حوار مع الكاتب المبدع (محمد كمال)
محمد كمال كاتب مميز ومتفرد بصياغته اللغوية القوية، وجزالة ألفاظه، وحسه المرهف، برع في الوصف والسرد وصار على درب الكتاب الكبار، فجعلنا نشعر وكأنه قادم إلينا من زمن الأدب الجميل! معنا في حوار الأمنيات الكاتب المميز صاحب ” الدماء الملعونة” “ولولاها” وأخيرا “تمثال الخزف”
” محمد كمال ” في حوار مميز وشيق، بداية مرحبا بك معنا ضيفا عزيزا.
س: هل يمكن أن تخبرنا عنك أكثر؟
اسمي ” محمد كمال “، عمري ثلاثين عاما، من محافظة الشرقية (مصر)، في 2010 سافرت إلى الأردن وبقيت فيها سبع سنين، وعندما رجعت إلى مصر في عام 2017، سجلت في جامعة القاهرة تعليم مفتوح، وحاليًا أنا في الفرقة الثالثة آداب قسم تاريخ.
س: ما هي مواهبك؟
الكتابة.
س: ماذا تعني الكتابة بالنسبة لك؟ لماذا تكتب؟
كوني إنسان خجول ومنطوي بعض الشيء، جاءت الكتابة فرصة ذهبية للتعبير عن نفسي، ومتنفس لي!. أعبر فيها عن كل ما يجيش في صدري من خواطر وما يجول في نفسي من صراعات. ولا أنكر حب الظهور أيضًا.
س: ما الذي دفعك لتسلك هذا المسار وتدخل عالم الكتابة ككاتب محترف وله بصمة حقيقية؟
كانت لدي بوادر الكتابة منذ صغري وتلك النزعة الكتابية التي تصيب الكتاب أجمعين إن جاز التعبير!. في المرحلة الإبتدائية والإعدادية كنت أكتب خواطر وأشعار وقصص قصيرة ولكن بدون أي ضوابط. كان الأمر هواية بالنسبة لي، كنت أكتب ما يجول في خاطري فقط، وتوقفت فترة طويلة عن الكتابة إلى عام 2016، والسبب في العودة يرجع إلى الإقتباسات القصيرة لبعض الكتاب أمثال “كافكا” “ودوستويفسكي” فقد جذبتني تلك الكلمات القصار!، فقررت أن أقرأ كثيرًا، ثم فكرت أن أعود للكتابة ولكن باحترافية.
كتابة الروايات والقصص
س: ما هو اللون الأدبي المحبب للكاتب محمد كمال ؟
أحب كتابة الروايات والقصص ذات الطابع الاجتماعي فهي تمس شريحة كبيرة من عامة الناس وتساهم في حل الكثير من المشكلات المجتمعية، فالرواية ليست للتسلية فقط وإنما لفائدة مرجوة منها وإن لم تحقق المراد منها وكانت مجرد قصص للمتعة فهي تضيع وقت القارئ.
س: إلى أي مجالات الكتابة تنتمي كتاباتك؟
الكتابة بعمومها وشمولها، فأنا كاتب قصصي وروائي وأكتب خواطر ومقالات وكتبت شعرا فيما مضى وبدون ضوابط، لكني توقفت آنفا.
س: كيف عملت على تنمية قدراتك اللغوية؟ بالقراءة فقط أم بأدوات أخرى؟
بالقراءة فقط، فمن خلال القراءة كنت أقف عند أي كلمة ولا أعرف معناها أقوم بتدوينها على ورق أعددته خصيصًا لهذا الأمر، ثم أعود وأبحث عن معناها على جوجل وتطبيق المعاني الذي حملته لاحقًا فأصبحت أمتلك حصيلة لغوية لا بأس بها.
كاتبك المفضل
س: من هو كاتبك المفضل والسبب؟
الأديب الروسي فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي؛ لأن كتاباته اجتماعية جدًا، فهو كاتب مخضرم وقد كتب وتعمق في النفس البشرية، وأنا أحب هذا النوع من الكتابات.
س: ما مقدار تأثير القراءة على صقل موهبة الكاتب وتنمية مهاراته؟
هذا السؤال في غاية الأهمية؛ لأنه لا قيمة للكاتب بدون القراءة، فالقراءة تعطي الكاتب معلومات قيمة، تزود حصيلته اللغوية، تفتح أمامه آفاق جديدة، ويتعرف من خلالها على أساليب وألوان عدة في الكتابة، يستفيد من طرق السرد والحوار المختلفة وهكذا.
معرض الكتاب هذا العام
س: ما رأيك في معرض الكتاب هذا العام؟ هل استطاع تعويض التأخير الذي حدث أم لا؟
كان هذا المعرض هو المحبب لقلبي ويعد أكثر معرض أحببته برغم إحباطي بعض الشيء بسبب روايتي، إلا أنه كان مبهج جدًا برغم الإجراءات الأمنية الصارمة، وإلغاء حفلات التوقيع والتجمعات بسبب الظروف الحالية.
