قصائد الحكمة والفلسفة في الشعر العربي القديم من اهم الكتابات التي تحاكى بها الشعراء على مر العصور، ولاسيما الحكمة لما تضمنتها تلك القصائد من الكثير من النصائح التي عمل بها الكثير من الناس، فنجد من أشهرهم عمر الخيام، أبو العلاء المعري، الحافظ ابراهيم بن الأمين الشاطبي، بالاضافة للكثير من الشعراء في العصر العباسي مثل حبيب بن أوس بن الحارث الطائي والشهير بأبو تمام، أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي والشهير بالمتنبي لادعائه النبوة، الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني، والكثير من الشعراء الذين اشتهروا بأبداعاتهم الكتابية.
قصائد الحكمة والفلسفة في الشعر العربي القديم
المتنبي أو “أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي“ لقب بشاعر العرب، حاز بمكانىة عالية عند الناس ووسط الشعراء، وكتب الكثير من القصائد ومنها:
قصيدة لا افتخار إلا لمن لا يضام
لا افْتِخارٌ إلاّ لمَنْ لا يُضامُ مُدْرِكٍ أوْ مُحارِبٍ
لا يَنَامُ لَيسَ عَزْماً مَا مَرّضَ المَرْءُ فيهِ
لَيسَ هَمّاً ما عاقَ عنهُ الظّلامُ واحتِمالُ الأذَى
ورُؤيَةُ جانِيـ ـهِ غِذاءٌ تَضْوَى بهِ الأجسامُ
ذَلّ مَنْ يَغْبِطُ الذّليل بعَيشٍ رُبّ عَيشٍ أخَفُّ منْهُ الحِمامُ
كُلُّ حِلْمٍ أتَى بغَيرِ اقْتِدارٍ حُجّةٌ لاجىءٌ إلَيها اللّئَامُ
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ
ضاقَ ذَرْعاً بأنْ أضيقَ بهِ ذَرْ عاً زَماني واستَكرَمَتْنِي الكِرامُ
واقِفاً تحتَ أخمَصَيْ قَدْرِ نَفسي واقِفاً تحتَ أخْمَصَيّ الأنَامُ
أقَراراً ألَذُّ فَوْقَ شَرارٍ ومَراماً أبْغي وظُلْمي يُرامُ
دونَ أنْ يَشرَقَ الحِجازُ ونَجْدٌ والعِراقانِ بالقَنَا والشّامُ
شَرَقَ الجَوِّ بالغُبَارِ إذا سَا رَ عَليُّ بنُ أحْمَدَ القَمْقامُ
الأديبُ المُهَذَّبُ الأصْيَدُ الضّرْبُ الذّكيُّ الجَعدُ السّرِيُّ الهُمامُ
والذي رَيْبُ دَهْرِهِ مِنْ أسَارَا هُ ومِنْ حاسدي يَدَيْهِ الغَمامُ
يَتَداوَى مِنْ كَثْرَةِ المَالِ بالإقْـ ـلالِ جُوداً كأنّ مَالاً سَقَامُ
حَسَنٌ في عُيُونِ أعْدائِهِ أقْـ ـبَحُ من ضيْفِهِ رأتْهُ السَّوامُ
لوْ حَمَى سَيّداً منَ المَوتِ حامٍ لَحَماهُ الإجْلالُ والإعْظامُ
وعَوارٍ لَوامِعٌ دِينُهَا الحِـ ـلُّ ولَكِنّ زِيَّها الإحْرامُ
كُتبَتْ في صَحائِفِ المَجْدِ: بِسْمٌ ثمَّ قَيسٌ وبعدَ قَيسَ السّلامُ
إنّما مُرّةُ بنُ عَوْفِ بنِ سَعْدٍ جَمَراتٌ لا تَشْتَهيها النَّعامُ
لَيلُها صُبْحُها مِنَ النّارِ والإصْـ ـبَاحُ لَيْلٌ منَ الدّخانِ تِمامُ
هِمَمٌ بَلّغَتْكُمُ رُتَبَاتٍ قَصُرَتْ عَنْ بُلُوغِها الأوْهامُ
ونُفُوسٌ إذا انْبَرَتْ لِقِتَالٍ نَفِدَتْ قَبْلَ يَنْفَدُ الإقْدامُ
وقُلُوبٌ مُوَطَّناتٌ على الرّوْ عِ كأنّ اقْتِحامَهَا استِسْلامُ
