدٍ تخنق طفلةً اسمها الأرض
نيويورك،
جسدٌ بلونِ الإِسفلت. حول خاصرتها زنّارٌ رطب، وجهها
شبّاك مغلق…قلت: يفتحه و ولت ويتمان –” أقول كلمة
السر الأصلية”- لكن لم يسمعها غير إله لم يعد في مكانه.
السجناء، العبيد، البائسون، اللصوص، المرضى يتدفقون
من حنجرته، ولا فتحة، لا طريق. وقلت جسر بروكلين!
لكنه الجسر الذي يصل بين ويتمان ووول ستريت، بين
الورقة- العشب والورقة- الدولار…
نيويورك –هارلم،
من الآتي في مقصلةِ حريرٍ، من الذاهب في قبرٍ بطولِ
الهدسون؟ انفجرْ يا طقس الدمع، تلاحمي يا أشياء التعب.
زرقةٌ، صفرةٌ، وردٌ، ياسمينٌ و الضوء يسنّ دبابيسه، وفي
الوخز تولدُ الشمس. هل اشتعلتَ أيها الجرح المختبئ بين
الفخذ والفخذ؟ هل جاءك طائر الموت وسمعت آخر
الحشرجه؟ حبلٌ، والعنق يجدل الكآبة وفي الدوم سويداء
الساعة…
نيويورك- ماديسون- بارك افينيو- هارلم،
كسلٌ يشبهُ العملِ، عملٌ يشبه الكسلِ. القلوب محشوةٌ
إسفنْجاً والأيدي منفوخةٌ قصباً. ومن أكداسِ القذارة وأقنعة
الامبايرستيت، يعلو التاريخ روائح تتدلّى صفائح صفائح:
ليس البصر أعمى بل الرأس،
ليس الكلام أجردَ بل اللسان.
نيويورك –وول ستريت- الشارع 125- الشارع الخامس
شبحٌ ميدوزيٌّ يرتفع بين الكتف والكتف. سوق العبيد من
كل جنس. بشرٌ يحيون كالنبات في الحدائق الزجاجية.
بائسون غير منظورين يتغلغلون كالغبار في نسيجِ الفضاء-
ضحايا لولبية،
الشمسُ مأتمٌ
والنهارُ طبلٌ أسود.
أجمل قصائد أدونيس
قصيدة لغة للمسافة
- بيننا لغةٌ للمسافة يجهل ألفاظها سوانا .. أمسِ تحت المحاجر سافرتُ تحت الغُبارْ
فسمعتُ صدانا .. وسمعتُ انهيارَ الحدودْ .. ورجعتُ، وقيل نسيتُ هنالكَ،
مِن دهشةٍ، خُطواتي .. خطواتي؟ بلَى وَكأنّي أراها .. حُرَّةً تَتنقَّل بين الشرايين بين الرّئاتِ
وتطوف الحنايا وتنقادُ .. مذهولةً أو تحارْ .. في ثنايا الخواصر في الجلْد
في هُوّةٍ لا تراها .. وكأني أراها .. بعد هذا تعودْ.
ستمرّ، ولن تلمحو، خُطواتي .. بيننا لغةٌ للمسافة يجهل ألفاظها سوانا.
تميزت قصيدة أدونيس ” وقت بين الرماد والورد” بانها قصيدة جمعت بين كلا من “مقدمة تاريخ الملوك الصغار” و” هذا هو اسمي” وبعد عدة سنوات قام بإضافة “قبر من أجل نيويورك” والتي سردنا منها جزء سابقاً، وودائما كان يقال عنه انه رافض للتراث الفكري العربي، ولكن إذا نظرت ستجد ان تفكيره منصب على تعدد التراث العربي، كما أنها كرس وقته لمسألة الحداثة، علاوة على انه أثبت أن التراث الادبي مثله مثل الأعمال الأدبية يجب ان يتم بشكل مستمر لها إعادة تقييم.
علاوة على الكثير من القصائد الشعرية التي قدمها أدونيس بشكل محترف جعلت منه شاعر كان دائما مرشح للحصول على جائزة نوبل، كما فاز بجائزة جوته الألمانية، ومن أهم القصائد التي لم يتم ذكرها هنا:.
- وقصائد أولى (1957) _ أغاني مهيار دمشق (1961) – كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل (1965) – المسرح والمرايا (1968) – وقت بين الرماد والورد (1971) – مفرد بصيغة الجمع (1975) – كتاب الشبهات والبدايات 1980 – كتاب الحصار (1985) – شهوة تتقدم في خرائط المادة (1987)» «احتفاء بالأشياء الغامضة الواضحة (1988) – أبجدية ثانية (1994) – تنبأ أيها الأعمى (2003) – أول الجسد، آخر البحر (2003) – وراق يبيع كتب النجوم (2008).
قصيدة الجرح
- وقد أبدع أيضاً في قصيدة الجرح والتي قال فيها:.
الورقُ النائم تحت الريحْ
سفينةٌ للجرحْ
والزّمَنُ الهالك مجدُ الجرحْ
والشّجر الطالع في أهدابنا
بحيرةٌ للجْرح.
والجرحُ في الجسورْ
حين يطول القبْرْ
حين يطول الصيّرْ
بين ضِفافِ حبنا موتنا، والجْرحْ
إيماءةٌ والجرحُ في العبو
للّغة المخنوقة الأجراسْ
أمنح صوت الجُرحْ
للحَجر المقبل من بعيدْ
للعالم اليابسِ لليباسْ
للزمن المحمول في نقّالة الجليدْ
أشعل نار الجرح؛
وحينما يحترق التاريخ في ثيابي
وتنبت الأظافر الزرقاء في كتابي
وحينما أصيحُ بالنهارْ –
من أنتَ، من يرميك في دفاتري
في أرضيَ البتولْ؟
ألمح في دفاتري في أرضيَ البتول
عينين من غبارْ
أسمع من يقولْ:
“أنا هو الجرح الذي يَصيرْ
يكبر في تاريخك الصغيرْ”.
سمّيتكَ السحابْ
يا جرحُ يا يمامَة الرحيلْ
سميتُك الريشة والكتابْ
وها أنا أبتدئُ الحوارْ
بيني وبين اللغة العريقَهْ
في جُزُر الأسفارْ
في أرخبيل السّقْطةِ العريقه
وها أنا أعلّم الحوارْ
للريح والنخيلْ
يا جرحُ يا يمامةَ الرحيلْ.