س: ما هو شعورك عندما وطأت قدماك المعرض لأول مرة ككاتب ولك عمل ورقي منشور تمسك به يداك وتراه أمام ناظريك؟
كنت سعيد وخائف ومرتبك بعض الشيء!، ولا أريد لأحد أن يعرف أني كاتب ولي رواية في المعرض كنت أريد الاختباء ومتوجس خيفة من ردود الأفعال، لكن بعد أن لاقت روايتي رواجا كبيرا، هدأت وشعرت بالسعادة العارمة.
س: والآن بعد أن أصبح لك ثلاث روايات ولك قاعدة جماهيرية تحترم ما هو شعورك وانت تسير في ممر الأحلام بمعرض الكتاب؟
في الواقع ليست لي قاعدة جماهيرية كبيرة بما يكفي، لكن أستطيع القول بأنني كبرت شعوريًا، وأصبحت أتعامل مع الأمر بعقلانية أكثر، فإن اتبعت عواطفي لكففت عن الكتابة أو لأنهرت مكتئبًا بسبب أنني لا زلت غير معروف لفئة كبيرة من الناس.
س: برأيك هل نال الجيل الصاعد من الكتاب الشباب الفرصة التي يستحقونها والسبب؟
لا؛ بسبب كثرة الكُتّاب أنفسهم، ومنافسة مشاهير السوشيال ميديا لهم، فضاعت الكثير من المواهب التي تستحق تسليط الضوء عليها ودعمها.
الأدب في عصرنا الحالي
س: ما هو رأيك في حال الأدب في عصرنا الحالي؟
هناك كُتّاب معاصرين رائعين، لكني أرى أن معظمهم متعجل على الشهرة، لذلك يكتب ما يفضله الجمهور أكثر، ولا يكتب ما يفضله هو ويحبه، ومن هنا يصعب علي تصديق هؤلاء الكُتّاب؛ كيف يكتب ما لا يؤمن به؟
س: هل للحال الذي أصبح عليه الأدب حاليا تأثير على دور النشر وسياستهم المتبعة حديثا؟
بكل تأكيد دور النشر تنظر إلى ما يحتاجه الجمهور، وتحصر كاتبيها في لون معين، بغض النظر عن ما يميل إليه الكاتب بطبيعته، حتى أنني أعرف دار نشر معظم كاتبيها يكتبون الرعب فقط ، وذلك لأنه أصبح المطلوب من قبل الجمهور في الوقت الحالي، ويؤسفني كل هذا القدر من التركيز على المادة دون التركيز على المحتوى والتأثير.
من المسؤول
س: من المسؤول عن هذه الحال التي وصل إليها الأدب في عصرنا الحالي؟
سؤال محير.. لكن أعتقد أن جزء كبير من اللوم يقع على عاتق دور النشر، ففي الآونة الأخيرة صار المشاهير يصنعون كتبًا، لا الكتابة تصنع مشاهير!، فأصبح أي مشهور يفكر في الكتابة ويكتب بالفعل، ودور النشر تقبل وتغض الطرف عن جودة العمل ومدى تأثيره؛ فقط لأنها سوف تضمن حجم مبيعات جيد.
س: هل للنشر بمقابل مادي الأثر الأكبر في إحداث فجوة بعالم النشر؟
نعم أحدث فجوة، وتسبب في إحباط الكاتب واكتئابه، وتفكيره في التخلي نهائيًا عن الكتابة؛ لأن الكاتب الذي يقبل أن يدفع المال مقابل نشر إبداعه غالبًا ما يكون كاتب شاب مبتدأ لا يملك الخبرة أو الجماهيرية التي تساعده، والدار تلعب على هذه النقطة، وأي دار نشر تفعل ذلك ليست مهتمة لا بالكاتب، ولا بصناعة الثقافة هي مهتمة فقط بالعائد المادي والربح وشاهدنا الكثير من الكتاب يشتكون من عدم الترويج لكتاباتهم وإهمال هذه الدور لهم!
س: برأيك كيف يستطيع كاتب صاعد خوض هذا المضمار المليء بالصعوبات وتحقيق النجاح المرجو؟
حسنًا.. سؤال جيد جدًا؛ لأنه ينطبق علي بغض النظر عن كوني جيد أم لا.
برأيي أن على الكاتب الذي يمتلك الموهبة أن يدرس كثيرًا، ويقرأ كثيرًا جدًا، وعندما يكون جاهزًا بعمل، لا يتعجل النشر، ويعرضه على أكثر من صديق يثق في رأيه الحيادي، ربما ملحوظة كانت غائبة عنه يقوم بتعديلها، ويسعى بقدر الإمكان أن يجعل له جمهورًا يتابعه على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يعرضه على دور النشر الموثوق بها بعد ذلك، فالدعاية مهمة جدًا جدًا.