قائِدو كُلّ شَطْبَةٍ وحِصانٍ قَدْ بَراها الإسْراجُ والإلجامُ
يَتَعَثّرْنَ بالرّؤوسِ كَما مَرّ بتاءاتِ نُطْقِهِ التَّمتَامُ
طالَ غشْيانُكَ الكَريهَةَ حتى قالَ فيكَ الذي أقُولُ الحُسَامُ
وكَفَتْكَ الصّفائِحُ النّاسَ حتى قد كَفَتْكَ الصّفائحَ الأقْلامُ
وكَفَتْكَ التّجارِبُ الفِكْرَ حتى قَدْ كَفاكَ التّجارِبَ الإلْهَامُ
فارِسٌ يَشتَري بِرازَكَ للفَخْـ ـرِ بقَتْلٍ مُعَجَّلٍ لا يُلامُ
نائِلٌ منكَ نَظْرَةً ساقَهُ الفَقْـ ـرُ عَلَيْهِ لفَقْرِهِ إنْعَامُ
خَيْرُ أعضائِنا الرّؤوسُ ولَكِنْ فَضَلَتْها بقَصْدِكَ الأقْدامُ
قَد لَعَمري أقْصَرْتُ عَنكَ وللوَفـ ـدِ ازْدِحامٌ
وللعَطايا ازْدِحامُ خِفْتُ إن صرْتُ في يَمينِكَ أن تأ خُذَني في هِباتِكَ الأقوامُ
ومنَ الرُّشْدِ لم أزُرْكَ على القُرْ بِ، على البُعدِ يُعرَفُ الإلمامُ
ومِنَ الخَيرِ بُطْءُ سَيْبِكَ عني أسرَعُ السُّحْبِ في المَسيرِ الجَهامُ
قُلْ فَكَمْ مِنْ جَواهرٍ بنِظامٍ وُدُّها أنّها بفيكَ كَلامُ
هابَكَ اللّيْلُ والنّهارُ فَلَوْ تَنْـ ـهاهُما لم تَجُزْ بكَ الأيّامُ
حَسْبُكَ الله ما تَضِلّ عَنِ الحَـ ـقّ ولا يَهْتَدي إلَيكَ أثَامُ
لِمَ لا تَحْذَرُ العَواقِبَ في غَيْـ ـرِ الدّنَايا، أمَا عَلَيْكَ حَرامُ
كَمْ حَبيبٍ لا عُذْرَ لِلّوْمِ فيهِ لَكَ فيهِ مِنَ التُّقَى لُوّامُ
رَفَعَتْ قَدْرَكَ النّزاهَةُ عَنْهُ وثَنَتْ قَلْبَكَ المَساعي الجِسامُ
إنّ بَعضاً مِنَ القَرِيضِ هُذاءٌ لَيسَ شَيئاً وبَعضَهُ أحْكامُ مِنْهُ
ما يَجْلُبُ البَراعَةُ والفَضْـ ـلُ ومِنْهُ ما يَجْلُبُ البِرْسامُ.
ابيات شعر حكمة قصيرة
ومن قصائد الحكمة والفلسفة في الشعر العربي القديم حين قال الأمام الشافعي:
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ .. وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ
وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي .. فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ
وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً .. وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ
وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا .. وسَركَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب .. يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ
قصائد الحكمة والفلسفة في الشعر العربي القديم للشاعر الحارث بن سعيد بن حمدان
من شعراء العصر العباسي وسمي بـ أبو فراس، وكان من اهم قصائده التي نظمها أثناء اسره هي الروميات، وكتب الكثير من القصائد والتي منها أَبَت عَبَراتُهُ إِلّا اِنسِكابا
أَبَت عَبَراتُهُ إِلّا اِنسِكابا .. وَنارُ غَرامِهِ إِلّا اِلتِهابا
وَمِن حَقِّ الطُلولِ عَلَيَّ أَلّا .. أُغِبَّ مِنَ الدُموعِ لَها سَحابا
وَما قَصَّرتُ في تَسآلِ رَبعٍ .. وَلَكِنّي سَأَلتُ فَما أَجابا
