قصيدة “قارئة الفنجان” لنزار قباني: نقد في الحب والمصير هي قصيدة ابدع في كتابة كلماتها، بكل براعة بل وحب، جمعت ما بين كلمات الشجن والحب والشوق، أستطاع نزار قباني شاعر الحب والمرأة كما أسموه، وليتحول بعد عام 1976 هذا العام الذي أحدث فارقاُ في حياته ليدخل عالم السياسة، تغنى لنزار قباني الكثير من الفنانون، كان منهم كاظم الساهر، وماجدة الرومي، ولا ننسى تلك القصيدة التي تغنى بها الفنان عبد الحليم حافظ رحمه الله، وسوف نستعرض تلك القصيدة واجمل ما احتوته.
قصيدة “قارئة الفنجان” لنزار قباني: نقد في الحب والمصير
جَلَسَت والخوفُ بعينيها
تتأمَّلُ فنجاني المقلوب
قالت:
يا ولدي.. لا تَحزَن
فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
يا ولدي،
قد ماتَ شهيداً
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتُكَ أسفارٌ وحروب..
ستُحِبُّ كثيراً يا ولدي..
وتموتُ كثيراً يا ولدي
وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرض..
وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحانَ المعبود
فمُها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتُها موسيقى و ورود
لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ..
وطريقكَ مسدودٌ.. مسدود
فحبيبةُ قلبكَ.. يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصرُ كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسُهُ.. وجنود
وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ..
من يدخُلُ حُجرتها مفقود..
من يطلبُ يَدَها..
من يَدنو من سورِ حديقتها.. مفقود
من حاولَ فكَّ ضفائرها..
يا ولدي..
مفقودٌ.. مفقود
بصَّرتُ.. ونجَّمت كثيراً
لكنّي.. لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبداً يا ولدي..
أحزاناً تشبهُ أحزانك
مقدُورُكَ.. أن تمشي أبداً
في الحُبِّ .. على حدِّ الخنجر
وتَظلَّ وحيداً كالأصداف
وتظلَّ حزيناً كالصفصاف
مقدوركَ أن تمضي أبداً..
في بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوع
وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ…
وترجعُ كالملكِ المخلوع.
تفسير قصيدة قارئة الفنجان
يذهب بنا نزار قباني بعيدا في رحلة خيالية، في عالم الفلك والتنجيم وكان هذا الحبيب من قلقة وقلة حيلته، ذهب لتلك المنجمة لتخبره عن أخبار حبيبته وقصة حبة، وما هو مصيره؟
فإذا بها تأخذ فنجان القهوة الخاصة به لتخبره عن خوفها الكبير عندما رأت مصيرة، لتقول له أن لا يحزن، ولا تقلق لا مفر من الحب فهو المكتوب عليك، وتقوم بتهدئة قلبه لتقول له ان للحب الكثير من الشهداء الذين أفنوا اعمارهم وحياتهم فداء لمن يحبون.
ثم أكملت قائلة: بالكثير من الأشياء الغير مطمئنة لتقول له أن حياته مليئة بالأشياء المرعبة والاحداث المخيفه، بل أن حياته مليئه بالصراعات والخلافات.
ومن ثم تخبره أنه سيحب الكثير من النساء عبر رحلات حياته، وستمر عليه مئات النساء، لتظل تلك المراة التي عيناها تسحر وتؤثر، وتقوم بوصفها لظهر فمها المرسوم كعنقود، وعندما تسمع ضحكتها كأنك تسمع ألحان وموسيقى رائعة.
وترتعب فجأة لتغير مصيره في لحظة وتخبره ان حياتك ستنقلب رأس على عقب أن كل الطرق أمامه مغلقة، فحبيبته في قصر لا يستطيع أن يصل له محاط بالكثير من الحراس والاهوال، ومن يحاول الوصول لها سوف يضيع ويتوه وربما سوف يموت.
مفسره أن من يدخل حجرتها لن يستطيع الخروج، او من يقف أمامها لن يستطيع، بل أن من يحاول ان يفك ضفائره هو ضائع وتائه، ومن ثم تخبانها لمره تلك المنجمة ان فنجانه من أكثر الأشياء التي أستوقفتها في حياتها، فهو فنجان شخص منحوس حياته صعبة للغاية.
بل انها لم يمر عليها رجل أشد حزناً منها، فشبهت حياته كرجل واقف على حد سيف، ولتخبره أن كل الأقدار تؤدي الى طريق واحد ولا مفر منها، وأن حياته ستكون دائماً مليئة بالحزن، بل وسيظل وحيداً كتلك الأصداف الملقاه على شواطئ البحر.
علاوة على كل ما سبق انه سوف يبحر في بحر حبه وعشقه وحيداً، لتكون سفينته بدون شراع أو قلوع وبدون أي توجيهات، وسوف يعود في النهاية بدون حب باكياً مخلوع من العرش.
- أقرأ أيضاً: شعر نزار قباني : بين الرومانسية والسياسة