النشر الإلكتروني
س: برأيك هل النشر الإلكتروني على المنصات المختلفة يمكن أن يصبح بديلا للنشر الورقي مستقبليا؟
لا أعتقد.. لكنه فرصة جيدة لكاتب يمتلك الموهبة ولا يمتلك الجمهور.
س: ذكرت سابقا انه تم نشر مجموعة قصصية الكترونيا على احدى منصات التواصل الاجتماعي فهل وجدت الصدى الذي كنت تتوقعه ام للنشر الورقي مميزات أكثر من النشر الإلكتروني؟
نعم لاقت صدى كبيرًا، فقام بتحميلها أكثر من 40 ألف شخص من مختلف الدول العربية؛ لأنني أتحتها مجانًا للتحميل، أعتقد أن النشر الإلكتروني يساعد أكثر على الانتشار، لكن للنشر الورقي مذاق خاص.
الأعمال المنشورة
س: حدثني عن أعمالك المنشورة؟
بدأ اهتمامي بالأدب في عام 2016 عندما كنت في الأردن، حيث اكتفيت بالقراءة فقط تمهيدا للكتابة لاحقا، فبدأت قراءتي بكتاب الأعمال الكاملة للكاتب الألماني فرانز كافكا، ثم قرأت لمعظم كبار الأدب الغربي والعربي.
بدأت أكتب عام 2017، كتبت مجموعة قصصية نشرتها لاحقًا إلكترونيا بعنوان “كتاب العمر”. ثم كتبت رواية نُشرت ورقيًا بعنوان “دماء ملعونة” وأخرى بعنوان “لولاها”. ثم جاءتني فكرة أن أجمع الخواطر القصيرة والمقالات التي كتبتها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك في كتاب . وقد تم ذلك الأمر وتم نشره إلكترونيا.
وهذا العام كتبت روايتي الورقية الثالثة بعنوان:” تمثال الخزف”. وشاركت بها في معرض القاهرة الحالي. كما أنني كتبت فصل خاص بي في رواية جماعية مع بعض الأصدقاء بعنوان: “ربما في حياة أخرى “.
دماء ملعونة
س: ما الذي ألهمك لكتابة هذه الروايات وسبب اختيار هذه الأسماء المميزة جدا؟ دماء ملعونة.. هي رواية اجتماعية بها مسحة خيال، تتكلم عن الظلم، كتبتها عندما عدت من الأردن لمصر.. واختيار الاسم كان من مديرة الدار لأنه اسم تجاري بينما انا اخترت لها من قبل” الضوء الأخضر “كي يعبر عنها ففي الرواية كائن نشأ من الظلم، ظلم الناس لبعضها، وصار يتغذى عليه، طالما الناس تظلم بعضها فهو موجود، كلما قتل أحدهم أحدًا ما، كأنه يعطيه الضوء الأخضر لأن يقتله هو الآخر.
بينما في رواية “لولاها” تتكلم عن شخص ماتت عائلته في حادث، وبقى هو يصارع مشاعر الوحدة، واضطراباته النفسية وأفكاره الدينية، كان من الممكن أن يتجه للإلحاد، وأنتِ تعرفين أن مثله كثير في المجتمع حاليًا، لهذا كتبتها كنوع من ردع أولئك الشباب.. سبب اختيار الاسم، إن ذكرته سأحرق الرواية.
رواية “تمثال الخزف”
في رواية “تمثال الخزف.”. هي أول رواية فكرت في كتابتها ولسبب ما أجلتها ثلاثة سنوات وكتبت قبلها روايتين. هي تتكلم عن الغربة، غربة المشاعر والأوطان. فكرت فيها وأنا في الأردن، ثم كتبتها في مصر. سبب تسميتها تمثال الخزف، لأنه يوجد تمثال من الخزف في منزل البطل، يعتبر بطلاً من أبطال الرواية وهي مفاجأة حقيقية للقراء.
س: ما هي أحلامك وتطلعاتك للمستقبل؟
أن تصل كتاباتي تصل للناس، لو فيها عظة يتعظون، حكمة يعملون بها، تجربة يتعلمون منها، ضحكة يضحكون، معلومة يستفيدون. أحب جدًا أن أكون مؤثر، وأن أضحى واحدًا من الكُتّاب المعروفين، وأن تُترجم أعمالي.
في الختام نتمنى لك التوفيق والنجاح.
اقتباس:
“مَن يخبر القمر أنَّه صديقٌ وفي مخلص ومستمع جيِّد..؟!
وربَّما لذلك هو ليس كافيًا؛ فالمرء يحتاجُ لمن يحدِّثه مثلما يحتاج لمن ينصتُ إليه.“
إقرأ أيضاً