رَأَيتُ الشَيبَ لاحَ فَقُلتُ أَهلاً .. وَوَدَّعتُ الغَوايَةَ وَالشَبابا
وَما إِن شِبتُ مِن كِبَرٍ وَلَكِن .. رَأَيتُ مِنَ الأَحِبَّةِ ما أَشابا
بَعَثنَ مِنَ الهُمومِ إِلَيَّ رَكباً .. وَصَيَّرنَ الصُدودَ لَها رِكابا
أَلَم تَرَنا أَعَزَّ الناسِ جاراً .. وَأَمرَعُهُم وَأَمنَعُهُم جَنابا
لَنا الجَبَلُ المُطِلُّ عَلى نِزارٍ .. حَلَلنا النَجدَ مِنهُ وَالهِضابا
تُفَضِّلُنا الأَنامُ وَلا تُحاشي .. وَنوصَفُ بِالجَميلِ وَلا نُحابى
وَقَد عَلِمَت رَبيعَةُ بَل نِزارٌ .. بِأَنّا الرَأسُ وَالناسُ الذُنابى
وَلَمّا أَن طَغَت سُفَهاءُ كَعبٍ .. فَتَحنا بَينَنا لِلحَربِ بابا
مَنَحناها الحَرائِبَ غَيرَ أَنّا .. إِذا جارَت مَنَحناها الحِرابا
وَلَمّا ثارَ سَيفُ الدينِ ثُرنا .. كَما هَيَّجتَ آساداً غِضابا
أَسِنَّتُهُ إِذا لاقى طِعاناً .. صَوارِمُهُ إِذا لاقى ضِرابا
علي بن العباس بن جريح الرومي والشهير بأبن الرومي
ثم أن ابن الرومي تميز بقصائده الرائعة وكتب الكثير من قصائد الحكمة والفلسفة في الشعر العربي القديم، لقب بالعديد من الالقاب كـ جورجيس، وتميز هذا الشاعر بانه لم يثني على ملك أو شخص إلا ومر الوقت قد وهجاه وقد كان هذا أهم أسباب قتله،ومن أجمل قصائده قصيدة “يا فؤادي غلبتني عِصيانا”
يا فؤادي غلبتني عِصيانافأطِعْني فقد عصيتَ زمانا
يا فؤادي أما تَحنُّ إلى طُوْبَى .. إذا الريحُ هَبَّت الأغصانا
مَثِّلِ الأولياءَ في جنّة الخلْدِ .. إذا ما تقابلوا إخوانا
قد تعالَوْا على أسِرَّة دُرٍّ .. لابسينَ الحريرَ والأرجوانا
وعليهم تيجانُهم والأكاليلُ .. تباهي بحُسنها التيجانا
يتعاطَوْنَها سُلافاً شَمولاً .. في جِنانٍ مجاورَاتٍ جِنانا
يتلقّاهمُ بقولٍ حَفيٍّ .. مرحباً مرحباً بكم رُكبانا
وتجلَّتْ عن وجههِ حُجُبُ النور .. فسبحانَ وجهِه سبحانا
واستفادوا بشاشةً وسروراً .. ينفيانِ الشرورَ والأحزانا
ثم آبوا فاستقبلَتْهُم حِسانٌ .. من بناتِ النعيم فُقْن الحسانا
بوجوهٍ مثل المصابيح لا يَعْرِفْنَ.. إلا الظلالَ والأكنانا
مُرْسلاتٍ على الروادِف منهنْنَ .. فُروعاً تمج مِسكاً وبانا
لو رأى البدرُ بعضَهُنَّ أو الشمْسُ .. لَذلَّا لوجهها واستكانا
فتلقَّينهم بأهلاً وسهلاً .. رافعات إليهمُ الريحانا
كُنَّ بالأولياء مُفتتناتٍ .. ثم زِيدوا نوراً فزِدْنَ افتِتانا
فتراهُنَّ مقبلاتٍ عليهم .. بابتهاجٍ قد عَصْفروا الألوانا
راشفات أفواهَهُمْ رشَفَك الماءَ .. إذا ما شرِبْتَهُ ظمآنا
قائلاتٍ عيلَ التصبُّرُ عنكم .. فانزلوا آن أنْ نراكُمْ وحانا
فَثنوا أرجُلَ النزولِ وحلُّوا .. في المقاصير لابسينَ أمانا
تارةً بعضُهم يزورون بعضاً .. ويزورونَ ربَّهم أحيانا
ثم يَخْلُون بعد ذلك بالحُوْرِ.. إذا ما تشوَّقوا الأوطانا
فهمُ الدهر في سرورٍ جديدٍ .. ليس يخلونَ من سرورٍ أوانا